برج أبوظبي المائل محاولة للإبهار .. ولكن
تناقلت وكالات الأنباء في الفترة الأخيرة صورا عن برج "بوابة العاصمة" في مدينة ابوظبي المؤمل الفراغ من بنائه وإفتتاحه نهاية هذا العام 2010م وحيث تم إدراجه في قائمة غينيس للأرقام القياسية بوصفه أكثر الأبراج (من صنع الإنسان) ميلانا حتى الآن.
ويبلغ ميلان هذا البرج الجديد 18 درجة (تجاه الغرب) .. أي بمعدل يبلغ 4.5 أضعاف ميلان برج بيزا الأثري المائل في إيطاليا والي يبلغ درجة ميلانه 4 درجات مئوية.
وقد شرحت الشركة المصممة لبرج بوابة العاصمة الجديد كيفية القيام بتنفيذ عملية البناء بحيث يبدو وكأنه مائل . حيث تم تثبيت الدعامات الحديدية للمبنى دون ميلان حتى الطابق الثاني عشر ثم بعد هذه النقطة تم ميلها فوق بعضها البعض بمعدل ما بين 300 مليمتر إلى 1400 مليمتر . وقد أستخدم في البناء 15,000 متر مكعب من الخرسانة مدعومة بـ 100,000 طن من أسياخ الحديد.
وبحسب ما رشح من شركة العلاقات العامة التي تروج لهذا البرج الجديد من خلال مسارعتها لتسجيله في سجلات غينيس للأرقام القياسية .... يبدو أن الهدف المعنوي من بنائه هو منافسة برج بيزا المائل الأثري الشهير في مسألة الميلان ....
ولكن المنافسة هنا تبدو في غير صالح برج بوابة العاصمة لأكثر من سبب ليس اقلها أن برج بيزا المائل يظل عريقا ضارب في جذور التاريخ . بالإضافة إلى أن ميلانه لم يكن مقصودا بذاته عند التصميم أو البناء وإنما جاء لأسباب (ليس من صنع الإنسان) تتعلق بطبيعة التربة التي بني عليها البرج وهو الأمر الذي خلق حوله كل هذه الطرافة والهالات من الإعجاب والدهشة وعلى نسق رب صدفة خير من ألف ميعاد .....
ثم لا ننسى أن برج بيزا المائل قد فرغ من تشييده عام 1349م (بدأ بناؤه عام 1175م وإستغرق 174 سنة) بتكنولوجيا بدائية مقارنة بتكنولوجيا العصر الرقمية والآلية . وهو ما يضفي عليه ميزة الإعجاز الهندسي مثل ما هو الحال في حالة هرم خوفو الأكبر ومنارة الأسكندرية وسور الصين العظيم وبرج إيفل حيث لم تكن التكنولوجيا الهندسية المتوفرة الآن متاحة آنذاك . كما أن أبناء تلك الجهات كانوا ولا يزال يفخر أحفادهم أنها نتاج أصيل لسواعدهم وحضارتهم ومن إبداعهم الذاتي ....
على أية حال تظل الفكرة الواردة من تشييد برج بوابة العاصمة المائل هو محاولة للإبهار بشكل أو بآخر ....... ونرجو أن يأتي الوقت الذي يبني فيه العمال والمهندسين العرب أبراجهم بأنفسهم ويشرفون على صيانتها دون حاجة لأيدي عاملة أجنبية حتى يكون الفخر حينذاك في مكانه .... بل وربما لا نكون مبالغين إذا بلغ بنا سقف التنازل في الرجاءات أن يتولى العربي المواطن قبل الوافد إدارة مثل هذه الأبراج من البوابة الرئيسية وحتى السطح وليس تسليمها للآسيويين والخواجات كي يديرونها ويحرسونها نيابة عنه ويكتفي هو دائما بدور الإفتتاح والضيف الزائر والمستأجر ....
كل محاولة للزهو والفخر في هذه الحالة ستكون كاذبة باهتة ليس لها طعم ولا لون أو رائحة ، وغير مبررة حضارياً .... بل ربما ساذجة كفرح الأطفال بلعبة جديدة في أفضل الأحوال ..... لأن كل ما في الأمر أن الغير من كل حدب وصوب هم الذين إقترحوا وصمموا وإختاروا وشيدوا صرحا ودربوا عمالة أجنبية في أرضنا وبأموالنا ؛ وأكلوا وشربوا وربحوا من وراء ذلك والسلام ....
فهل يستيقظ الشباب العربي من سباته وقد أتاحت له حكوماته الكثير من فرص التعليم وفتحت له آفاق المستقبل . لاسيما تلك الدول العربية الغنية التي لم تتوانى في بذل الكثير من الأموال والجهد لتشييد الصروح التعليمية وفتحها أبواب التوظيف والمجال واسعا لمواطنيها كي ينافسوا بقوة وجدية وجدارة في مجال العمل والإنتاج الشاق؟
التعليقات (0)