برج الباحة الطبي
أربع سنوات ونيف لم تشفع لبرج الباحة الطبي الذي صدر قرارٌ وزاري بإنشائه في بدايات العام 2012م فبعد تلك السنوات تم الافتتاح ويا ليت الافتتاح تأجل فالبرج في وأد والحلم في وأد أخر .
جولة واحدة تكفي لاكتشاف ذلك البرج الجميل في تصميمه الخارجي فالأرضيات تشكو والجدران تئن ودورات المياه حدث ولا حرج والممرات والغرف التي يٌقال عنها عيادات طبية أشبه ما تكون بأزقة حواري تاريخية وما خفي كان أعظم , أكثر من مليار وخمس مائة مليون ريال تطايرت في مهب الريح فذلك المبلغ لم يٌسهم في ولادة منشأة طبية ذات مواصفات منسجمة مع الغرض الأساسي لإقامتها فالمنشآت الطبية تختلف مواصفاتها عن المنشآت التعليمية الخ وهذا طبيعي لكن القائمين على المشروعات لا يتقيدون بالمواصفات في الواقع وما البرج الطبي الإ صورة مصغرة لبقية المشاريع بمنطقة الباحة وبغيرها من المناطق !.
مشاريع متعثرة وأخرى متهالكة بعد أشهر من تشغيلها , جميع الوزارات أضافت اختصاص إلى جانب طبيعة عملها فكل وزارة تٌرسي مناقصة وتشرف على بناء مشاريعها بعد أن كانت جميع المشاريع الحكومية تمر عبر من بوابة وزارة الأشغال العامة والإسكان التي ماتت بدايات العام 1424هـ /2003م فنٌقلت بعض اختصاصاتها لجهات متعددة وأنتج ذلك الإلغاء والدمج ظاهرة تعثر وتهالك المشاريع وتخبط الوزارات يمنةً ويسرة , أن تقوم كل جهة حكومية بطرح مناقصات لمشروعاتها والإشراف على التنفيذ والمواصفات ليس مجدياً في بيئةٍ تفتقد لمعايير تصنيف المقاولين وليس مجدياً في بيئة أجهزة الرقابة فيها مشتتة فالجهات الرقابية تسير أمام الفساد وليس خلفه أما منصة القضاء الإداري لم تستقبل أي حالة محاكمة فيها جزء ولو يسير من الفساد الذي تحول لكرة ثلج متدحرجة تكبر يوماً بعد يوم , الحل ليس في عودة وزارة الإشغال العامة إلى الواجهة كجهة تٌشرف على المشاريع الحكومية وتتابع سير عملها ومواصفاتها فقد يكون ذلك حلاً لكن الحل الحقيقي يكون في شفافية المناقصات فالرخيص كما يٌقال مخيس وهذا بلاء مشاريعنا الحكومية ويكون أيضاً في تحميل المقاول تكاليف المشروع إذا تجاوز المواصفات وانشأ مبنىً متهالكاً ظاهرة جميل وباطنه قبيح والحل الأمثل هو دائرة القضاء التي هي ركن مهم في مثلث مكافحة الفساد فمكافحة الفساد أضلع ثلاثة " جهات رقابية فاعلة , محاكمات قضائية جنائية وإدارية , إعلام ومؤسسات مجتمع مدني فاعلة " ذلك المثلث هو من حول كثيرٌ من البلدان إلى واجهات تنموية فريدة ونقلها من خانة الصفر إلى خانة التقدم الحضاري والتنمية المتوازنة , هناك سؤال مهم يجب طرحة حتى وإن دخلت هيئة النزاهة ومكافحة الفساد على خط التساؤلات المحيطة ببرج الباحة الطبي وهو " من أستلم المشروع بعد إتمامه " فكما هو معروف بعد انتهاء المقاول من أي مشروع فإن الجهة المختصة تٌشكل لجنة من مهندسين وفنيين لاستلام المشروع من المقاول فهل تلك اللجنة استلمت مشروع برج الباحة الطبي وطابقت الواقع بكراسة الشروط أم أنها لجنة مصابة بالغشاوة فلم ترى واقعاً ولا خيالاً من هذا السؤال تبدأ الإجابة عن ولادة برج الباحة الطبي المٌعاق والمشوهة الذي عندما يراه المراجع يرفع يديه قائلاً رفع الله البلاء عنه وعن أشقاءه من المشاريع الحيوية !
التعليقات (0)