نشفق ونتألم ..ونتعاطف.. ونشعر بالاسى الصادق على ذلك المواطن الاوربي الحائر المرتعب المصدوم من منظر الصحراء القاحلة الممتدة امام شرفته الصباحية والمسطحة تجاه افق مفتوح لا ينتهي الا بازرقاق نحيف متقطع لبقايا ما كان يعرف بالبحر الابيض المتوسط وبعض الاخضرار الذي تبقى من الارض التي فقدت ملامحها بعد ان اشاح عنها الوريث بصره ونساها ومحاها من الخارطة واسكنها لعنته الابدية بالقحط والجدب والخراب الذي تنعق فيه الغربان على صدى خطواته المبتعدة والمتجهة جنوبا وشرقا تاركة العالم القديم يلاقي مصيره المحتوم ويعاني من وطأة الدرس البليغ الذي وعدهم اياه جزاءً وفاقاً لتدخل اوربا فيما لا يعنيها ولا ينتظر ان يأتيها منه الا ما لا ترضى..
لم يتأخر الرئيس السوري بشار الاسد في الوفاء بوعده بان يلقن العالم الدروس الثقال حول ما يعنيه بالاصلاح..ولم يجد الرئيس خير من "المعلم" لكي يكون من يوصل هذه الدروس ويزقها زقا في اذهان الغرب الفقير لما منّ الله على القائد من علوم الاولين والمتأخرين..
دروس وعبر استلها الرئيس من خزين علمه الذي ورثه من الاب الذي كان يتلقى كلمات الحكم من السماء وخص بها المعلم الذي تشربها وتمنطقها وتجلد على ثقل المعاني العظيمة التي تحملها وظهر مبشرا بها وبنوع جديد من الديمقراطية لم يألفها العالم ولم يستطع مقاربة ثناياها ولا تلمس اطرافها..ديمقراطية لم يفصح لنا عن مضمونها ولم تأذن حركة الكواكب والافلاك والنجوم بالكشف عن ما استتر منها..ولكن "المعلم" المح بان لا مكان تحت ظلها الظليل الوارف ولا حظ فيها لكل من تلمز وتهمز وتآمر على الرئيس وتدخل بشؤونه الداخلية وشؤون تركته التي ورثها عن اسلافه العظام غاصب عن غاصب بغضا وحسدا لما قمصه الله من الحكم والحكمة ..
نعم..فالناس على اموالهم مسلطون..وما ورثه الرئيس من فيء الوالد لا يحق لاحد ان يتدخل فيه..خصوصا وانها كانت تركة خالصة ومبرأة من الخصوم والشركاء وكاملة ارضا وشعبا ونواب وقوات امن وهتيفة ومصفقين وشبيحة وعناصر ونتجت عن عصامية الاب الذي بذل فيها الجهد الجهيد من العمل الشاق الخالص لوجه الاستبداد وسفح فيها من القمع البواح وتصفية الشركاء ورفاق السلاح ما احل له الاستفراد في الحكم والتموضع على الرقاب الرئيس الواحد الاحد الذي لا شريك له في الحكم ولا منازع..وكل هذا اتى لطبيب العيون الشاب على وقع تصفيق نواب الشعب الكرام دامعي العين من التأثر ورافعي الاكف بالدعاء للسلطان الذي ساق الله ارسانهم الى يده القوية الفتية بعد ان تهدهدت لعقود في يد الوالد الطيب الراحل..
ليس لاحد ان يتدخل فيما بين المرء وما ملكت يمناه..وما بين الوريث وتراثه العظيم الذي شرعته له السماء وما تخابئ بين سطور الكتب القديمة..فالوريث وما ملك..وله ان يعط او يمسك..وله ان يهب او يمنع..وله ان يقتل من الشعب مثنى وثلاث واربع وحتى عشرون مليونا..فلا رحمة ولا حسن مآب لمن صبأ بدين الوريث..ولا صوت لمن يفرق بين المرء وما اتخذه متاعا..
ليس للغرب ان يتدخل..وليس لاوربا ان تنتظر ان يعفو عنها الوريث..كما ان للمعلم ان يقول ويتقول بما يشاء..وله ان يملأ الارض زعيقا كما ملأها سيده ظلما وجورا..ولكن للشعب ايضا ان ينظر ويعي ويكتب ويمهل..وله ايضا ان يقول ويفعل..ولن يضيره ان يشيح عنه الوريث ويتجه لما شاء من الجهات..ولن يمنعه خذلان وتخاذل الجميع عن ان يدق ابواب الحرية..فكما ان في بعض الموت حياة..فانه لكل اجل كتاب..وما الصبح ببعيد عن اعين الشعوب الحرة الثائرة..وللوريث ومعلمه ان يترقبوا كلمة الحق التي ستأتي بها الايام..فان العصا لا بد لها ان تسقط من يد الجلاد..ولا بد ان يمل الناس يوما من السوط.. وكما قالت الحكماء..فليس كل الذنوب هي مما يمكن ان تعتذر عنها..او تكتفي بالتوبة منها..بل هناك الكثير الذي يجب ان تدفع ثمنها..
التعليقات (0)