بثمن بخس

بثمنٍ بخْس
في الأمس , في كلّ وقت , وفي رمضانَ لا سيّما قبيل غروب الشمس , تصبحُ شوارعُنا مسارحاً للأجسادِ الممزّقةِ المضرّجةِ بالدّماء , وللجثثِ المسجّاةِ على قارعةِ الطّريق , كأنّها دمىً تُباعُ بأبخَسِ الأثمانِ وأزهدِ الأسعار , كلّ ذلك بسبب كابوسٍ أصبحَ يُطاردُنا في الليل , وشبحٍ يُلاحقُنا في وضح النّهار , إنّه الاستهتار .
على الطّرقات , تتكرّر المشاهدُ المأساويّة , ونسمعُ أنينَ الجرحى , وتتعالى الآهات , وفي المشافي من حولهم نساءٌ أبدعتْ في اللّطم والنّواح وشدّ شعر الرّأس , على هذه المشاهد يترنّم السائقون المهرة , بل ويجيدون على جراحهم الهزّ والرّقص .
ما نمسي به, نصبح عليه , حوادث متنوّعة , انقلاب واصطدام ودهس , والأسباب تتشابه , السرعة الزائدة , وعدم التقيد بإشارات المرور , والتجاوز الخاطئ .
ألا يعتبر من يتجاوز القوانين التي وضعت لتحافظ على حياة الناس مجرماً بحق نفسِه أولاً ومجرماً بحقّ غيره ثانيا ؟
لا يحصل السّائق على رخصة القيادة إلا بعد أن يكون ملمّا بقوانين السير كلها , ويطبقها قبيل الامتحان العملي الرسمي , لكن سرْعان ما ينساها أو يتناساها , ليعتبر نفسه فوق القانون , ويعتبر نفسه أمهر السّواقين , وأشجعهم , فيكون كصاروخ يحمل مركبة فضائية يودّ أن يغزوَ بها الفضاء , ويتّهم من يطبقُ القانون بوجود رجال الشرطة وبعدم وجودهم بالجُبْنِ وقلّة الخبرة . علما أنه من الضروري أن يكون السائق رجلَ شرطة على نفسه , حقنا للدماء وحفاظا على حياة الناس وسلامتهم .
لا بدّ لأصحاب العيون السّاهرة من تشديد المراقبة على تصرّفات السّائقين , كونهم متمرّدين على القانون , ولا يلتزمون به بدافع ذاتيّ , وإنزال العقوبات الرّادعة بحقّ المخالفين , لنتجنب سماع الأخبار التي تقشعرّ لها الأبدان , وحتى يكفينا الله كآبة المنظر في سفرنا .
حفظكم الله وإيّانا من الشّرور

http://www.alfajertv.com/pens/28709-cheaply.html