مواضيع اليوم

بشارات مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم (الحلقة الثالثة)

مصعب المشرّف

2010-02-23 10:55:00

0

 

بشارات وإرهاصات
مولد الحبيب المصطفى


(الحلقة الثالثة)

بشارة سيف بن ذي يزن الحميري

بعد أن قضى سيف بن ذي يزن الحميري بمساعدة الفرس على دولة الحبش في اليمن وأعاد ملك اجداده توافد عليه العرب من كل الأصقاع للتهنئة . وكان فيمن أتاه وفد قريش وفيهم عبد المطلب بن هاشم وأمية بن عبد شمس وخويلد بن اسد وعدد من وجهاء قريش وسادتهم . فاستأذنوا بالدخول فسمح لهم وقدّم وفد قريش زعيمهم عبد المطلب بن هاشم ليتحدث نيابة عنهم فابتدره سيف بن ذي يزن بقوله:

- إن كنت ممن يتكلم بين يدي الملوك فقد أذنا لك.

فتحدث عبد المطلب وأثنى عليه ومدحه وهنأه بإعادته ملك اسلافه وعرّفه بأنهم أهل الحرم المكي الشريف قدموا وفد تهنئة.

فقال له الملك سيف:

- وأيهم أنت أيها المتكلم؟

قال : أنا عبد المطلب بن هاشم .

فاستدركه الملك قائلا:

- إبن أختنا ؟

قال عبد المطلب:

- نعم.

فقال الملك :

- أدْنُ مني.
وهي عبارة يطلقها الملوك إذا أرادوا تقريب شخص إليهم وبما يعني الرضا عنهم . ومن ثم قربه إليه واجلسه إلى جانبه وأقبل عليه وعلى وفد قريش بوجهه يؤانسهم ويخاطبهم . ثم أمر بإنزالهم في دور الضيافة . وظلوا مقيمين بها شهراً كاملاً استدعى الملك سيف بن ذي يزن بعده عبد المطلب إليه وجلس معه وحده دون أحد آخر وقال له:

- يا عبد المطلب إني مُفْضٍ إليك من سر علمي ما لو يكون غيرك لم ابح به . ولكني رايتك معدنه فأطلعتك عليه ، فليكن عندك مطويا حتى يأذن الله فيه ، فإن الله بالغ أمره . إنّي أجد في الكتاب المكنون والعلم المخزون الذي اختزنّاه لأنفسنا واحتجناه دون غيرنا خبرا عظيما ، وخطرا جسيما فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاء للناس عامة ولرهطك كافة ولك خاصة.

فقال عبد المطلب:

- أيها الملك مثلك سَرّ وبَرّ ، فما هو ، فداؤك اهل الوبر زمرا بعد زمر ؟

قال الملك:

- إذا ولد بتهامة ، غلام به علامة ، وبين كتفيه شامة ، كانت له الإمامة ، ولكم به الزعامة إلى يوم القيامة.

قال عبد المطلب:

-  أبيت اللعن ، لقد أبنت بخير ما آب به وافد ، ولولا هيبة الملك وإجلاله وإعظامه لسألته من بشارته إياي ما أزداد به سرورا. (يقصد بطريقة دبلوماسية ذكية أن يطلب من الملك الإيضاح أكثر )

قال الملك سيف بن ذي يزن يوضح له أكثر :

- هذا حينه الذي يولد فيه أو قد ولد ، وإسمه محمد ، يموت أبوه وأمه ، ويكفله جده وعمه ، ولدناه مرارا والله باعثه جهاراً ، وجاعل له منا أنصاراً (يعني الأوس والخزرج لأن أصولهم من اليمن) ، يعزُّ بهم أولياءه ويذلّ بهم أعداءه ، ويضرب بهم الناس عن عرض ، ويستبيح بهم كرائم الأرض ، يكسر الأوثان ويخمد النيران ، يعبد الرحمن ويدحر الشيطان ، قوله فَصْل ، وحكمه عدل ، يأمر بالمعروف ويفعله ، وينهى عن المنكر ويبطله.

فقال عبد المطلب :

- أيها الملك عزّ جدّك ، وعلا كعبك ، ودام ملكك ، وطال عمرك ، فهل الملك سار لي بإفصاح فقد أوضح لي بعض الإيضاح.

فقال الملك:

- والبيت ذي الحجب والعلامات على النُّصُب إنك يا عبد المطلب لجدُّه غير كذب.

فلم يتمالك عبد المطلب نفسه فخــرّ ساجداً يحمد ربــّه .

فقال له الملك بن ذي يزن:

- أرفع رأسك ثـَلِجَ صدرُك ، وعلا امرك ، فهل أحسست شيئا مما ذكرت لك؟

أجاب عبد المطلب:

- أيها الملك كان لي إبن وكنت به معجباً وعليه رفيقا ، فزوجته كريمة من كرائم قومه إسمها آمنة بنت وهب ، فجاءت بغلام سميته محمداً ، فمات أبوه وأمه وكفلته أنا وعمه (يقصد ابا طالب) الذي كان شقيق عبد الله.

فقال له الملك:

- إن الذي قلت لك كما قلت ، فاحتفظ بإبنك واحذر عليه اليهود فإنهم له اعداء ، ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا ، وأطو ماذكرت لك دون هؤلاء الرهط الذين معك ، فإني لست آمن من ان تدخلهم النفاسة (الحسد والغيرة) من أن تكون لكم الرئاسة ، فيطلبون له الغوائل ، وينصبون له الحبائل ، فهم فاعلون أو أبناؤهم ، ولولا أني أعلم أن الموت مجتاحي قبل مبعثه لسرت بخيلي ورَجِلي حتى أصير بيثرب دار مملكته ، فإني أجد في الكتاب الناطق والعلم السابق أن يثرب استحكام أمره وأهل نصرته وموضع قبره ، ولولا أني أقيه الآفات واحذر عليه العاهات لأعلنت على جداثة سنه أمره ولأوطأت أسنان العرب عَقِبَه ، ولكني صارفٌ ذلك إليك عن غير تقصير بمن معك.

وعند أوان رحيل وفد قريش أكرم الملك سيف بن ذي يزن وفادتهم فأمر لكل رجل منهم بعشرة من العبيد وعشرة من الإماء وبمائة من الإبل وحُـلـّتـَيْنِ من البُرودِ (ملابس) وبخمسة ارطال من الذهب وعشرة أرطال فضة وجراب مملوء عنبراً. ثم أمر لعبد المطلب بعشرة أضعاف ما منحة للرجل الواحد من الوفد . وقال له: إذا حال الحول (يعني بعد عام) فائتني ، ولكن سيف بن ذي يزن مات قبل أن تتم السنة.
وعندما كانت قريش تحسد عبد المطلب في كمية الهدايا التي تلقاها من الملك سيف بن ذي يزن وقدرها مائة عبد ومائة أمة وألف من الإبل وعشرون حلة من البرود وخمسين رطلا من الذهب وخمسين رطلا من الفضة وعشرة أجربة مملوءة عنبرا ، كان عبد المطلب يقول للملأ من قريش: لا يغبطني رجل منكم بجزيل عطاء الملك فإنه إلى نفاذ ، ولكن ليغبطني بما يبقى لي ولعقبي من بعدي ذكره وفخره وشرفه.

فكانوا إذا قالوا له:

- ومتى ذلك؟ .......  يرد عليهم بقوله:

- سَيـُعْلم ولو بعد حين.

 

(يتبع الحلقة الرابعة والأخيرة إنشاء الله)





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات