مواضيع اليوم

بشارات مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم (الحلقة 4 والأخيرة)

مصعب المشرّف

2010-02-25 22:59:53

0

 

بشارات مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم

(الحلقة الرابعة والأخيرة)

 

 

الله أعلم حيث يجعل رسالته:

ومن طرائف ما يروى في البشارات بمولده صلى الله عليه وسلم أن أربعة نفر من بني تميم خرجوا يوما في سفر فلما شارفوا حدود الشام نزلوا على غدير عليه شجيرات يستريحون فتحدثوا ، فسمع كلامهم راهب فجاء إليهم فقال:
- إن هذه لغة ليست بلغة أهل هذه البلاد .
- فقالوا له: نعم نحن قوم من مُضَر ،
- فقال الراهب: من اي المضرين؟
- قالوا: من خِنْدف .
- قال: اما انه سيبعث وشيكا نبي خاتم النبيين ، فسارعوا إليه وخذوا بحظكم منه ترشدوا .
- فقالوا له: ما أسمه؟
- قال: إسمه محمد .
فرجع هؤلاء إلى ديارهم فلما ولد لكل واحد منهم ولد سارع فأسماه محمداً طمعا في أن يكون هو النبي المبشر به.

بشارة الأوس بن حارثة بن عامر (جد الأوس):

كان الأوس والخرزج شقيقان . وفي حين تزوج الخزرج في صغره فإن شقيقه الأوس تزوج متأخرا في السن . فكان للأوس ولد واحد إسمه مالك ، وكان للخزرج خمسة أولاد ذكور . فعلم الأوس من بعض الكهنة أنه سيكون من صلبه وصلب أخيه الخزرج قبيلة تحمل إسمه وأخرى تحمل إسم أخيه يكتب لهما نصرة خاتم الانبياء وسيد المرسلين فتنالان بذلك شرف الدنيا والآخرة. .... ثم أنه تصادف لما حضرت الوفاة الأوس أن اجتمع حوله بعض أصدقائه ومن اهله فقالوا له يلومونه : إنك تحتضر ، وكنا نأمرك بالزواج في شبابك فتابى ، وهذا أخوك الخزرج له خمس بنين ، وليس لك غير ولدك "مالك" .
فقال لهم الأوس : " لن يهلك هالك ترك مثل مالك" ، إن الذي يخرج النار من الوثيمة (الحجارة) قادر أن يجعل لمالك نسلاً ورجالا بُسُلاً وكلٌ إلى الموت.
ثم أدنى ولده مالك إليه ، وظل ينصحه ويوصيه ثم ارتجل قصيدة من عدة أبيات جاء في ختامها قوله:
ألم يات قومي أن لله دعوة ..... فوز بها اهل السعادة والبرّ
إذا بعث المبعوث من آل غالب .... بمكة فيما بين مكة والحِجْرِ
هنالك فأبغوا نصره ببلادكم ..... بني عامر إن السعادة في النصر
يبشره بمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة ، ويطلب من نسله نصره عندما يأمره الله عز وجل بالإنتقال إلى يثرب (المدينة المنورة).
ثم أسلم الروح.
ومن المفارقات ان تعداد الأوس من ظهر مالك كان في يثرب يوم ظهر الاسلام أكثر عددا من تعداد الخزرج .

قصة أم قتال بنت نوفل وقيل فاطمة الخثعمية:

ذكر عن إبن إسحق قوله أنه عندما أخذ عبد المطلب بن هاشم إبنه عبد الله لتزويجه مرا على الكعبة المشرفة في طريقهما . فاستوقفت عبد الله إمرأة يقال لها "أم قتال" من بيني اسد بن عبد العزى وهي شقيقة ورقة بن نوفل فنظرت في وجهه (وكان فيه نور مضيء) فسألته إلى أين يذهب ؟
- فقال لها عبد الله: مع ابي
- قالت: لك مثل الإبل التي نُحِرَتْ عنك وَقَعْ عَـلَيّ الآن (تقصد أن يضاجعها فوراً ).
- فقال لها عبد الله : أنا مع أبي ولا استطيع خلافه ولا فراقه.
ثم أسرع عبد الله يلحق بأبيه . فتوجه به حتى دخل على وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر (أخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم) . وكان وهب حينذاك زعيم بني زهرة وسيدهم وقد تقدم به السن. فخطب عبد المطلب السيدة "أمنة بنت وهب" لإبنه عبد الله ودخل عليها من فوره فحملت بسيد الخلق.
وبعد إنقضاء ثلاثة أيام من إقامة عبد الله بن عبد المطلب مع عروسه خرج يريد تجارته وأعماله ومعايشه . فالتقى في طريقه مرة أخرى بأم قتال التي سبق وأن عرضت عليه مائة من الإبل نظير مضاجعته لها تلك الليلة ، ولكنه فوجي بها تعلاض عنه ولا تهتم به فقال لها:
- مالك لا تعرضين عليّ اليوم ما كنت عرضت بالأمس؟
فقالت له:
- فارقك النور الذي كان معك بالأمس فليس لي بك حاجة .

ويقال أن هذه المرأة (أم قتال) كانت تسمع من اخيها ورقة بن نوفل أنه قد آن أوان مولد نبي آخر الزمان ، فتوقعت ان يكون في صلب عبد الله بن المطلب لِمَا عُرفَ عنه (حين تكوّنت النُطْفَة) من النور في جبهته وقيل وجهه بأكمله . وكانت بعض نساء الوجهاء والأثرياء والسادة في قريش يتداولن في جلسات الفراغ والدعة الخاصة بينهن ظاهرة النور الذي يحمله عبد الله في وجهه وجاذبيته ، ويعترضن طريقه كثيرا بهدف إغوائه إعجابا به . ولكن الله عز وجل عصمه منهن لأمر كان مفعولا ولا راد لأمره عز وعلا . فكانت أم قتال بنت نوفل تطمع أن تكون هي أم سيد الخلق صلى الله عليه وسلم . ومن جهلها وجاهليتها تظن ان الله عز وجل يمكن أن يجعله من لقاء حرام في رحم حرام أو من تفكر في ممارسة الحرام إبتدا ؛ فاعترضت طريق عبد الله حين علمت بأنه ذاهب للزواج من آمنة بنت وهب ... فجعله الله عز وجل في أشرف عنصر واطيب أصل . وحيث يقول عز وجل (الله أعلم حيث يجعل رسالته) 124 الأنعام .
ولكن رواية أخرى (هي الأرجح) جاءت مخالفة لما ذكر أعلاه . حيث قيل أن عبد الله بن عبد المطلب عندما أخذه أبيه عبد المطلب لتزويجه بالسيدة آمنة بنت وهب اعترضت طريقة إمراة يهودية كاهنة إسمها فاطمة بنت مر الخثعمية ، فرات النور في وجهه فقالت له:
- "يا فتى ؛ هل لك أن تقع عليّ الآن واعطيك مائة من الإبل؟"
فامتنع عنها وقال لها :

أما الحرام فالممات دونه ..... والحِلُّ لا حِلّ فأستبينه
فكيف بالأمر الذي تبغينه ..... يحمي الكريم عرضه ودينه

ثم أنه بعد دخوله على السيدة آمنة بنت وهب خرج بعد ثلاث ليال فروادته نفسه للكاهنة طمعا في الإبل فذهب إليها فقالت له:
- ما صنعت بعدي في تلك الليلة ؟
فأخبرها بأمر زواجه.
- فقالت له: "والله ما أنا بصاحبة ريبة (تقصد أن الزنا ليس بمنهج لها) ، ولكني رايت في وجهك نوراً فاردت أن يكون فيّ . وأبى الله إلاّ أن يجعله حيث أراد" . وأنشدت في ذلك شعرا.

قـصة الكتابي اليمني:

ومن بين القصص الأخرى التي تروى على لسان عبد المطلب بن هاشم جد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "خرجت إلى اليمن ضمن قافلة رحلة الشتاء فنزلت على حبر من اليهود ، فقال لي رجل من اهل الكتاب :
- يا عبد المطلب أتأذن لي ان أنظر إلى بعضك؟
فقال عبد المطلب :
- نعم إذا لم يكن عورة.
ثم واصل عبد المطلب قائلا: ففتح الكتابي إحدى منخري فنظر فيه ، ثم نظر في الآخر فقال:
- أشهد أن في إحدى يديك ملكا ، وفي الأخرى نبوة ، وإنا نجد ذلك في بني زهرة فكيف ذلك؟
قال عبد المطلب :
- لا أدري.
قال الكتابي :
- هل لك من شاغة؟
فسأله عبد المطلب :
- وما الشاغة؟
قال :
- زوجة.
قال عبد المطلب:
- فأما اليوم فلا.
فقال الكتابي:
- فإذا رجعت فتزوج فيهم.
فلما رجع عبد المطلب إلى مكة تزوج هالة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة فولدت له حمزة وصفية رضي الله عنهما . ثم زوج إبنه عبد الله بالسيدة آمنة بنت وهب فولدت سيد الخلق صلى الله عليه وسلم.

ليلة مولد سيد الخلق:

لما كانت الليلة التي ولد فيها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، الإثنين 12 من ربيع الأول ، إرْتَجَفَ إِيوانُ (قاعة ضخمة) كِسْرى وسقطت منه أَربع عشرة شُرْفةً، وخَمِدَتْ نار فارِسَ ولم تَخْمَدْ قبل ذلك مائة عام ، وغاضت بُحَيْرَة ساوَةَ؛ ورأَى المُربِذانُ إِبلاً صِعاباً تقود خيلاً عِراباً قد قطعت دِجْلَة وانتشرت في بلادهم، فلما أَصبح كسرى أَفزعه ما رأَى . فلبس تاجه وأَخبر مرازِبَتَه بما رأَى، فورد عليه كتاب بخمود النار؛ فقال المُربِذانُ:
- وأَنا رأَيت في هذه الليلة حلما أفزعني ، وقَصَّ عليه رؤياه في الإِبل،
فقال له كسرى :
- وأَيُّ شيء يكون هذا؟
قال :
- حادث من ناحية العرب.
فبعث كسرى إِلى النعمان بن المنذر: أَنِ ابْعَثْ إِليَّ برجل عالم ليخبرني عما أَسأَله ؛ فَأرسل إِليه بعبد المَسيح بن عمرو بن نُفَيلَة الغسَّانيّ، فأَخبره كسرى بما رأَى ؛ فقال له عبد المسيح : علم هذا عند خالي الكاهن سَطِيح، قال: فأْتِه وسَلْه وأْتنِي بجوابه.
َسافر عبد المسيح حتى وصل إلى الكاهن سَطِيح فوجده في الرمق الأخير على فراش الموت فلما عرف سطيح بمقدم عبد المسيح ووقوفه إلى جانب فراشه رفع رأسه ينظر ثم قال له :
" عبدُ المسيح، على جَمَل مُشيح، أِتى سَطيح، وقد أَوْفى على الضَّريح، بعثك مَلِكُ بني ساسان، لارتجاس الإِيوان، وخُمُود النيران، ورُؤيا المُربِذان، رَأَى إِبلاً صِعاباً، تَقُود خَيْلاً عِراباً، قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها ، يا عَبْدَ المسيح إِذا كثرت التِّلاوَة، وظهرَ صاحب الهِِرَاوَة، وفاض وادي السّمَاوَة ، وغاضَتْ بُحَيْرَة سَاوَة، وخمدت نار فارس ، فليست بابل للفرس مقاماً ولا الشام لسطيح شاما ، يملك منهم مُلوكٌ ومَلِكات، على عددِ الشُّرُفاتِ ، وكل ما هو آتٍ آت " ثم فاضت روح الكاهن سطيحٌ بعدها على الفور.... وعمره آنذاك قد ناهز 300 سنة.
أما عبد المسيح فركب راحلته وعاد من وقته إلى كسرى يَخبره بقول سطيح؛ فقال كسرى:
- إِلى أَن يملك مِنّـا أَربعة عشر ملكاً تكون أُمور .
فملك منهم عشرة ملوك في أَربع سنين لا أكثر ، وملك الأربعة الباقون إِلى زمن عثمان، رضي الله عنه ثم بادت دولة الأكاسرة.

وآخر ملوك الفرس الأكاسرة كان الملك يزدجرد بن شهريار بن أبرويز بن هرمز بن أنو شروان بعد أن إستمر ملك اسرته مدة 3164 سنة حين تاسس على يد خيومرت بن لاوذ بن سام بن نوح عليه السلام.

والهِراوةُ هي العَصا، وقيل: العصا الضَّخمةُ، والجمع هَرَاوَىَ.. ويقصد الكاهن سطيح بقوله (صاحب الهراوة) رسولَ الله،صلى الله عليه وسلم، . هكذا أخبرت به الجان الكهنة قبل أن يولد عليه الصلاة والسلام فكان بالفعل يُمْسِك العصا بيده كثيراً ، وكان يُمْشى بالعَصا بين يديه وتُـغْرَزُ له في الأرض لتفصل بينه وبين من يمر أمامه خلال أدائه الصلاة صلى الله عليه وسلم . ومن المرسلين الذين حملوا العصا في أيديهم كان موسى عليه السلام أيضاً ... وربما كان لاشتغال رسول الله صلى الله عليه وسلم بمهنة الرعي في صباه ثم ميله للخلاء أثـره في دأبه على حملها .
ومما هو جدير بالذكر أن الجان كان يتصعد فوق بعضه حتى يقترب من السماء الأولى فيسترق السمع ويتصنت الأخبار عما هو كائن في الأرض حيث تنزل تصاريف القدر من السماء السابعة إلى السماء الأولى فيقراها ويسمع بها الملائكة الموكلون فيحدثون بعضهم بها . وظل الأمر على هذا النحو غير منهي عنه إلى أن فوجئت الجن بمنعهم من استراق السمع وقد رصدت لهم شهباً حارقة فعادوا يحدثون زعمائهم في الأرض فوصل الخبر إلى إبليس الرجيم الأحمق . فقال لأعوانه :
- لابد ان شيئا ما حدث في الأرض فأرسلوا جنودكم يذهبوا ويسيحوا في الأرض ويتحسسوا الأخبار .
فلبث جنود إبليس فترة ثم عادوا إليه يقولون لم نرى شيئا .فهاج عليهم اللعين ووضعهم في السجون والأغلال وأمر زبانيته إذاقتهم صنوف التعذيب والهوان . وما زال يبعث العيون يتحسسون دون فائدة ، حتى يئس منهم فنهض من عرشه المزعوم وطفق يجوب أركان الأرض يبحث بنفسه حتى التفت إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة فطاف بمنطقة الحرم فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجماعة من أصحابه يصلون جماعة في أطراف مكة فارتجف وعاد مسرعا يلطم وجهه ويصيح مذعوراً بخبر مبعث سيد الخلق ونبي آخر الزمان وخاتم الأنبياء والمرسلين عنيه ذلك من الخير لكثير من البشر وقرب قيام الساعة .
وذاع أمر مبعث سيد الخلق حتى علمت به الكافة من شعوب الجان أخيارهم وأشرارهم . فأتى بعض الخيرين منهم مكة المكرمة للوقوف على حقيقة الأمر ، فكان أن سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ويرتل القرآن الكريم _ قيل في طريق عودته من الطائف فآمنوا بالرسالة.
ونزل جبريل عليه السلام يُطيِّب خاطر الرسول صلى الله عليه وسلم ويُسَـلّيه وهو جالس على حجر خارج مكة والدماء تسيل من قدميه ورأسه ، بعد ما ألمّ به من سفهاء الطائف وعدم استجابتهم للدعوة فـبلّـغه إيمان نفر من الجن به في قوله عز وجل: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2) } - الجن
ومن بين فصول تلك اللحظات الحانية من الله عز وجل تجاه حبيبه المصطفى أن جبريل عليه السلام قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم . (وكانت على مكان ليس بالقريب منه شجرة أخرى) :
- أدع يا محمد هذه الشجرة إليك بإذن الله .
فدعاها عليه الصلاة والسلام إليه فاقتلعت نفسها من فورها وجاءت ترفل في جذورها حتى دنت منه .
فقال له جبريل عليه السلام :
- مُرْها ترجع مكانها بإذن الله .
فأمرها عليه الصلاة والسلام بالعودة فعادت إلى حيث كانت والتأمت حولها الأرض .....
والرسالة التي أراد الله عز وجل أن يبلغها لحبيبه وخليله المصطفى في تلك اللحظات الحالكة هي أنه لو شاء الخالق لجعل كافة الخلق يؤمنون ويدخلون في دين الله من فورهم ويطيعونه من فورهم دون تردد مثل ما أطاعته هذه الشجرة بإذنه تعالى وهي النبات الذي لا ينطق ولا يعقل قول البشر .

(النهاية)




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات