بسم الله الرحمن الرحيم
العلاقة الطردية بين الحزب وجمهور الناخبين
بعد فوز المؤتمر الوطني بالانتخابات الاخيرة على كافة المستويات وفوزه بأغلبية الدوائر فقد اصبح بلا شك هو حزب الاغلبية . ولما كان البرنامج الانتخابي المعلن للحزب هو مواجهة المشاكل الاساسية التي تؤرق بال الناخببين فعلى الحزب اظهار الجدية اللازمة لناخبيه وابراز قدرته في حل المشاكل والقضايا التي يعتبرها الناخب ذات اولوية بالنسبة له..
ولئن كان حزب المؤتمر الوطني يسعى للفوز بدورات حكم متتالية تتيح له تنزيل برامجه الاستراتيجية قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى على ارض الواقع فإن الطريق إلى ذلك يبدأ بتحديد الالويات فيما يهم قضايا المواطن الآنية . لأن المواطن البسيط الذي صوت لصالح برامج الحزب الانتخابية غير مهموم الآن بما يخطط الحزب لانجازه على مدى الخمس او العشر سنوات قادمة وأنما همه وشغله الشاغل هو قضايا حياته اليومية من كساء ودواء وتعليم وتوفير فرص عمل للشباب وخفض لاسعار السلع الضرورية المتزايدة .
. فإحساس الناخب بأن الحزب لا يعبأ بمشاكله وقضاياه الملحة التي يعاني منها سيولد لديه شعوراً بالاحباط والغبن يتبعه شرخاً وتصدعاً كبيراً وتشوهاً خطيراً في شكل العلاقة بين الحزب وجماهيره ، الامر الذي يصعب معه كسب ثقتها من جديد وعلى اسوأ الفروض ترميم شكل العلاقة القائم وإعادته لما كان عليه قبل الانتخابات في الوقت المناسب .
ولأن الاحزاب صاحبة الاغلبية في النظم الديمقراطية هي التي تسير وتحرك مؤسسات الدولة واجهزتها التشريعية والتنفيذية واتحاداتها ومنظماتها والتي بلا شك تديرها وتقودها قيادات الحزب ، فالحزب هو الذي يفترض به أن يدفع بهذه الاجهزة من خلال عناصره داخل اجهزة الدولة للإتجاه الذي ترغب فيه وليس العكس ، إذ لابد للحزب ان يتدخل متى مالزم ذلك لطرح الخطط وتقديم البرامج وتحديد الاولويات وفقاً لما تقضيه مصالحه العليا والتي على رأسها ارضاء جماهيره التي يستمد منها السند والقوة .
فإذا كان الحال كذلك فهناك الكثير من الامور والقضايا التي تحتم على الحزب صاحب الاغلبية واجهزته التدخل السريع لمعالجتها وحسمها ومن ضمن هذه القضايا الملحة والتي لايعيرها الحزب اهتماماً كبيراً علاقة اللجان الشعبية داخل الاحياء بالحزب الحاكم لتحديد وتأطير شكل العلاقة بينهما .
فاللجان الشعبية هي أذرع تنفيذية للمحليات تقوم بتنزيل رؤية المحليات وسياسات الحزب في مجال الخدمات إلى المواطنين بالاحياء مباشرة . ولكن المفهوم السائد الآن ليس فقط في أذهان الكثير من المواطنين بل حتى رؤساء واعضاء اللجان نفسها أن لاعلاقة لهذه اللجان لا بالدولة أو الحزب الحاكم لذا نجد الكثير من المعارضين لسياسات الدولة والحزب من الذين يقودون اللجان الشعبية هم الذين يروجون ويشيعون وسط المواطنين بان الخدمات التي تقدم للمواطنين بالاحياء بواسطة اللجان الشعبية ليست بتوجيه من مؤسسات الدولة الخدمية او بناءً على سياسات الحزب وإنما هي محض اجتهاد من هذه اللجان بحكم العلاقة الحميمة التي تجمع بين رئيس لجنة ما وبعض المتنفذين المتعاطفين معه بالمحليات وهكذا تتم تعرية الحزب من أي خدمات تقدم للمواطنين من قبل اللجان الشعبية . ولما كان البرنامج الانتخابي للحزب هو ايصال الخدمات للمواطنين مباشرة لذا وجب تشكيل وإعادة بناء اللجان الشعبية على النسق الذي يخدم ويحقق مصالح الحزب في أهم المجلات الحيوية ألا وهو مجال الخدمات .
وأخيراً أوّد ان أشير هنا إلى تجربة حزب العدالة الحاكم بتركيا والذي قامت رؤيته في الوصول إلى الحكم عن طريق إحكام قبضة الحزب أولاً على المحليات وأذرعها التنفيذية لأنها المعنية مباشرة بتقديم وإيصال الخدمات إلى المواطنين وهكذا أفلح الحزب بعد عدد من السنوات والعمل الدوؤب من خلال المحليات في حكم تركيا لأنه كسب تعاطف وثقة الجماهير والكثير من قطاعات الشعب التركي من خلال هذه الخدمات التي تقدمها اللجان الشعبية والتي يقلل الكثير هنا من شأنها .
خالد محمود سليمان
التعليقات (0)