قررت بريطانيا تعويض الشعب الفلسطيني في ذكرى نكبته بعد طول تنكر وجحود. فأخيرا تحرك ضميرها الإنساني الرحيم ورصدت مليارات الدولارات ستصرف عبر الأمم المتحدة، بل وذهبت الى ما ابعد من ذلك؛ واتخذت قرارا بحماية اللاجئين ودعم عودتهم الى ديارهم التي هجروا منها رغم رفض واستنكار دولة الاحتلال.
ما سبق يراه جزء من الشعب الفلسطيني أضغاث أحلام، في ظل الانقسامات العربية والفلسطينية وضعفها وعجزها حتى عن المطالبة بحقوقها. وجزء آخر يراه قريبا ويستشهد بتجربة بعض الدول التي اعترفت وعوضت دول أخرى كانت تحت احتلالها، مثل اعتراف ايطاليا بخطيئة احتلالها لليبيا وتعويضها عن سنوات الاحتلال.
بريطانيا هي من زرعت سرطان ما يسمى بدولة إسرائيل في قلب العالم العربي والإسلامي وفي أقدس بقعة في العالم، وعلى حساب 12 مليون فلسطيني يذوقون الويلات في منافي الغربة ساعة بساعة، أو يقاسون إجرام الاحتلال في الأراضي المحتلة عام 48 من أسرلة وغيره، أو يقتلهم الحصار في كما في قطاع غزة، أو تخنقهم الحواجز وتذلهم وتعريهم وتحط من كرامتهم كما في الضفة، أو يطردون ويهودون كما في القدس.
بريطانيا قامت بما عجز عنه أي احتلال واستعمار عبر التاريخ، وزرعت اسرائيل بذرة الشيطان والخراب في العالم، وأشلعت نارا لم تتوقف نيرانها حتى الآن وأكتوت بلهيبها قليلا عبر تفجيرات لندن قبل أعوام.
بريطانيا بدل أن توعد العالم خيرا بنشر العلم والفضيلة والمعرفة وحقوق الانسان والديمقراطية وآخر ما توصل إليه العلم في خدمة البشرية؛ نراها قد وعدت بأصل الشرور ومنبعها؛ وهو وعد بلفور القاضي بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، حيث تبنت إنجلترا منذ بداية القرن العشرين سياسة إيجاد كيان يهودي سياسي في فلسطين.
دوام الحال من المحال كما يقولون، بريطانيا كانت لا تغيب عنها الشمس وتتحكم في مجريات الاحداث حول العالم، ولكنها الآن تابعة وملحق لأمريكا، ومن يخطئ عليه تحمل النتائج الكاملة ويدفع الثمن. بريطانيا تتحمل مسئولية كل ضحايا الحروب التي دارت في فلسطين أو حتى ما جرى في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، عبر ما تذرع فيه ابن لادن ان احتلال فلسطين هو السبب.
نجحت بريطانيا في جر أمريكا الى مربعها في حماية دولة الاحتلال، ولم تتعلم من أخطائها ولا من دروس التاريخ وعبره، ولم تتراجع حتى اللحظة، بل هي مصممة على غيها وتحاول بعد 91 عاما جعل السرطان جزء أصيل من العالم العربي والإسلامي وهو ما ينافي طبيعة الأشياء وحقيقة أن السرطان لا حل له سوى الاستئصال.
بريطانيا ليست خصم بسيط؛ بل خصم متغطرس، ماكر، مخادع، ومتعطش للدماء، ولا يبالي بالقانون الدولي ويتحايل عليه، كما فعل بلير وتحايل في ضرب العراق، ولكن غدا لن يكون حال بريطانيا بأحسن من حال ونموذج ألمانيا مع اليهود بدفع التعويضات مع التحفظ على ما يدعيه اليهود في هذه المسألة.
لا يضيع حق وراءه مطالب، ولا نقول أن بريطانيا ستقر سريعا بجريمتها المتواصلة وتقدمه لنا على طبق من ذهب، ولكن لنا في التجارب عبرة من دول كانت في أوج قوتها ظلمت وتغطرست وعربدت ولكنها في النهاية دفعت الثمن.
ملاحقة بريطانيا بحسب القانون الدولي والإنساني واجبة من قبل كل حر وغيور على وطنه وعلى الإنسانية جمعاء، لان جريمتها لا تسقط بالتقادم لاستمرارها ما دام الاحتلال موجودا على الأرض الفلسطينية
التعليقات (0)