إنّ التطوّرات الأخيرة في حمص و ما آلت اليه الأمور من مصالحة بين طرفي النزاع في سوريا،تبعث على الأمل و تبشّر بخير رغم أنّها قد أدخلت الثورة السورية في نفق مظلم بسبب عدم معرفة ملابسات الأحداث في سوريا وطبيعة هيكلية المعارضة السورية المتشتتة على نفسها. لكنّ أي عمل يصبّ في مصلحة السكان العاديين وتخفيف وطئة الحصار والحرب الدائرة في سوريا مرحّب به وإن أتى ذلك ممن يدعم وبصورة علنية نظام الحكم في سوريا وهو النظام الإيراني.
إنّ الإتفاق الأخير بين النظام السوري و المعارضين والذي قد أفضى الى إطلاق سراح عدد من الرعايا الإيرانيين ضمن صفقة قد أبرم بين المعارضة وحكومة بشار الأسد برعاية أممية.ما يشير الى أنّ للنظام الإيراني يد طولى في التوصّل الى الإتفاق المذكور. فقد أيّد النظام الإيراني وعلى لسان عدد من النوّاب في البرلمان صحّة إطلاق سراح عدد من الأسرى الإيرانيين في الصفقة التي أجريت بين المعارضة و السلطات السورية ما يزيد من الشكوك والتي كانت بالأساس تدور حول تدخل إيران بالأزمة السورية.
الأخطاء التي ارتكبها النظام الإيراني في سوريا تبدو قاتلة لأنها لم تأخذ بالحسبان مستقبل الصراع الذي اشتعل هناك واستمرت فتيل الأزمة فيه لأكثر من ثلاثة أعوام. وأيضاً من الأخطاء التي ورّط الإيرانيون أنفسهم به هم ربط مصير النظام بمصير الحكومة السورية التي تقتل شعبها علناً وأمام مرآى ومسمع العالم .
إنّ إفضاء طابع القدسية على الصراع السوري من قبل قادة في الحرس الثوري عقّد الأمور وسعّب معالجتها فقد صرّحت قيادات إيرانية ولعدة مرات أنّ ما يحدث في سوريا هو عبارة عن استمار للدفاع المقدّس أي الحرب الإيرانية العرقية و التي استمرت ثمانية سنوات بين البلدين. في حين أنّ إيران ليست بحاجة لخوض مثل هكذا حرب ولا بحاجة لإنفاق المليارات من الدولارت على الحرب السورية في حين أنّ الشعوب في إيران بأمس حاجة لمثل هذه الثروة التي أهدرت على إطالة أمد الصراع وبرهانات خاسرة على حكومة منبوذة من قبل شعبها.
لكنّ الحكومة التي يترأسها روحاني برغم العراقيل التي يضعها الحرس والتيارات المتشددة في طريقها لعدم الخوض في قضايا إقليمية حساسة مثل الصراع السوري أو التقارب الإيراني الخليجي والسعودي .إلاّ أنّها تحاول أن تتخطى تلك المعوّقات من خلال التهدئة المتبعة في الملف النووي وقد لا نستبعد لتلك الحكومة دور في المصالحة التي جرت في حمص .
تلك المصالحة لوثبت أنّ لإيران دور ريادي فيها فإنها قد توحي بأنّ هنالك تحرّك من قبل العقلاء في إيران وخاصة من قبل الحكومة المعتدلة التي يترأسها روحاني لوقف نزيف الدم في سوريا الذي بدأ يتحوّل الى صراع طائفي و إثني خطير قد يغرق المنطقة بأسرها في اتونه لكنّ هذا الإتفاق رغم خسارة المعارضة فيه إلا أنه يظلّ يضئ بصيص أمل من أن تتوسّع رقعة المصالحة بين السوريين و أن ترينا طهران مبادرات كهذه.من أجل بناء ثقة العرب و ترميم وجهها الذي دمّرته سنوات من التدخّل السافر و اللامعقول بشؤون المنطقة و التمدد و التوسع السلبي في شؤون الدول العربية.وتحويل مبدأ الرابح الخاسر بين العرب وإيران نحو الرابح الرابح ومن اليوم فصاعداً في تعامل الاخيرة مع العرب وحتى مع شعوبها في الداخل لكي يطغى الوجه التصالحي بين الشعوب في المنطقة بدل الوجه القاتم المتلبّد بالعداوات والقتل و التشريد.
التعليقات (0)