بعد المرحلة التي تلت انطلاق مسيرات الغضب واتساعها لتشمل كافة المدن الأردنية, تمت الاستجابة لأحد مطالب الحراك الشعبي عبر إقالة حكومة سمير الرفاعي الثانية وتجاهلت تلك الاستجابة حقيقة أن المطالبة بإقالة الحكومة لم تكن غاية بذاتها , بل بسبب ما قدمته من سياسات وتوجهات لا تتوافق بالحد الأدنى مع إرادة ومصلحة المواطن الذي يجب أن يكون مصدر الشرعية للحكومات طبقا للمادة الرابعة والعشرين من الدستور, بغض النظر عن بقية مواد الدستور التي تجعل تلك المادة مجرد عبارة غريبة شاذة ضمن مواد الدستور الأخرى التي تجعل المواطن مجرد موضع لممارسة السلطة والجباية .
وفي تجاهل للحقيقة المشار إليها جاءت حكومة البخيت في تحدي لتطلعات المواطن وإرادته,فالبخيت هو رئيس الحكومة الذي ارتبط اسمه بتزوير انتخابات 2007 وقضية كازينو البحر الميت, وان كان لا يحمل وزر ذلك التزوير وحده إذ تشير الدلائل إلى أن ذلك التزوير كان بالتنسيق مع باسم عوض الله في الديوان الملكي ومدير المخابرات محمد الذهبي , كما ارتبط اسم البخيت بالسفارة الأردنية في إسرائيل واتفاقية وادي عربة التي شكلت تحديا لإرادة المواطنين الأردنيين .
الأسباب السابقة تكفي كمبررات للاعتراض على رئيس الحكومة المكلف, ولكن التجاهل لإرادة المواطن لم يقتصر على ذلك.فبعد تشكيلها أظهرت الحكومة تجاهلا كبيرا لإرادة المواطن , فبعد تصريحات وزير العدل الموجهة لتخفيف احتقان وغضب الشارع الأردني ,والتي وصف فيها دولة إسرائيل بأنها دولة إرهاب وأشار إلى عدالة المطلب الشعبي بإطلاق سراح الدقامسة , أصدرت الحكومة بيانا تبرأت فيه من تلك التصريحات التي لا تمثل إرادة الحكومة و أظهرت بذلك تماهيا مع إرادة الحكومة الإسرائيلية التي اعترضت على تصريحات وزير العدل التي مثلت إرادة الشعب الأردني ولا نتعجب أن تكون إرادة وسياسة الحكومة اقرب إلى إرادة الحكومة الإسرائيلية بدلا من قربها من إرادة المواطن الأردني , الذي لم يختارها ولا يشكل مصدر شرعيتها طبقا للدستور الذي لم يجعل للمواطن دور في اختيار الحكومة .
يجب أن لا يقتصر فتح ملفات الفساد على الملفات الاقتصادية المشبوهة, إذ يجب أيضا أن يتم فتح ملفات الفساد السياسي ومن ذلك تزوير انتخابات 2007 و 2010 وقيام لجان مستقلة بالتحقيق في تلك الملفات. وأطالب هنا وزير العدل بالاستقالة من الحكومة التي تبرأت من تصريحاته , ليثبت بان تصريحاته تلك لم تكن مجرد جزء من قرار حكومي لامتصاص حالة الاحتقان الشعبي وكانت الخطوة الثانية ضمن ذلك القرار التبرؤ من تلك التصريحات .وبعد تشكيل لجنة للتحقيق بعملية البلطجة التي تعرضت لها مسيرة الجمعة برئاسة وزير العدل , اسأل هنا , ماذا سيكون قرار الوزير إذا تبرأت الحكومة من نتائج التحقيق إذا تناقضت النتائج مع التصريحات الحكومية حول الحادثة وهو أمر قد يكون مرجحا في حال عملت اللجنة بشكل جدي ودون ضغوطات . تصريحات وزير العدل حول المطالبة بإطلاق سراح الدقامسة ودولة إسرائيل قد تكون بقرار حكومي تضمن مقدمة تتمثل بحصول الوزير على القبول والثقة الشعبية بحيث يكون أداة لتخفيف الغضب الذي قد تسببه الإجراءات والسياسات الحكومية في الفترة القادمة , بحيث تتضمن الحكومة أداة مهمتها تخفيف الغضب الذي قد تسببه سياساتها وتوجهاتها.
إن كانت تصريحات وزير العدل تمثل قناعاته , فلا يمكن أن يستمر بالعمل ضمن حكومة ذات توجهات تخالف قناعاته, وان كان يريد إيصال رسائل عبر موقعه , فانا أرى بان استقالته ستكون رسالة أوضح يثبت من خلالها أن تصريحاته لم تكن مجرد أداة بقرار حكومي.
التعليقات (0)