برنامج (كلمة ) للشيخ محمد حسان
المقدمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم لك الحمد أنت نور السوات والارض ومن فيهن ولك الحمد انت قيوم السموات والارض ومن فيهن ولك الحمد انت ملك السموات والارض ومن فيهن ولك الحمد انت الحق ووعدك حق ولقائك حق والجنه حق والنار حق والساعه حق والنبيون حق ومحمد صلى الله عليه وسلم حق
اللهم لك اسلمت وبك امنت وعليك توكلت واليك انبت وبك خاصمت واليك حاكمت فغفر لي ما قدمت وما اخرت وما اعلنت وما اسررت أنت المقدم وانت المؤخر لا اله الا أنت
واشهد ان لا اله الا الله الموصوف بصفات الكمال والجمال والجلال المنزه عن العيوب والنقائص والمثال تمت كلماته صدقا وعدلا ووسعت رحمته الخلق احسانا وفضلا له الخق والامر له النعمه والفضل له الثناء والمجد له الملك والحمد
واشهد ان سيدنا محمد عبد الله ورسوله وصفي الله وخليله البشير النذير السراج المزهر المنير خير الانبياء مقاما واحسن الانبياء كلاما لبنة تمامهم ومسك ختامهم رافع الاصر والاغلال الداعي الى خير الاقوال والاعمال والافعال الذي بعثه ربه جل وعلا بالهدى ودين الحق بين يدي الساعه بشيرا ونذيرا وداعي الى الله بأذنه وسراجا منيرا فختم به الرساله وعلم به من الجهاله وهدى به من الضلاله وفتح به اعينن عميى واذانا صمى وقلوبا غلفى وتركنا على المحجه البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك... اللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبي عن امته ورسول عن دعوته ورسالته وصلي اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى اله واصحابه واتباعه واحبابه واتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى اثره الى يوم الدين
اما بعد :
فحياكم الله جميعا ايها الاخوه الفضلاء الاعزاء وايتها الاخوات الفاضلات وطبتم وطاب سعيكم وممشاكم وتبؤتم جميعا من الجنه منزلا واسال الله الكريم جل وعلا الذي جمعني بحضراتكم في هذه الساعه المباركه على طاعته ان يجمعنا في الاخره مع سيد الدعاه وامام النبين في جنته ودار مقامته انه ولي ذلك والقادر عليه
احبتي في الله (كلمه) برنامج اختار فيه كل ليله كلمة واحده ازرع في بستانها ورد حياتي وازهار انفاسي ورحيق حبي وحلال عليكم ايها الاكارم قطف الزهار وجني الثمار ولكن تعالو بنا ايه الاحبه كعادتي قبل ان اطوف مع حضراتكم في هذا البستان اليانع الماتع لنجمع معا الرحيق والزهر والثمر
تعالو بنا كعادتي لنقف الليله مع الكلمه لغة واصطلاحا ومع اقسام الكلمه واهميتها وخطرها .
فأعيروني القلوب والاسماع فأن مقدمه الليله من الاهميه والجلال بمكان وربما تستمعون الليله في التأصيل الغوي والاصطلاحي لمعان ربما تستمعون اليها لاول مره
الكلمه لغة:في لغة العرب ماخوذه من ماده الكاف والام والميم وهي تدل على معنين اصليين هما 1-الكلم بكسر الام 2-الكلم بتسكين الام .
اما الكلم (بكسر الام ):فهو جمع كلمه وساْبين اصطلاحا الان
اما الكلم (بتسكين الام ) : فهو الجرح وسمي الكلم بلغه العرب بالكلم لان الكلم بكسر الام يشق الكلم بتسكين الام أي ان الكلم يشق الاسماع والقلوب حين يصل اليها كما يشق الكلم الجلد واللحم
هل وقفتم على الطيفه اللغويه والبديعيه قبل ذلك ارجو ان تنتبهو لتقفو على خطر الكلمه بل ومن بدائع الراغب في مفرداته انه جمع بين المعنين بين الكلم بكسر الام والكلم بتسكين الام وقال المعنيان يجتمعان فمادتهما هي التأثير عد معي الى ما اصلت لتجدن الكلمه قد تجرح كما يجرح الجلد واللحم الجرح فالكلمه قد تجرح السمع والقلوب والفؤاد كما يجرح الجلد واللحم بالجرح فعلماء الغه يقولون الكلم بتسكين الام والكلم بكسر الام جمع كلمه وسمي الكلم بكسر الام بالكلم بتسكين الام لان الكلام يشق الاسماع والقلوب حين يصل الى الاسماع والقلوب كما يشق الكلم بتسكين الام أي الجرح الجلد واللحم
وحكا الفراء وهو من اساطير اللغه ثلاث لغات في معنى كلمه او في نطق كلمه
اللغه الاولى قال كلمه (بفتح الكاف وكسر الام )وهي لغه اهل الحجاز
اللغه الثانيه كلمه (بكسر الكاف وتسكين الام ) وهي لغة تميم
اللغه الثالثه كلمه (بفتح الكاف وتسكين الام ) وهي لغة العرب
هذا هو التاصيل الغوي لمعنى كلمه
اما التاْصيل الاصطلاحي لمعنى كلمه :
فالكلمه اصطلاحا:هي كل لفظ وضع لمعنى كقولنا الله جل جلاله او محمد صلى الله عليه وسلم او القران او الاسلام او الامه او الصراط الى غير ذلك من المفردات التى سنقف معها ان شاء الله جل وعلا
هذه مقدمه مختصره في معنى الكلمه لغة واصطلاحا
تعالو بنا نقف على اقسام الكلمه فهي قسمان في القران اما تكون 1-طيبه 2- خبيثه
تدبر معي قول تعالى الذي علم الكلام وعلم البيان قال تعالى (الرحمن علم القران خلق الانسان علمه البيان )اسمع الى قول من علم البيان وعلم النسان قبل ان يقول خلق الانسان قال تعالى
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) هذا هو القسم الاول والنوع الاول استمع الى القسم الثاني والنوع الثاني من انواع الكلمه (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ) الكلمه ان تكون طيبه واما ان تكون خبيثه اما الكلمه الطيبه لا تحجبها السدود ولا تمنعها الحواجز ولا تستطيع قوة على وجه الارض ان تمنع الكلمه الطيبه لماذا ؟ لانها رساله الله جل ولعا لاهل الارض لانها رساله الحق بالحق الى اهل الارض وهذه الكلمه الطيبه لها حداة ولها دعاه ولها اهل في هذه الارض يحملونها انهم الرسل والانبياء ومن سار على دربهم من العلماء الربانين والدعاة الصادقين وكفى العلماء شرفا وكفى الدعاه فضلا ونبلا انهم يحملون رساله الله الى اهل الارض ويالها بالله من رساله قال تعالى( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ(فالكلمه الطيبه هي رساله الله الى اهل الارض وهذه لا يمكن ابدا ايها الافاضل ان تخلو الارض من حملة هذه الكلمه الطيبه بل لا بد ان يبقى في الارض من يقوم لله بحجته على خلقه رسلا مبشرين ومنذرين لاْلا يكون للناس على الله حجه بعد الرسل
قال تعالى (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) فهذه الكلمه الطيبه لا تستمد قوتها من علو صوت اصحابها ابدا وانما تستمد قوتها من قوة الحق وتستمد قوتها من نور الخير وتستمد جمالها من جمال اللفظه وعذب العباره فكلمه الحق كلمه لا تعرف البذائه ولا تعرف الغلظه ولا تعرف النفاق ولا تعرف الكذب ولا تعرف شهادة الزور ولا تعرف البهتان ولا تعرف الباطل ولا تعرف الاثم ولا تعرف البغي بغير الحق كلا كلا فهذه الكلمه تستمد نورها من الحق الذي اودعه الله فيها وتستمد قوتها من الحق الذي اودعه الله فيها وتستمد جمالها من احرف جمالها وجلالها ولما لا وهي كلمه عن الله جل وعلا وكلمه عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وكلمه عن اهل الفضل واهل الخير واهل الدين اهل العلم اهل الحرص على دلاله الله بحق
بين الجوانح في الأعماق سكناها فكيف تنسى ومن في الناس ينساها؟الاذان سامعه والعين دامعه والروح خاشعه والقلب يهواها
ولما لا وهي كلمه الله جل وعلا وكلمه الصادق رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم احبتي في الله لا تستطيع قوه ان تحجب كلمه الحق مهما حاول اهل الباطل واهل النفاق بل واهل الكفر مهما وضعو من الحواجز والعقبات والعراقيل والسدود ومهما حاول اهل النفاق ان يحولو بين الامه وبين كلمه الحق على لسان دعاة الحق فلن يتمكنو ابدا من ان يمنعوا كلمه الحق لانها رساله الله لاى اهل الارض ولا يستطيع احدا ان يمنع نور الله او ان يطفيء نور الله جل وعلا
هذا هو الطفيل ابن عمر سيد قبيله دوس رضي الله عنه ياتي مكه زادها الله شرفا ورحى الصراع ايها الافاضل دائره على اشدها بين المشركين وبين سيد الدعاة وامام التقاه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فمشى إليه رجال من قريش وكان الطفيل رجلاً شريفاً فقالوا له أبا الطفيل، إنك قدمت بلادنا فهذا الرجل الذي بين أظهرنا قد أعضل بنا، فرق جماعتنا، وإما قوله كالسحرة يفرق بين المرء وبين أبيه وبين الرجل وأخيه وبين الرجل وزوجته وإنما نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل علينا، فلا تكلمه ولا تسمع منه، قال: فو الله ما زالوا بي حتى أجمعت على أن لا أسمع منه شيئاً ولا أكلمه حتى حشوت أذني حين غدوت إلى المسجد كرسفاً من أن يبلغني من قوله وأنا لا أريد أن أسمعه قال: فغدوت إلى المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي عند الكعبة قال فقمت قريباً منه فأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله: قال: فسمعت كلاماً حسناً. قال فقلت في نفسي واثكل أمي إني لرجل لبيب شاعر ما يخفي على الحسن من القبيح فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول؟ فإن كان الذي يأتي به حسناً قبلته، وإن كان قبيحاً تركته، فمكثت حتى انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته فاتبعته حتى إذا دخل بيته دخلت عليه فقلت: يا محمد إن قومك قالوا لي كذا وكذا للذي قالوا لي فوالله ما برحوا يخوفنني أمرك حتى سددت أذني بكرسف لئلا أسمع قولك، ثم أبى الله إلا أن يسمعنيه فسمعت قولاً حسناً فاعرض علي أمرك فعرض علي الإسلام وتلا علي القرآن فوالله ما سمعت قولاً قط أحسن ولا أمراً أعدل منه، وقال: فأسلمت وشهدت شهادة الحق وبتو اللحظه علم ان انتمائه للاسلام ليس مجرد كلمه يرددها بلسانه وانما يجب ان يتحرك ليخرج الناس من الظلمات الى نور التوحيد والايمان الذي من الله عليه به فطلب من النبي صلى الله عليه وسلم ان يرسله الى قومه فذهب الى قومه ليدعوهم الى دين الله تبارك وتعالى ويجب ان تعلمو ان دوس اسلمت كلها قال الرسول اللهم اهدي دوس واتي بهم فستجاب الله دعوه حبيبه وعلى راسهم ابو هريره الذي سياتي يوم القيامه في ميزان الطفيل كما ستاتي الامه كلها ف ميزان النبي صلى الله عليه وسلم
ايها الافاضل ذهبت خطط قريش هباء الرياح ولم يستطيعو منع كلمه الحق الى اذان الطفيل انتبهو معي اتلكلمه الطيبه كلمه اصيله كلمه طيبه انها شجره طيبه جذورها متغلغله في قلب التربه واعماق الحجاره وفرعها باسق في السماء ممتده لا تؤثر فيها معاول الهدم قد تسيء اليها ولكن لن تستطيع ان تقتلعها بل تؤتي ثمارها بكل حين باذن ربها وهو الذي يرعاها اما الكلمه الاخرى الخبيثه كشجره قد تكون متنظمه وهشه وقد يظن البعض انها اقوى من الشجره الطيبه ولكن لو قامت أي ريح كحشتها لانها لا جذور لها ولا اصول لها لانها هشه كخيوط العنكبوت ولا خير فيها لا بالدنيا ولا بلاخره ويتحمل اهلها وزرها ووزر من يتاثر بها واوزار من اضلوهم يحملون الاوزار بين يدي الله جل وعلا لا تظن ان الكلمه مجرد حروف دخان يطير في الهواء كما يظن اهل الباطل فهم يتكلمون ويطنون انها هينه او مجرد احرف يسطرها قلم على صفحات بيضاء هل تعرف معنى الكلمه مفتاح الجنه بكلمه ودخول النار على كلمه وقضاء الله هو كلمه قال صلى الله عليه وسلم من كان اخر كلامه لا اله الا الله دخل الجنه
ودخول النار على كلمه انها كلمه الكفر انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنه ومؤواهم النار قال تعالى (ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر دون ذلك ) بل وننال رضوان الله بكلمه وتنال سخط الله بكلمه
الكلمه قد يرددها البعض بيسر وسهوله ولا يقف على ما تتركه الكلمه من الام
فكم من اعراض دنست بسبب كلمات كاذبه وكم من مقدسات انتهكت بسبب كلمه كاذبه الامر جدا خطير اولم يقول تعالى (ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد) قال تعالى (ويلا لكل افاكا اثيم) وما اكثر الايات
تعالو معي لنعيش موقف الذي يبين ان الكلمه خطيره والحديث في الصحيحين بل وذكر الله جل جلاله هذه القصه في القران وها هي ايات تتلا الى اليوم
وتجري فصول هذه الحادثة في وقتٍ كان المسلمون فيه على موعدٍ مع العدوّ في إحدى الغزوات ، حيث خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
في جيشه مصطحباً معه عائشة رضي الله عنها ، وفي طريق العودة توقّف الجيش للراحة والنوم ، وجلست عائشة رضي الله عنها في مركبها تترقّب
لحظة المسير ، وتلمّست نحرها لتكتشف أنها أضاعت عقداً لأختها كانت قد أعارتْها إياه ، فما كان منها إلا أن نزلت من مركبها لتبحث عنه في ظلام الليل
ولم تكن تدري أن المنادي قد آذن بالرحيل وأن الجيش قد انطلق وتركها وحيدة في تلك الصحراء الموحشة وما أن وجدت العقد حتى عادت مسرعة
لتلحق بركب الجيش ولكن الوقت فات وفي هذه الأثناء ، كان صفوان بن المعطل السلمي رضي الله عنه يسير خلف الجيش ليحمل ما سقط من المتاع
فنزل عن راحلته وطلب منها أن تصعد ، ولما ركبت الناقة انطلق بها مولّيا ظهره لها ، حتى استطاع أن يدرك الجيش في الظهيرة
ولم تمضِ سوى أيام قليلةٍ حتى انتشرت في المدينة إشاعاتٌ مغرضة وطعوناتٌ حاقدة في حقّ عائشة رضي الله عنها روّجها ونسج خيوطها زعيم المنافقين
عبد الله بن أبيّ بن سلول وبلغت تلك الأحاديث سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان وقعها عليه شديداً
وكان من الطبيعي أن تؤثّر هذه الإشاعة على صحّة عائشة رضي الله عنها فتزداد مرضاً على مرض وطال انتظار النبي - صلى الله عليه وسلم - للوحي
وبعد أن بلغت القضيّة هذا الحدّ ، لم يكن هناك مفرّ من الذهاب إلى عائشة رضي الله عنها لمصارحتها بالمشكلة واستيضاح موقفها فدخل عليها النبي
صلى الله عليه وسلم ومعها امرأة من الأنصار ، فجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - وتشهّد ثم قال :
( أما بعد ، يا عائشة ، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه ؛ فإن العبد
إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه )( فلما سمعت قوله جفّت دموعها ، والتفتت إلى أبيها فقالت : " أجب رسول الله فيما قال
" ، فقال : " والله ما أدري ما أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ، ثم التفتت إلى أمّها فكان جوابها كجواب أبيها ، وعندها قالت :
" لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقرّ في أنفسكم وصدقتم به ، فلئن قلت لكم أني منه بريئة - والله يعلم أني منه بريئة - لا تصدقوني بذلك
ولئن اعترفت لكم بأمر - والله يعلم أني منه بريئة - لتصدقنّني ، وإني والله ما أجد لي ولكم مثلاً إلا قول أبي يوسف حين قال :
) فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون } ( يوسف : 18 (وإذا بالوحي يتنزل من السماء يحمل البراءة الدائمة ، والحجة الدامغة في تسع آيات بيّنات ، تشهد بطهرها وعفافها ، وتكشف حقيقة المنافقين ، فقال تعالى :
(إِن الذين جاءوا بالإفك عصبَة منكم لا تحسبوه شَرا لكم بل هو خير لكم لكل امرِئٍ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم (
) النور : 11 ) وانفرج الكرب ، وتحوّل حزن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فرحاً ، فقال لها ) أبشري يا عائشة ، أمّا الله عز وجل فقد برّأك ) ، وقالت لها أمها : " قومي إليه " ، فقالت عائشة رضي الله عنها امتناناً
بتبرئة الله لها ، وثقةً بمكانتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومحبته لها :
" والله لا أقوم إليه ، ولا أحمد إلا الله عزوجل "
وها هو عمير ابن سعيد فتى تجاوز العاشره من عمره بقليل مات ابوه وتزوجت امه من رجل اسمه الجلاس ابن سويد ولقد لقي عمير من بر الجلاس وحسن رعايته وجميل عطفه ما جعله ينسى أنه يتيم ، فأحب عمير الجلاس حب الابن لأبيه ، كما أولع الجلاس بعمير ولع الوالد بولده لما كان يرى من أمارات الفطنة والنجابة هذا الطفل الصغير كان لا يتأخَّر عن صلاة خلف رسول الله
وفي يوم من هذه الأيام التي سبقت رحيل جيش العسيره ، عاد الغلام عمير بن سعد إلى بيته بعد أداء الصلاة في المسجد ، وقد امتلأت نفسه بطائفةٍ مشرقةٍ من صور بذل المسلمين ، نساء المهاجرين نزعن الحلي وقدمنها للنبي عليه الصلاة والسلام ، عثمان بن عفان جاء بجراب فيه ألف دينار ذهباً ، عبد الرحمن بن عوف قدم مائتي أوقية من الذهب ، أخذ عمير يستعيد هذه الصورة الفذّة ، ويعجب من تباطؤ الجلاس عن الاستعداد للرحيل ، ثم دعا عمه أن آن الأوان أن تبذل وأن تستعد كأنما أراد عمير أن يستثير همة عمه الجلاس ، فأخذ يقص عليه أخبار ما سمع من هذه البذل وهذه التضحية ، لكن الجلاس قال كلمة نزلت على هذا الغلام كأنها صاعقة (كلمة اخرجته من الاسلام باوسع ابوابه وادخلته الكفر من اوسع ابوابه ) ، قال الجلاس : إن كان محمد صادقاً فيما يدعيه من النبوة ، فنحن أشر من الحمير " . يفهم من هذا الكلام أنه ليس مصدقاً نبوة النبي
لكنه رأى وهو طفل صغير في السكوت عن الجلاس والتستر عليه خيانة لله ولرسوله ، وإضراراً بالإسلام الذي يكيد له المنافقون ، وأن في إذاعة ما سمعه عقوقاً بالرجل الذي ينزل من نفسه منزلة الوالد ، وقع بصراع إن نطق بما قال عمه فضحه ، وكأن في هذا النطق بهذا الكلام إنكاراً للجميل ، وإن سكت فهي خيانة للنبي عليه الصلاة والسلام وصحبه الكرام .
، ماذا قال الغلام ؟ التفت إلى عمه وقال : " والله يا عم ما كان على ظهر الأرض أحد بعد محمد بن عبد الله أحب إلي منك ، فآنت آثر الناس عندي وأجلهم يداً علي ، ولقد قلت مقالةً إن ذكرتها فضحتك ، وإن أخفيتها خنت أمانتي ، وأهلكت نفسي وديني ، وقد عزمت على أن أمضي إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأخبره بما قلت ، فكن على بيَّنة من أمرك " يعني ما أراد أن يفعل شيئاً وراء ظهر عمه ، فأنا أقر لك بالفضل ، وأنت من أعز الناس ومن أكرمهم بعد النبي عليه الصلاة والسلام، ولكن هذا الأمر لا يحتمل
مضى عمير بن سعد إلى المسجد ، وأخبر النبي عليه السلام بما سمع من الجلاس بن سويد ، فاستبقاه النبي صلوات الله عليه عنده ، وأرسل أحد أصحابه ليدعو له الجلاس ، وما هو إلا قليل حتى جاء الجلاس فحيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجلس بين يديه ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام : " ما مقالة سمعها منك عمير بن سعد ؟ وذكر النبي له ما قاله .
فقال : كذب علي يا رسول الله ، وافترى بما تفوهت ، ما تفوهت بشيء من هذا ، إطلاقا
والتفت النبي عليه السلام إلى عمير ، فرأى وجهه قد احتقن بالدم ، والدموع تتحدر مدراراً من عينيه ، فتتساقط على خديه وصدره ، وهو يقول هذا الغلام الصغير : اللهم أنزل على نبيك بيان ما تكلمت به .
فانبرى الجلاس وقال : إن ما ذكرته لك يا رسول الله هو الحق ، وإن شئت تحالفنا بين يديك ، وإني أحلف بالله أني ما قلت شيئاً مما نقله لك عمير . فما انتهى من حلفه ، وأخذت عيون الناس تنتقل عنه إلى عمير بن سعد ، حتى إذا جاء الفرج ، حتى غشيت رسول الله صلوات الله عليه وسلامه السكينة ، فعرف الصحابة أنه الوحي ـ جاء الوحي ـ فلزموا أماكنهم ، وسكنت جوارحهم ، ولاذوا بالصمت ، وتعلقت أبصارهم بالنبي عليه السلام ، وهنا ظهر الخوف والوجل على الجلاس ، وبدأ التلهف والتشوّف على عمير ، وظل الجميع كذلك ، حتى سُرِّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ يعني انتهى الوحي ـ فتلا قوله جل وعز، اسمعوا الآية :
(يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر(
فصرخ الجلاس صدق عمير يا رسول الله وكذبت انا واتوب الى الله ,فيمد النبي يده على اذن العمير ويقول له بلطف وحب وحنان (وفت اذنك ما سمعت وصدقك ربك يا عمير )
هل وقفت معي على خطر الكلمه وعلى حقيقة الكلمه وعلى معنى الكلمه قال صلى الله عليه وسلم (إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا ؛ يرفعه الله بها درجات ، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا ؛ يهوي بها في نار جهنم)
وقال صلى الله عليه وسلم(ومن قال في مؤمن ماليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال)أي عصارة اهل النار
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ" قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: "إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ)
مفتاح الجنه في كلمه ودخول النار على كلمه وقدر الله على كلمه ,اسال الله ان يرزقنا الكلمه الطيبه كلمة الحق وكلمه التوحيد وكلمة الذكر وكلمة الامر بالمعروف والنهي عن المنكركلمة قراءه القران وكلمة الدعوه الى الله وكلمة الخير
اسأل الله ان يحفظني واياكم من كلمة الشر ومن الكلمه الخبيثه ومن كلمة الكفر والنفاق والغيبه والنميمه والبغي
نعم الكلمه خطيره تعالو بنا بعد هذه المقدمه التى اسال الله ان ينفع بها وان يجعلها خالصه الى وجهه تعالو بنا نختار كل يوم كلمه واحده لنقضي معها كل ليله
جمعنا الله واياكم دائما على كلمة الحق والهون والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
التعليقات (0)