من مفكرة العام 1988
بدمي كتبتُ وثيقة استقــلالي
شعر: عدنان السمان
بدمي كتبـتُ وثيقةَ استقـلالي   طهّرتُ من دنَسِ الغـُزاةِ جبالي
فالقدسُ عاصمتي، ونابُلُسُ العلا    مَهوى الفؤادِ، وقد شددتُ رِحالي
وإلى الخليلِ رنا الفـؤادُ صبابةً   أرضَ البطـولةِ لو علمتِ بحالي
اللهُ يشـهدُ يا جنـينُ بأنّنــي أبكي فراقَك ِما خَطَـرْتِ ببالـي
وَلَنِعْمَ مَشتانا أريحـا والمُنــى    بالحـبِّ نزرعُهـا، وبالآمــالِ
وَلَنِعْمَ مَصْيَفُنا (رامَ الله) والهوى   بلدُ الأسود ِومصنـعُ الأبطــالِ
يا بيتَ لحمٍ أنتِ مهدُ مسيحِنــا    نـورُ الهدايـةِ أنتِ للأجيــالِ
في بيتِ ساحورٍ ملاحمُ للعُــلا    قد خطّـها التاريخُ في إجــلالِ
يا طولَكْرمٍ يا عروسَ كرومِنـا   ومروجِنـا، يا مَعْقِدَ الآمـــالِ
بجوارِكِ الأمجادُ في قلقيلـــةٍ     تاهتْ على الدنيا بِطيبِ خصـالِ
وإذا فرغتَ فحيِّ غزةَ هاشــمٍ     روحي هناكَ وعُدّتي ورجالــي
أبناؤُها الصِّيدُ الميامينُ الأُولـى   قهروا الغـزاةَ بهمـةٍ ونضــالِ
حيِّ المثلثَ والجليلَ وسَبْعَنــا    عِشـقي لحيفا مضرِبُ الأمثــالِ
هَبّتْ جُموعُ الشعبِ في أغوارِنا   وجبالِنـا وسهولِنـا وتِــــلالِ
هَبّتْ تُقارعُ طغمةً فاشيّـــةً     وتخوضُها حرباً على المحتــالِ
هبّت تُصارعُ آلةَ الغزو ِالتـي   قد سامَتِ الأوطـانَ شرَّ نِكــالِ
وَمَضَتْ تُقتّلُ شِيبنا وشبابَنَــا    بالنارِ تحـرقُ أعينَ الأطفــالِ
وتقولُ في صَلَفٍ وسوءٍ طَوِيَّةٍ     زُوراً وبُهتـاناً وباسْتغفـــالِ:-
إنّ "الأعاربَ" يعبثونَ بأمننـا   "عربُ المناطقِ" حُرِّضوا لِقتالِ!!!
"عربُ المناطقِ" جندُ أنبلِ غايةٍ     أصحابُ حقٍّ لنْ يضيعَ بحــالِ
"عربُ المناطقِ" أهلُ حقٍّ ساطعٍ     ثاروا على التّنكيــلِ والإذلالِ
همْ أهلُ هذي الأرضِ، مذ كانتْ لهمْ    في سالـفِ الآمـــادِ والآزالِ
صَنَعوا الحضارةَ للشعوبِ بهمّةٍ    وعزيمةٍ جلّتْ، وطيبِ فِعـــالِ
تاريخُنـا يروي بأنّا أمـــةٌ    حَذِقَتْ فنونَ الكَرِّ يومَ قِتـــالِ
تَحمي حمى الأوطانِ يومَ كَريهةٍ     وتَردُّ كيــدَ المعتدي الختّــالِ
فَقِهَتْ فُنونَ الحربِ وهيَ صغيرةٌ    تلهو على الشُّطآن، بنتُ رمــالِ
وَاسْتَدَّ ساعدُها، وأوْرَقَ عُودُهـا   وتَمرَّستْ بالحربِ والأهــوالِ
ضَرَبتْ بحدِّ السيفِ أعناقَ العِدى   وأصابَتِ اللُّبّاتِ بالآســـالِ
وَرَمَتْ بِقاعَ الأرضِ إنْ خَصمٌ عدا     بالنـارِ بالبركــانِ بالزلزالِ
تاريخُنـا يروي بأنا مَعْشَــرٌ    نُجُبٌ، وأهلُ مودةٍ ومَعـــالِ
فينا السماحةُ والمُروءةُ والنّـدى    والناسُ تَعرِفُنا بحسْنِ فِعــالِ
لو يعرفونَ حقيقةَ الحبِّ الـذي    نُوليـهِ للأوطانِ والخَيّـــالِ
لو يعرفونَ مدى تعلّقِ شَعبِنا    بالقدسِ، بالأقصى الحبيبِ الغالي
لو يعلمونَ بعزمِنا لِقتالِهــمْ     بالشِّيبِ بالشبانِ بالأشبـــالِ
بالطفل بالشيخ المسنِّ وبالمها      بحرائر كانت ذوات حجــالِ
بالسـيفِ بالبارود بالنارِ التـي   ستُحقُّ مطلبَنا في الاستقــلالِ
إنا رصدنا ألف جيل ماجـد     لقتالهم، يا فرحةَ الأجيـــالِ
لو يعلمون لما مَضَوْا بعنادِهم    ولغادروا فوراً بدونِ جــدالِ
فَهمُ قديماً مولَعون بثــروةٍ      وتجارةٍ تربو، وبالترحـــالِ
أبداً ِفلَسطين التي سقت العدى     كأسَ الهوان وخيبةَ الآمـــالِ
قد قالها عرفاتُ قائدُ شعبِنـا    نَجمُ الأعادي مُؤْذنٌ بــزوالِ
قد قالها عرفات باسمِ شهيدِنا     بدمي كتبتُ وثيقة استقلالــي