نظام القطب الواحد يعني مركز سلطة واحد، ومركز قوة واحد، ومركز واحد للقرارات، عالم سيد واحد وصاحب واحد للحقوق السيادية، مما يعتبر أمراً مهلكاَ في نهاية المطاف ليس بالنسبة لجميع من يكونون ضمن حدود هذا النظام فحسب بل ولصاحب الحقوق السيادية نفسه لان ذلك يقوم بنخرالنظام من الداخل و ينهي في نفس الوقت الادعاء بالديمقراطية لأن هذا النظام بعيد كل البعد عن الديمقراطية، طبعا لأن الديمقراطية هي كما معروف سلطة الأغلبية مع مراعاة مصالح وآراء الأقلية.
الولايات المتحده الامريكية أتخذت القوة بديلا عن الدبلوماسية، وجرى تجاهل الحلفاء بل والصدام معهم والأستحواذ على قرارات المنظمات الدولية، والتنصل من الاتفاقيات الدولية، غير ان هذا النهج في استخدام القوة والعلاقات مع العالم بما فيهم الحلفاء بات غير مقبول من القوى الاخرى ، من الجانب التاريخي معروف ان انفراد قوة عظمى بالنفوذ والسيطرة غالبا ما يسبب حالة عدم رضا ثم سعي القوى الاخرى لتصحيح هذا الوضع بل ومقاومته، وهو النمط الذي شاهدناه ونشاهده مع انفراد الولايات المتحدة بالقوة والنفوذ عالميا وتهميش بقية القوى، فرغم تقبل هذه القوى في البداية على مضض لحقيقة تفوق القوة الاميركية ومحاولة ترويضها، الا انها كانت تعرب عن عدم رضاها وتململها من محاولات انفراد الولايات المتحدة بالقرارات الدولية، والدعوة لعلاقات دولية ديموقراطية تقوم على تعدد القوى والمراكز، وقد بدأ هذا التصور يبدو اكثر احتمالا مع صعود قوى ثلاث هي الصين، روسيا، والهند، فالصين بشكل خاص يؤهلها نموها الاقتصادي غير المسبوق لان تكون خلال عقد او عقدين القوة الثالثة العالمية بل ربما زاحمت الولايات المتحدة مع منتصف القرن، وروسيا، التي بدأت منذ رئاسة بوتين، وهي تعمل على استعادة ادوارها الاقليمية والدولية وتأكيد ذاتها بصورة لا تخلو من مناوأة الولايات المتحدة، اما الهند فإن الخبراء يتوقعون ان تبرز باعتبارها القطب الثالث في الاقتصاد العالمي بعد الولايات المتحدة والصين، اننا مقبلون على عالم "متعدد الاقطاب " Uni Polar Systemتشكل فيه التعدديه الاقليميه رأس الحربه لقيادة العالم .
انتقلت السلطه في الاتحاد السوفيتي الى "ميخائيل غورباتشوفMikhail Gorbachev " بشكل هاديء وسلمي في عام 1989م ومن المميزات التي كانت تميز الاتحاد السوفيتي بانه شديد المركزيه ،كما انه اخفق في حل مشكلات التحديث مماكان له السبب الكبير وراء تدهور معدل النمو الاقتصادي والتي اثرت بشكل كبير على حياة المواطن،فقد حدثت مجموعة من الاحداث والانقلابات التي ادت الى تحريك الشارع، ففلسفة "البريسترويكاPerestroika " التي انتهجها" غورباتشوف"، تقوم على إعادة البناء الاقتصادي للدولة بالدرجة الأولى، والانفتاح على الغرب، والسماح للمنتجين بقدر كبير من الحرية في اختيار المستوردين والتعامل معهم مباشرة دون تدخل كبير من الدولة، حيث تأسست مؤسسات مشتركة تهدف إلى توفير رأس المال والخبرة الأجنبية لتغطية الحاجات الاستهلاكية للدولة منها، مع كل من فنلندا، والولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، والنمسا، وألمانيا، وسويسرا، وإيطاليا، والهند، ومصر، وعدد من الدول العربية.
وتهدف" البريسترويكا "في الأساس إلى الخروج من الأزمة الاقتصادية التي كان يعانيها الاتحاد السوفيتي، وهي دعوة للحوار يناقش فيها "غورباتشوف"، بجرأة نادرة، وضع المجتمع السوفيتي وما آل إليه ، كما أنها دعوة للتعايش السلمي مع الولايات المتحدة الأمريكية بما يجنب العالم الدمار النووي، كما أن" البريسترويكا "في الواقع محاولة من أجل تصحيح حركة الاشتراكية العالمية والنظام الاشتراكي الذي تفاقم أمره بسبب الانحرافات التي شابت تطبيق النظرية والتي أدت إلى سيادة الحكم السلطوي، والبيروقراطية التي أعاقت الجهاز الحكومي المهيمن، بالإضافة إلى الجمود الذي صاحب فهم النظرية الاشتراكية،مما استوجب تعديل هذا التفكير، قام "غورباتشوف" بمحاولة لدمقرطة الاتحاد السوفيتي واعتماد النظام الانتخابي في الوقت الذي برزت فيه الحركات القومية والانفصالية ،كل هذه التغيرات ادت الى الاضطرابات السياسية في الاتحاد السوفيتي .
اكدت تجربة انهيار الاتحاد السوفيتي رسمياَ في كانون الاول/ديسمبر من عام 1991م الى انهيار دول عظمى ونهاية الصراع السياسي والايدلوجي بين الشرق والغرب وانتهى نظام القطبية الثنائية التي استمر للفتره من 1947م وحتى 1991م وكذلك انتهت قضية التكهنات والنظريات حول قيام حرب عالمية ثالثة .لقداختلفت الأراء والافكار والحوارات حول طبيعة المتغيرات التي ادت الى انهيار الاتحاد السوفيتي حيث يعزوها البعض الى متغيرات ذات علاقه بالأثر المتتالي للسياسه الخارجية الأمريكية والبعض الاخر يعتبر ان سلبيات الواقع الداخلي للأتحاد السوفيتي كما اختلفت وتباينت الأراء حول تاريخ بداية تدهور الاوضاع الداخلية التي ادت الى انهيار الاتحاد السوفيتي والحقيقه تعود الى الدور الذي تناولته سياسة الرئيس "ميخائيل غورباتشوف "الداخلية والخارجية في تسارع انهيار بنى الاتحاد السوفيتي بعد توليه السلطه في عام 1985م عندما طرح مشروع "اعادة البناء - البيروسترويكاPerestroika "وسياسة الانفتاح والمصارحه - الغلاسنوستGlasnost "وقد تبين ان تلك المضامين التي انطوت عليها تلك السياسات هي في حقيقتها متناقضه مع ماأعتادت عليه الشعوب السوفيتيه لأكثر من 60عاماَ السبب الذي ادى الى انتشار الفوضى وتدهور معدل الانتاج وتخلخل الشعور بالأمن الذاتي وفي ضوء ذلك ادت مخرجات الحياة السياسيه الى تحويل سياسة التجديد واعادة البناء الى كارثه اجتماعية – سياسية داخل الاتحاد السوفيتي، وأن من اسباب تهاوي الاتحاد السوفيتي ايضاَ يعود الى تاريخها الذي حفزها على التوسع المفرط لحد كبير وان ولادة الدولة السوفيتيه بخلاف جميع الحسابات بالشكل الذي انجاها من حرب اهليه وعزله خانقة ،وتوالى على ادارتها حكام متسلطون حيث افلتت في الاعوام 1934م-1941م وبمهارة فائقة من حرب عالمية تلوح في الافق اطلق عليها "حرب اهلية بين الامبرياليين" حتى دحرت العدوان النازي بالتعاون مع الحلفاء الغربيين .
انتهت الحرب البارده بشكل اوتوماتيكي بعد تفكك الاتحاد السوفيتي حيث فقدت مرحلة الحرب البارده مبررات استمرارها ثم قامت الثوره المخمليه كما اطلق عليها في تشيكوسلوفاكيا في عام 1985م وسقوط الانظمة في بولونيا والمجر والمانيا الديمقراطيه وبلغاريا ورومانيا في نفس العام اعلاناَ بنهاية الصراع بين طرفي الثنائيه القطبيه .
محور النظام العالمي القوه المركزيه العالمية الولايات المتحده الامريكيه قد باتت على المستوى الجيوسياسي تترنج وتهتز والدليل على ذلك هو ان العديد من الدول والانظمه بدأت بالوقوف بوجه مخططاتها الاستراتيجيه وعدم قدرتها على الاستمرار بتلك المخططات وماموقف الصين وروسيا الواضح في استخدام حق النقض "الفيتو" بحق مشروع قرار اوربي قدم الى مجلس الامن ضد سوريا الا دليل على ان المحور الامريكي الغربي ومخططاته التي تستهدف الشعوب الناميه .
يعود اسم العم سام الى القرن التاسع عشر الى حرب عام 1812م تحديداَ فالأسم مأخوذ من اسم جزار محلي امريكي يدعى "صموئيل ويلسون Samuel Wilson" هذا الجزار كان يزود القوات الامريكية المتواجده بقاعدة عسكرية بمدينة "تروى" الواقعه بولاية نيويورك بلحم البقر وكان يطبع براميل هذا اللحم بحرفي " U.S."والتي تعني الولايات المتحده اشارة الى انها ملك الدوله فاطلقوا لقب العم سام على التاجر فحرف" U" يرمز الى "Uncle "اي العم والحرف "S "يرمز الى " SAM"اي سام وهو عموماَ يطلق على امريكا بانها بلاد العم سام.
ويبدوا ان بلاد العم سام تعيش هذه الايام حركة احتجاجات وتظاهرات وتجمعات مشابهه الى حد ما لتلك التي شهدها الاتحاد السوفيتي في بداية ازمة الانحدار والتفكك،ولست أزعم هنا ان الولايات المتحده الامريكيه ستتعرض الى تفكك وانهيار خلال ايام لكن الدراسه المستقبليه للاحداث والحتمية لطبيعة الاشياء تؤكد انها في طريقها الى الانهيار وهنا لابد من اشير الى قول السناتور الامريكي "دافيد غوردنSenator David Jordan "في خطاب له امام نادي الصحافه الوطني في واشنطن بتاريخ الثالث من نيسان/أبريل عام 1990م ان انهيار الاتحاد السوفيتي ربما يؤدي الى انهيار الولايات المتحده الامريكيه عما قريب،واكثرية الاطروحات التي قدمت عن الانحطاط الامريكي المرتقب ،نحن هنا لانتحدث عن هزيمه عسكرية كبرى او اجتياح للأراضي الامريكية ولكن نتحدث عن" انفجار داخليImplosion "نتيجه ازمه اقتصادية واجتماعية وانهيار النظام القيمي الذي شكل مصدر فخر للأمريكيين طيلة القرن العشرين، اي انهيار الولايات المتحده الامريكيه بسبب العوامل الداخلية ومع ذلك هذا لايعني ان السيطره والتغلب على الصراعات يكون بصوره نهائيه داخل المجتمع .
في ايلول/سبتمبر من عام 2008م بدأت الازمه الماليه التي اطلق عليها العالميه والتي اعتبرت هي الأسوأ من نوعها منذ زمن "الكساد الكبير "Great Depression، والكساد الكبير هو مصطلح اطلق على ازمه اقتصاديه حدثت في عام 1929م ومروراَ بالثلاثينات وبداية الأربعينيات وتعتبر اكبر واشهر الازمات الاقتصادية في القرن العشرين ويضرب فيها المثل لما قد يحدث في القرن الواحد والعشرين ومدى سوء الازمه التي قد تحدث، لقد بدأت الأزمه في امريكا ويقول المؤرخون انها بدأت مع انهيار سوق الاسهم الامريكيه في 29تشرين الاول/ اكتوبر من عام 1929م والمسمى "بالخميس الاسود" وكان تأثيرهذه الازمه مدمراَ للدول الفقيره والغنيه وقد تسببت هذه الازمه في اضطرابات سياسيه دفعتها لتكون اما من دول اليمين او من دول اليسار وكانت هذه الازمه من اسباب اندلاع الحرب العالميه الاولى ،ان من اسباب الازمه الماليه في الولايات المتحده عام1929م هو عدم استقرار الوضع الاقتصادي وسياسة كثافة الانتاج لتغطية حاجات الاسواق العالمية خلال الحرب العالمية الاولى بسبب توقف المصانع في بعض الدول الاوربيه بعد تحولها الى الانتاج الحربي وعودة الكثير من الدول الى الانتاج بعد انتهاء الحرب والأستغناء عن البضائع الامريكية لهذه الأسباب تكدست البضائع في الولايات المتحده وتراكمت الديون وافلس الكثير من المعامل والمصانع وتم تسريح العمال وانتشرت البطاله وضعفت القوة الشرائيه وتفاقمت المشاكل الاجتماعية والاخلاقيه بالاضافه الى ذلك اثار تلكوء الدول الاوربيه في تسديد الديون المتوجبة عليها للولايات المتحده الامريكية الكثير من التكهنات عند مواطني الولايات المتحده الامريكية وفقد المستثمرون الامريكيون والاجانب الثقه في الخزينه الامريكية وانعكس ذلك على "مصنف وول ستريت" حيث اقدم المساهمون في الشركات الكبرى على طرح اسهمها للبيع بكثافه وادى ذلك الى هبوط اسعار الاسهم بشكل حاد وجلب المزيد من الافلاس والتسريح والبطاله .
اثرت الازمه الاقتصادية الكبرى تأثيراَ كبيراَ في الانظمه الرأسمالية فقد تحول النظام الاقتصادي الرأسمالي الحر الى اقتصاد موجه وخضعت بعض القطاعات الحيويه مثل شركة انتاج الفحم الأنجليزيه وشركة المترو الفرنسيه لنظام التأميم كما تدخلت الدوله لتوجيه الصناعيين والمزارعين والمستثمرين وتوعيتهم ،واسهمت الازمه في وصول الانظمه الدكتاتوريه الى السلطه في بعض البلدان كالنازيه في المانيا واغلقت اسواق كثيرة في وجه التجاره العالمية وتوقف التبادل التجاري واتبعت دول كثيره سياسة الاكتفاء الذاتي مثل النظامين الفاشي في ايطاليا والنازي في المانيا فقد كانت ازمة الكساد الكبير نتيجه من نتائج الحرب العالمية الاولى وسبباَ من اسباب قيام الحرب العالمية الثانية ، اما الازمه الماليه العالمية التي بدأت العام 2008 م في الولايات المتحده الأمريكيه ايضاَ سرعانما تمددت الى دول العالم التي ترتبط بالاقتصاد الامريكي بشكل مباشر والتي نتجت عن عدم تسديد تسليفات الرهن العقاري مما تسبب في اولى عمليات الافلاس في مؤسسات مصرفيه متخصصه وتفاقمت هذه الازمه حيث انهارت البورصات وتدهورت امام مخاطر اتساع الازمه وفي 14-15 ايلول/سبتمبر من عام 2008م اعلن عن افلاس مصرف الاعمال الامريكي "ليمان برادرز" وقد وصل عدد المصارف التي انهارت في الولايات المتحده الامريكيه اكثر من 19 مصرفاَ وهو انهيار سريع قد تكون نتائجه على المنظور القريب كارثية على امريكا ،في الاتحاد السوفيتي كانت النفقات الاقتصاديه والمالية الهائله على الترسانه العسكريه وعلى دعم الحركات والتنظيمات الشيوعيه وعلى الحروب الأقليميه في دول العالم الثالث مما ادى الى الانهيار المدوي والتفكيك السريع لهذا الاتحاد في الولايات المتحده الامريكيه الامر متشابه الى حد كبير فهي قد انفقت على حروبها من اجل الهيمنه والسيطره الكثير من الاموال التي ادت بشكل وبأخر الى قيام الازمه الاقتصاديه التي ستكون نتائجها كبيره على المستوى الاجتماعي والسياسي ،في امريكا نشأت الأزمة المصرفية العالمية من التنظيم المشوب بالمثالب ومن الحوافز الخاطئة التي أعطيت للبنوك لكي تبيع قروض الرهن السكني للأمريكيين الفقراء الذين ليست لديهم القدرة على السداد، وأيضاً من المديونية الضخمة في النظام المالي. لقد نشأت هذه التشوهات بشكل جزئي جراء الإختلالات العالمية المدفوعة من قبل الأمريكيين الذين يعيشون على الائتمان الرخيص والمصدرين والمدخرين الصينيين الذي أسهموا بفائض الحساب الجاري الكبير.وحتى وقوع الانهيار العظيم في عام 2008م، دارت هذه الدوامة المالية من دون أن يتم الاكتراث بها.
"ليونيل باريرLionel Barber " رئيس تحرير صحيفة "الفاينانسال تايمز" كتب يقول: " أدى تلاحق الأزمات السياسية والمالية بعد أحداث الحادي عشر من ايلول/سبتمبر إلى انقلاب الاقتصاد العالمي رأساً على عقب. فقد أصيبت الولايات المتحدة بالضعف وتم تهميش أوروبا، وبدأت آسيا في الوقت الحالي في الصعود، وبين ليلة وضحاها، أصبحت الولايات المتحدة تعتبر دولة مارقة،وزادت المخاوف مع نشر مذهب الأمن القومي المنقح عام 2002 م الذي أسقط مفاهيم الحرب الباردة المتمثلة في الاحتواء والردع،وحلت مكانها استراتيجية الاتكاء إلى الأمام المتمثلة في العمل العسكري الوقائي، وتغيير النظام، بناءً عليه، تم شن الحرب دون دعم الحلفاء التقليديين مثل كندا، وفرنسا، وألمانيا، ودون دعم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ودون وجود دليل حاسم على أن العراق كان يمتلك أسلحة الدمار الشامل التي تشكل تهديداً مباشراً للولايات المتحدة. وأما بالنسبة إلى الحلفاء، فقد قدم رئيس وزراء بريطانيا،" توني بلير"، غطاءً سياسياً موالياً، على الرغم من أن" دونالد رامسفيلد"، وزير الدفاع الأمريكي السابق، أعلن بسخرية أن القوات البريطانية كانت فائضة عن الحاجة بالمعنى العسكري. أما حلف الناتو، بعد أن فعّل للمرة الأولى المادة الخامسة التي تلزم جميع الأعضاء بالدفاع الجماعي، فقد تم تهميشه بالمثل. وكان شعار واشنطن يتمثل في عبارة المهمة تحدد التحالف، ولكن التحالفات الانتقائية تعمل بالاتجاهين وبحلول نهاية العقد، كان الحلفاء الأوروبيون يستخدمون المحاذير لاختيار الخروج من العمليات العسكرية في أفغانستان، والعراق، وليبيا. ومن هنا جاء تحذير وزير الدفاع الأمريكي الذي انتهت ولايته أخيراً، "بوب غيتس"، من أن حلف الناتو يصبح غير ذي صلة على نحو سريع ظهرت أوروبا بشكل متضائل كذلك – ليس فقط خلال النزاع الليبي حيث اختارت ألمانيا عدم المشاركة، ونفدت ذخيرة بريطانيا وفرنسا في غضون أسابيع. وفي بداية القرن الجديد، وحيث تملؤهم الحيوية بسبب نجاح إطلاق الاتحاد النقدي الجديد، اتفق قادة أوروبا على خطط لجعل الاتحاد الأوروبي المنطقة الاقتصادية المنافسة دون منازع في العالم. وبأثر رجعي، توجت "أجندة لشبونة "التي كثر الحديث عنها قمة الطموحات التي تزامنت مع انفجار فقاعة الإنترنت. بعد مرور اكثر من عشر سنوات، أثبت التصميم الأصلي للاتحاد النقدي الأوروبي أنه خاطئ جوهرياً. وتم تجاهل آليات تطبيق انضباط الميزانيات من جانب الأعضاء الكبار، والأصغر على حد سواء، بمن فيهم ألمانيا، وانكشفت الاقتصادات الطرفية في اليونان، وإيرلندا، والبرتغال، وإسبانيا، والتي نهضت على حساب معدلات الفائدة المتدنية، بكونها غير تنافسية.
وقد وصف "الأدميرال وليم مولينAdmiral William Mullen "، الرئيس المنتهية فترته لهيئة الأركان المشتركة، الدين القومي بأنه أكبر تهديد للأمن القومي للولايات المتحدة. ويبدو أن تخفيض وكالة "ستاندرد أند بورز" الأخير للتصنيف الائتماني لأمريكا يؤكد حالة الانزلاق الثابتة للقوة العظمى.
والسؤال المهم الذي يراود اذهاننا ما إذا كان الرد العسكري للإدارة الامريكية على هجوم 11 أيلول /سبتمبر يرقى إلى تشتيت الانتباه والموارد ، وغير المناسبين، في وقت تتم فيه إعادة تشكيل العالم عبر نهضة ممثلين جدد أقوياء، أي الصين على وجه الخصوص، في أعقاب الهجوم على البرجين التوأمين ، بدا أن هناك توافقاً جيوسياسياً يماثل ذلك الذي حدث عام 1815م، أو 1945م، أو 1989م، يتشكل من جديد. وحشدت الولايات المتحدة تحالفاً ضد الإرهاب شمل منافسين مثل روسيا، والصين، إضافة إلى أطراف كانت منبوذة في الماضي، مثل كوبا، وإيران، والسودان.
لقد وصفت "كوندوليزا رايز"، مستشارة بوش للأمن القومي ووزيرة خارجيته، ذات مرة تعدد القطبية بأنه نظرية منافسة، وشر لا بد منه. وبعبارات اقتصادية، فإن تعدد القطبية يعني وجود نظام جديد يكون فيه الاعتماد المتبادل هو العرف، ولا تعود فيه الولايات المتحدة رغم أنها ما زالت قوة ساحقة تحتل دور المسيطر.
يقول "والتر روجرزWalter Rogers ": رمزان من رموز القوة الاقتصادية الأميركية، هما "جنرال أليكتريكGeneral Electric Inc " و"بيركشر هاثويBerkshire Hathaway Inc "، يفقدان الكثير من جدارتهما الائتمانية. ثم تأتي الصين التي تعد أكبر مقرض لأميركا، لتدعو إلى اعتماد عملة عالمية جديدة تحل محل الدولار بعيد أسابيع على مطالبتها بضمان سلامة ديونها المستحقة على أميركا، والتي تناهز تريليون دولار... كل ذلك في غضون شهر مارس وحده، والحال أن هذه الأحداث ليست سوى أحدث الإشارات على أن عالمنا بصدد التحول بشكل أسرع وأعمق مما قد نريد، نحن الأميركيون وساستنا- الاعتراف به، وهو أن وضع القوة العظمى آخذ في التراجع بوتيرة سريعة تعادل سرعة تدهور اقتصادها، وما إقرار الرئيس أوباما مؤخراً بأن الولايات المتحدة ليست بصدد الفوز في أفغانستان إلا أبرز اعتراف بهذا الواقع الجديد المؤلم. فما الذي قاله الرئيس للأميركيين ياترى؟ ميلتون بيردن، وهو محلل رئيسي سابق في وكالة الاستخبارات المركزية متخصص في أفغانستان، يقول: "إذا لم تكن بصدد الفوز، فذاك يعني أنك بصدد الخسارة".
في الولايات المتحده بدأت الامور تتسارع حيث بدأت مسيرة من مخيم المجتمعين في" زوكوتي بارك" وسط "مانهاتن" قرب موقع مركز التجارة العالمي السابق وقد حظيت هذه الحركه الاحتجاجية بدعم بعض أاعضاء النقابات العمالية حيث تعهد اتحاد المدرسين ونقابة عمال النقل المحلية بالأنضمام الى المحتجين وهو تطور نوعي لهذه الاحتجاجات لان هذه النقابات تستطيع توفير دعم تنظيمي ومالي مهم لهذه الحركه التي هي في الحقيقة خالية من القيادة .
ان الشعارات التي رفعت خلال تلك الاحتجاجات تستدعي ان نتوقف عندها من اجل ان نرى الحاله التي وصل اليها الداخل الامريكي فنرى مثلاَ ان شعار "اوقفوا التجاره بمستقبلنا Stop Trading Our Future " و "الشعب يريد اسقاط الفساد والمحسوبيه واسقاط وول ستريتWall Street " هذه الشعارات تعني ان هناك غليان شعبي شديد يجري في الخفاء سوف يظهر في الايام او ربما الاشهر القادمة ،هنا لابد من ان نتوقف عند الحركات والاحزاب والتجمعات الشعبيه والنقابيه لنرى ماهي طبيعة تلك المطالب ومدى كثافة الاعتصامات والاحتجاجات ومن هي اكبر التجمعات والحركات التي تتبناها.
في موقع "يوم الغضب الامريكيUS Day Of Rage "www.usdayofrage.org على الانترنيت حدد موعداَ لبدأ الاحتجاجات والرفض في 17 ايلول/سبتمبر من عام 2011م ان هذا اليوم سيكون بداية انتفاضة الغضب الامريكي حيث تقول "اليسكا اوبرين" الناشطه الامريكية تقول انها صاحبة الدعوه ليوم غضب امريكي وجاء في الموقع ايضاَ ان قانون تمويل الحملات الانتخابية في أمريكا يضرب الديمقراطية في صميمها لانه يجعل الانتخابات لعبة في يد رجال الاعمال والشركات الكبرى التي تسخره لمصالحها التي لاتلتقي مع مصالح الشعب الامريكي فأعضاء الكونغرس يحمون مصالحهم وليس مصالح الشعب الامريكي .
جاء ايضاَ مانصه : "الاحتجاجات والمسيرات التي تشهدها امريكا اليوم ماهي الا البذره"بذرة الثوره" التس ستزدهر عماقريب وماهي الا مسألة وقت حتى نرى الشعب الامريكي يثور على جماعات المصالح التي تسرق قوته وترسل قواته للموت في معارك خارجية من اجل البترول والسيطره الاقتصادية".
ان الدوافع واضحه ومحدده وهي المطالبة بانتخابات حره ونزيهة ومشاكل وتجاوزات الحكومه التي تؤدي الى اهدار الثروات والقضاء على ارواح المواطنيين الامريكيين والنفوذ الخاص الذي يفسد الاحزاب السياسية والانتخابات والمؤسسات الحكومية وحسب موقع يوم الغضب الامريكي فان هناك شخصيات خائنه للوطن تعمل لمصالحها الخاصه وهي شخصيات لاتملك الكفاءه قامت هذه الشخصيات باغتصاب قوتنا العسكرية نتج عنه تهديدات لحريتنا ولأمننا الوطني لقد صممت المؤسسات الحكومية لحماية مباديء جمهوريتنا الديمقراطية وخدمة ارادة المواطنيين سابقاَ لم نكن بحاجه الى اي احد وكان عندنا مايكفي وكانت الحكومه تعمل للمصلحه الذاتية والارادة الشعبية التي طالبها المواطنيين عبر الانتخابات الحره والنزيهه وكانت لاتنبع من طغيان المصالح الخاصه والمحسوبية او نظام او الايدلوجيه التي تتعارض مع اهداف الحياة ،اليوم الشركات الامريكيه و حتى تلك التي يملكها المساهمين الاجانب تستخدم المال لتكون بمثابة اصوات الملايين في حين يتم اسكات المواطنيين والناخبين الشرعيين ،نحن نطالب بان تتم استعادة نزاهة الانتخابات لدينا .
الامريكيون غاضبون من ارتفاع التضخم و تراجع النمو الذي يؤدي الى مشاكل الاقتصاد المزمنه وارتفاع البطاله وفساد الانتخابات الذي جعل من الحكم الامريكي مجرد سراب ". ان هذه الدعوات بدأت تمليء الفضاء الالكتروني والتي تدعوا الى توسيع نطاق التظاهرات والاحتجاجات والمطالبة بانضمام النقابات والاتحادات الى هذه الاحتجاجات وبالفعل فقد انضمت عدد من النقابات لهذه الاحتجاجات والاعتصامات مما يعني ان التوسع والانتشار مستمر وستزداد شده وحجم هذه الاحتجاجات .
ويعتبر رفض الامريكيين لأي ضريبه اضافيه تعبير عن آلية تراجع بلد يعجز ان يجمع بين المجهود العسكري والولاء للدوله وهذه حقيقه لامناص او الالتفاف عليها ان رد الحلم الامريكي الذي بدأ يتوضح بشكل كبير منذ سقوط الاتحاد السوفيتي وهيمنة القطب الواحد هو سبب الداء الذي يعانيه المجتمع الامريكي الذي لم يعد قادراَ على الايمان بشيء..
حركة "لنحتل وول ستريتA movement to Occupy Wall Street " وعلى موقعها على الانترنيت www.occupywallst.org تؤكد ان التظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات ستبقى دون قياده ،فقد نزل الى الشوارع عشرة الاف متظاهر وقد انضمت الينا النقابات المختلفه وسنقوم بتظاهره مليونيه خلال ايام.
في صورة بالابيض والاسود لطفل متظاهر رفع على صدره لافته كارتونيه تقول "انا هنا معكم بسبب انكم هنا من اجليI am Here With You Because You Are Here For Me ".
حزب الاحتلال " The Occupy Party" على موقعه على الانترنيت " www.occupyparty.org" يقول:نحن نمثل 99% من الامريكيين اما الباقي 1% فيملكون 50% من كل شيء ،وان حركتنا الشعبيه الوطنيه والمقاومه الاحتجاجيه هي التي ستستمر حتى تحقيق اهدافها ،لن نكون صامتين بعد الان والترهيب مع مقاومتنا المدنيه لن ينفع والاحتجاجات في الشوارع لن تتوقف فاننا لم نعد نحتمل الجشع والفساد من 1% ونحن نمثل مختلف الانتماءات السياسيه والاجناس والالوان ،لقد فقدنا كل شيء في حين ان القطط السمينه في "وول ستريت"يزدادون ثراء وجشع ويشربون الشمبانيا الخاصه به.
اماحركة "الأتحاد من اجل تغيير العالمUnited for Global Change " والتي تطلق على نفسها "حركة 15 أكتوبر " فقد ورد على موقعها على الانترنيت " www.15october.net" ستنظم مسيرات كبرى في الشوارع والساحات من اجل المطالبه بالحقوق وفرض ديمقراطيه حقيقيه محصنه ،آن الآوان لنجمع قوانا ونتحد في احتجاجات سلميه، الانظمه السلطويه تخدم مصالح بعضهم وتدعمهم مع عدم مبالاتها بارادة الغالبية انسانيتها ومحيطها وهذه الوضعيه يجب ان يوضع لها لحد وذلك بتوحيدنا تحت صوت واحد يوصل الى مسامع السياسيين الذين يخدمون مصالح النخبه الماليه انه وحدة الشعب يحق له ان يقرر مصيره ومستقبله ولااحد غيره نحن لسنا بضاعه في ايديهم ولا في ايدي اصحاب البنوك الذين لايمثلوننا وسنواصل النضال من اجل الوصول الى مبتغانا .
التعليقات (0)