مواضيع اليوم

بداية عصر الحداثة العربية

سلام الهدى

2011-03-07 20:08:40

0

بداية عصر الحداثة العربية
, في عصرثورات المعلوماتية الكبرى التي نحن لسنا شركاء فيها و إنما مستهلكين فقط تدخل- شعوب- العالم العربي والإسلامي في بداية القرن الواحد والعشرين في بداية حداثة جديدة و عملية تغيير في كل المجالات, وهي ثورة بأدوات القرن الواحد والعشرين حيث صار لمواقع التواصل الاجتماعي دور في كسر هيمنة السلطة على الإعلام العمومي والخاص، واذا كانت شعوب العالم العربي لم تشارك في أي ثورة فكرية أو صناعية وعلمية, فانها استفادت من نتائج الثورة المعلوماتية لتحقيق بداية النهضة المعرفية, مما يعني اننا بدأنا نعيش داخل التاريخ وليس على هامش التاريخ
الثورات مقدمات وارهاصات لعصر الحداثة
عموما في كل مجتمع تجري الثورات عندما يتجمد الدم في عروق الطبقة الحاكمة. والآن من جديد عادت إلى شعوبنا الحياة ! وروح الشباب , روح التغيير والمجازفة والمغامرة , من اجل إعادتنا إلى الحياة , وطعمها الحقيقي .
ان مصطلح الثورة المفعم بالرغبات والانفعالات الوجدانية والمستعمل ، في توصيف التحركات الشعبية الواسعة التي تنادي بالديمقراطية، ، أدى إلى تداخل الحدود وتضييع الفواصل بين مصطلحات عديدة يجري استخدامها بدون تدقيق كالثورة والتغيير والإصلاح ، ولذلك فاننا نحتاج إلى وقفة مع هذه المصطلحات لتحديد محتواها والسياق الذي يفترض أن تستخدم فيه.
فالثورة هي نهضة شعبية واسعة تقصد إحداث تغيرات تشمل العلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفكرية والاخلاقية للمجتمع واعادة تنظيمها وبنائها واستبدالها جذريا وهي تبدأ بتمرّد واحتجاج قوي يعصف بالنظام القائم، أمّا استكمالها فحركة مستمرة. وإذ نتفق على أن محرك الثورات هو اليأس وغياب الأمل وانسداد أفق الإصلاح والتغيير فان اغلب الثورات تراكمية ومتصاعدة و تتم بصورة سريعة ومفاجئة، ولكنها تطول لسنين عديدة حتى تتمكن القوى الجديدة من إنجاز تحول عميق وجذري في الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والأخلاقية .
ان بداية عصر الحداثة يكون بالتغيير الذي هو اداة الثورة في تعديل البنى والهياكل القائمة في المجتمع، والذي يتميز بالانتقال الجذري والشامل في مختلف مناحي الحياة وأنشطتها، من وضع الى وضع آخر مختلف تماماً، ، و يتم التغيير بالتفاعل بين مختلف مكونات المجتمع والسلطات القائمة في سياق عمليتي هدم وبناء مترابطتين والذي غالبا مانعبر عنه بالقطيعة المعرفية التي تحمل في طياتها تفاعل الناقض والنقيض لانشاء ايدولوجية معرفية جديدة تلائم الاسس الحضارية الجديدة .
ونطلق مصطلح الإصلاح الذي يعني إجراء تعديل أو تبديل لبعض مكونات المجتمع أو إعادة إنتاجها بصورة جديدة في شروط متغيرة لصالح مقومات التفاعل الايجابي والتقدم. وللإصلاح أنماط متعددة، قد يكون شاملاً او جزئيا ، ويرتبط بأهداف تحدد محتواه بصورة مسبقة.
وإذا كانت كل ثورة تعني بالضرورة التغيير وتتضمنه فإن كل تغيير يعني بالضرورة إصلاحاً ويتضمنه. فطالما تقوم الثورة على المشاركة الشعبية الواسعة لإنجاز القطيعة المعرفية لايجاد البديل، يقوم التغيير بالتعاون بين اجزاء من مكونات المجتمع للسماح لها بالتفاعل وانشاء واقع جديد يناسب تلك المكونات.
وبالتالي فانه بمعرفة القوى الاجتماعية المشاركة في الثورات وفي عملية التغيير أو الإصلاح، نعرف النهاية والحدود التي ستنتهي اليها الأمور والطريقة التي ستتم بها وتحديد مدى عمق هذه التطورات وآفاقها، أهي تراكمية وتدرجية أم عبر قفزات وقرارات نوعية تفتح الطريق أمام تطور سريع للقوى الجديدة وتبلورها.
كما ان حالة الازمان المرضي وشدته تعين الطريقة في معالجة هذا المرض وقد تحتاج الى بتر او تغيير أو تجديد تعيد الاعتبار لدور المجتمع وقواه الحية، وأن أي تغيير حقيقيين للبنى القائمة ومعالجة تشوهاتها الخطيرة ومشاكلها الكثيرة لابد له أن يركز الجهد أولاً على مهمة عتق الناس وتحرير إرادتها لانتاج حركة الكتلة الاجتماعية التي ستقوم بعملية التغيير.
ولابد ان نذكر ان الأوضاع الحالية لمجتمعاتنا العربية وتشابه أسباب أزماتها، يؤكد الحاجة الى إجراءات سياسية تطلق دور الإنسان وتحرره من القهر والوصاية، وتفضي به إلى بناء حياة جديدة تقوم على قواعد من الحرية والتعددية والمشاركة. كما انه من العبث الرهان على نجاح اية قطيعة معرفية وانشاء حضارة جديدة بدون تحرير ارادة الانسان وفتح المجال امام ابداعاته في انتاج فكر حضاري جديد.
أن التغيير في ميدان السياسة هو الخطوة الصحيحة التي توفر فرص نجاح عملية التغيير بأبعادها المختلفة، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما أن دعم الديمقراطية وقيم المشاركة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتغيير السياسي المطلوب الوصول اليه. مع ملاحظة أن المجتمعات العربية تحتاج في الظروف المأزومة والحرجـة التـي تمر بها إلى نموذج في العلاقة بين السلطة والمجتمع قادر على بلورة حد من الإرادة الجمعية وتمثيل المصالح المتعددة والمتباينة لكل طبقاته وفئاته.
ان الجامع بين انظمة الدول العربية هو ضعف قوامها الديمقراطي بصورة عامة، كما انها نظم تعادي أبسط مظاهر الحياة الديمقراطية بغياب أدنى حقوق الإنسان وحرياته. وهي تحتاج من حيث جوهر الأمر الى هد ف واحد وهو إعادة إنتاج مصادر شرعيتها لتحل محلها الشرعية الديمقراطية الدستورية التي ترتكز الى ارادة الامة في التغيير والقطيعة المعرفية. والذي نعني به بداية عصر الحداثة العربي.
لقد دق ناقوس التغيير، والتطورات التي حصلت وتحصل في عدد من البلدان العربية أيقظت قطاعات واسعة من الرأي العام وشجعتها على تحسس همومها ومصالحها ومنحت فكرة الانتقال نحو الديمقراطية حضوراً قوياً لتشغل الحيز الذي يليق بها في بناء المجتمعات وسبل تقدمها، ما يعني أنه بات من المطلوب من كافة الأنظمة العربية المبادرة لإنجاز انفتاح واسع وجريء على الشعب وقواه الحية وإزاحة حالة التسلط والاحتكار التي سادت لزمن طويل، والاعتراف باستحالة مواجهة الانسداد القائم اليوم وهذا الإخفاق الذريع في مسارات التنمية دون انجاز تغيير أو إصلاح سياسي حقيقي يدشن، دون تقويض أو تدمير، عملية الانتقال من أشكال حكم مأزومة إلى الحكم الديمقراطي.

الحداثة العربية تعريفها وخصائصها وموقف الاسلام منها
وبتعبير اخر ان عصر الحداثة العربية قد بدا كما انه لا يمكن أن تنهض الحياة العربية ويبدع الإنسان العربي إذا لم تتهدم البنية التقليدية السائدة في الفكر العربي والتخلص من المبنى الديني التقليدي الإتباعي". ويمكن اعتبار عصر الحداثة بداية الفوضى الاجتماعية التي تحمل في طياتها بداية التغيير للحضارة الانسانية العربية في مراحلها المتعددة ونخص منها بداية العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين
ما نقصه بالحداثة انها تصور فلسفي جديد – تماماً – للكون والإنسان والحياة،. ، وليست تلك التي تسايره في وضع سباته الحالي، وإنما هي التي تعارضه ! أي تصدمه، وتخرجه من سباته، و تفرغه من موروثه وتقذفه خارج نفسه، إنها التي تجابه السياسة ومؤسساتها، الدين ومؤسساته، العائلة ومؤسساتها، التراث ومؤسساته، وبنية المجتمع القائم. كلها بجميع مظاهرها ومؤسساتها، وذلك من أجل تهديمها كلها!,وبناء بديلها كمرحلة من مراحل التطور الاجتماعي.
وبمعنى اخر من أجل خلق الإنسان الجديد، علينا ان نفهم منهج الحداثة وتطبيعه بالاطر الانسانية الاسلامية
والابداع في تطوير هذا المنهج بعد تجريده من رواسب الحداثة المادية مهمة صعبة للغاية تحتاج جهدا ضخما من المفكرين الاسلاميين
ان الإسلام لايقف عائقاً أمام المجتمعات العربية للتقدم نحو "الحداثة"؟ كما انه لايقف ضد "التحديث"كمنهج علمي، بل ضد "الحداثة" كفكر يحمل في طياته التجسيد المادي الالحادي للحضارة الانسانية.
كما ان فكر الحداثة يحمل حرية الإبداع، وينطلق بالفكر الإنساني نحو مجاهل غير مألوفة، لا سيما ما يتعلق منه باستخدام المنهج العقلي النقدي التجريبي ولذلك يجب عزله كمنهج عن مجال التجسيد الحضاري .وايجاد البديل الذي يتوافق مع طبيعة حضارتنا الانسانية الاسلامية
وليس من الغريب ان تخضع حركة التحديث الى قوانين التغيير الاجتماعي في مبدأ الفعل ونقيضه وأن كل حركة جديدة للحداثة تعارض سابقتها في بعض نواحي شذوذها وتتابع في الوقت نفسه مسيرتها في الخصائص الفكرية الرئيسية للحداثة.
و اخيرا تهدف الحداثة إلى التحرر من الواقع الموجود ومن قيمه الحضارية المادية وتحطيم كل المخلفات الفاسدة لهذه الحضارة، ومن ثم بناؤها على اسس فلسفية جديدة تتمثل في تحرير ارادة الانسان من كل القيود التي تقف في وجه ابداع الفرد لانتاج حضارة انسانية على اسس فلسفية جديدة.
وهنا لابد من الملاحظة الى اثر الغياب الفكري والمدني المؤسساتي للحداثة وتاخر تطور الفكر الاسلامي، مما جعل الناس تنغمس بشكل آلي في حداثة أفرغت من قيمها. .
واخيرا ان ما نعيشه اليوم في المجتمعات العربية لا يعبر عن مأزق الفكر الديني بقدر ما يشير الى مأزق سياسي واجتماعي، بسبب النقص قي تنمية الحريات الإنسانية وتشجيعها، (الفردية والجماعية) .لذلك بقيت هذه المجتمعات من دون هوية، وحرم الإنسان من قيمه الذاتية والشخصية .وهذا مما يدل على صعوبة هذا التجديد للخطاب الابداعي الاسلامي .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !