1- الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ٠٠ وللمكافحة حدود !!
٠٠ حتى لو حال قصر عمر الهيئة منذو إنشائها دون السؤال عن أنجازاتها فأن ما يظهر على السطح من إجراءات و"بدايات" أنما يخلق تصورا - قد لا يكون متفائلا - بالنسبة للبعض عن مدى قدرتها على تحقيق أهدافها التي نتوقعها أو نعتقد أنها نشأت من أجل تحقيقها ، فمن الواضح عدم وجود تغير في قواعد العمل وآلياته ، الأمر الذي يجعل أي متابع حتى لو لم يكن متخصصا يكون على يقين من انظمامها لقائمة (أخواتها المكافحات من قبل) من الهيئات الرقابية العامة الأخرى التي لم تستطع الحيلولة دون انتشار الفساد المالي والإداري في جسد الدولة أو الحد من تأثيره السلبي على المجتمع ولن يميز هيئة مكافحة الفساد سوى أسمها المقترن بمكافحة الفساد !
والأسباب التي تدفع بهذا الرأي إلى الظهور بقوة كثيرة ، ولا يمكن لمقال واحد أن يتسع لها إلا أن من أهمها :
أولا : من المفاهيم الخاطئة والشائعة مفهوم الدولة لدى البعض ، حيث يعتقد أولئك أن الدولة هي الحكومة أو النظام السياسي القائم ، بينما المفهوم العلمي للدولة هو أن الحكومة ليست سوى عنصر من عناصر الدولة وبالتالي فأنه حينما نقول بتجذر وانتشار الفساد في كيان الدولة فأنما نعني بذلك تجذر الفساد وانتشاره في المؤسسات الحكومية الرسمية والقطاع الخاص ووعي كثير من أفراد المجتمع والأنساق الاجتماعية المختلفة ٠
وعلى هذا الأساس يمكن القول : أن الفساد المالي والإداري والأخلاقي أصبح يشكل إهرامات تتغلغل في جسد ثقافة الكيان ولكن برؤوس متعددة وليس برأس واحد لكل هرم ٠
ثانيا : إذا كان الفساد كالفيروسات إذا وجدت البئة المناسبة تكاثرت ذاتيا فأن من أهم العناصر التي تكون بئة الفساد الصالحة لنموه وتكاثره :
1 - تزاوج المال والسلطة أو النفوذ ٠
2 - تقادم عهد الأنظمة وعدم ملاءمتها لمتطلبات العصر ، وعدم قدرتها على استيعاب متطلبات الإنجاز وضغوطه ما يدفع الكثيرين للبحث عن مخرج للإلتفاف على الأنظمة والقوانين ٠
3 - التمسك ببيروقراطية الأنظمة العتيقة بكل عيوبها التي يصعب الإشارة إليها في هذا المقال ، وعدم الرغبة - وهذا واضح - في التحول لانتهاج مبادئ الإدارة الحديثة وتطوير العمل الإداري .
4 - التمسك بشدة بالعمل اليدوي الورقي وعدم الرغبة أو "التثاقل"- وهذا أيضاً واضح بجلاء - في تفعيل الحكومة الالكترونية ٠
5 - الفوقية غير المكتوبة للأشخاص على القانون وليس العكس ٠
6 - عدم وضوح الأنظمة وسهولة تمييعها وتشكيلها حسب الحاجة ٠
7 - الإعتماد في تفسير الأنظمة والقرارات العليا وصياغة لوائح تنفيذها أو تطبيقها على تقديرات الأشخاص وربما يتم ذلك وفق مصالحهم الشخصية أو مصالح رؤسائهم كأن يقرر الملك شيئا أو يصدر أمرا ما ثم تصاغ لوائح تنفيذه بما يخالف مضمونه ومقاصده ٠
8 - وجود لوبي اقتصادي يؤثر سلبا في تفعيل أي توجه يخدم مصلحة المواطن ويحقق مصلحة عامة من خلال تحوير ذلك التوجه أو ذلك المشروع أو ذلك النظام لتحقيق مصالح شخصية خاصة ، والأمثلة على ذلك كثيرة ٠
9 - عدم وجود قانون المحاسبة والمساءلة التي يمكن أن يخضع لها كل مخالف (كائن من كان) ٠
10 - التركيز على الصغار من المخالفين وفقا لحسابات قد تختلف عما نتأمله نحن المواطنون (العاديون) من تطبيق لمبادئ العدالة الاجتماعية ٠
11 - غياب حرية الصحافة ووسائل التعبير الحر المسؤول ، وتسكع الصحافة على أرصفة المسؤولين تمجد هذا وتنافق ذاك ، وتنشر تصريح المسؤول بصياغته هو دون تمحيص أو إبداء للرأي وهي أعلم بمدى ما يحمله من استخفاف بعقل المتلقي ٠
12 - غياب المعلومة الصحيحة وعدم فهم الكثيرين للأنظمة ٠
13- دخول الجن والسحر والشعوذة على خط المواجهة مع (مكافحة الفساد) ٠٠ وهذه حقيقة مضحكة ومخجلة في الوقت نفسه لا يمكن الإستهانة بها ٠
في ضوء ما تقدم نستطيع القول : أن عهد الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لن يختلف عن العهد السابق لإنشاءها من حيث انتشار الفساد وتأثيره السلبي على مقدرات الوطن وتنمية أبنائه ما لم تتغير قواعد منطلقاتها ، وما لم تبدأ برؤوس الفساد ثم النزول إلى قاعدته وليس العكس أو التوقف عند "المكافحة" إلى حدود معينة فقط ، ومالم يحدث "بضم الياء" تغيرا جذريا في البنائية الأساسية للعمل الرقابي والمتابعة والمحاسبة في ظل استراتيجيات عليا للدولة يتجه الجزء الأكبر منها في خططه القريبة والبعيدة المدى لتحقيق رفاهية المواطن والمساواة والعدالة الاجتماعية ٠
تركي سليم الأكلبي
التعليقات (0)