بتوقيع عبد الله توكان وأنتوني كوردسمان
سيناريوهات الضربة الإسرائيلية المحتملة لإيران
بقلم/ ممدوح الشيخ
ما زال توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية استباقية للمشروع النووي الإيراني أمرا محتملا، ورغم كل مساعي الحوار والاعتماد على آلية العقوبات فإن الخيار العسكري لم يسحب من التداول، وفيما ينشغل السياسيون بالبدائل وأوراق الضغط، تهتم مراكز البحث والدراسات بسيناريوهات الضربة المحتملة والأبعاد العسكرية الحاكمة لها. وفى هذا الإطار أصدر مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية بواشنطن دراسة بعنوان "دراسة حول الضربة الإسرائيلية المحتملة للمنشآت النووية الإيرانية" للخبيرين عبد الله توكان وأنتوني كوردسمان. وهي محاولة لتوضيح ماهية الاستراتيجية التي يمكن أن تتبعها إسرائيل في حال وجهت ضربة عسكرية لإيران.
القوتان في الميزان
عقدت الدراسة مقارنة بين قدرات السلاح الجوي الإسرائيلي ونظيره الإيراني، فضلاً عن قدرتهما من الصواريخ الباليستية. فعن القدرات الإسرائيلية تمتلك إسرائيل حوالي 411 طائرة حربية من طرازت مختلفة. أما إيران، فتملك حوالي 158 طائرة حربية من عدة طرازت. وعلى صعيد التسليح الباليستي تعتمد إسرائيل على 3 طرازت من الصواريخ هي: جيركو1 وهو قصير المدى (حوالي 500 كيلو متر) ويحمل 450 كيلو جرام من المواد المتفجرة. وجيركو 2 وهو متوسط المدى (حوالي 1500 كيلو متر)، وجيركو 3 طويل المدى (بين 4800 و6500 كيلو متر) ويحمل 750 كيلو جراما من المواد التفجيرية، وهو النوع الأنسب في حالة عزم إسرائيل على قصف البرنامج النووي الإيراني.
ويعتمد البرنامج التسليحي الباليستي الإيراني على عدة طرازت تنقسم إلى 3 فئات طبقًا لمدى كل منها؛ الأولى: فئة المدى القصير وأبرز طرازاتها اسكود بي ويصل مداه لحوالي 300 كيلو متر، واسكود سي ويصل مداه إلى 500 كيلو متر، الثانية: فئة المدى المتوسط والمتمثلة في شهاب 3 ويستطع الوصول لتل أبيب بمدى يقرب من 1300 كيلو متر، وطراز عاشورا ومداه حوالي 2000 كيلو متر. أما الفئة الثالثة: الطويل المدى فمن المتوقع الوصول إليه بحلول عام 2015.
ولابد من التفرقة بين 3 أنواع مختلفة من القذائف يمكن لإسرائيل استخدامها في حال عزمها على توجيه ضربة عسكرية لإيران: GBU-27 وهى قذيفة ذات قوة اختراقية متوسطة تصل بين 1,8 و2,4 متر أي حوالي 6 أقدام في الأجسام الخرسانية الصلبة. وGBU-28 وتعتبر ذات قوة تدميرية اختراقية عالية حيث تمتد لأكثر من 6 أمتار أي حوالي 20 قدمًا في الأجسام الخرسانية والصلبة، أو 30 مترًا أي 100 قدمٍ في سطح الأرض. القذيفة الثالثة GB-10 وهى موجهة بالليزر فائقة القوة التدميرية والاختراقية تحتوي على حوالي 630 رطلاً من المواد المدمرة.
ويفرق كوردسمان بين 3 درجات تتفاوت من حيث أثرها التدميري: 10PSI وهي قادرة على إلحاق أضرار بالغة بالمباني الخرسانية وحتى هدمها كلية، فضلاً عن قدرتها الفائقة على إبادة الجنس البشرى في نطاقها. و5PSI تصل آثارها إلى انهيار غالبية المباني التي تقع في محيط الإطلاق. و3PSI تمتد آثارها التدميرية إلى تدمير وانهيار معظم المباني التي تقع في نطاقها.
حدود القوة المطلوبة
رغم وجود مواقع نووية إيرانية كثيرة إلا أن كوردسمان أكد أن هناك 3 مواقع رئيسة وهامة إذا استطاعت إسرائيل تدميرها فإنها بذلك تكون قد دمرت أو على الأقل قد عطلت البرنامج النووي الإيراني لفترة زمنية طويلة. وهي: مركز أصفهان للتكنولوجيا النووية، منشأة ناتانز، ومفاعل أراك. ويعتبر موقع أصفهان أحد أهم مراكز التكنولوجيا النووية في إيران حيث يضطلع بدور هام في دورة إنتاج الوقود النووي وهى تحويل اليورانيوم الخام لمرحلة أكثر تطورًا من اليورانيوم المخصب وتقدر مساحته بحوالي 100,000 متر مربع، تقع كلها فوق سطح الأرض وبالتالي تحتاج لقذائف ذات قوة اختراقية متوسطة مثل GBU-27 وقوة تدميرية متوسطة 5PSI مما سيحتاج عدد 5 طائرات من طراز F-16ls، ذلك على اعتبار أن نسبة الدقة في الإصابة سوف تصل إلى 90%.
أ/ا ناتانز فتمثل أحد أخطر المواقع النووية الإيرانية، حيث تم بناؤها على مسافة 8 أمتار تحت سطح الأرض، وتم حمايتها بحائط خرساني يصل سمكه لحوالي 2.5 متر، كما تمت إحاطته بحائط خرساني آخر لرفع مستوى الحماية، وينقسم هذا الموقع لقسمين: منشأة تحت سطح الأرض تغطي حوالي 585,000 متر مربع، ومنشأة من 6 مبانٍ لتخزين اليورانيوم تقدر مساحتها بحوالي 95,500 متر.
وبسبب وجود أغلبية الموقع تحت سطح الأرض تعتبر القذائف ذات القوة والاختراقية العالية GBU-28 الأنسب والأكثر ملائمة وهو ما سيحتاج 22 قذيفة للمواقع الموجودة تحت الأرض بنسبة خطأ 50% مما سيتطلب توفير 44 قذيفة، و3 قذائف للمباني الأخرى بنسبة خطأ 50% مما سيتطلب توفير 6 قذائف، الأمر الذي يحتاج عدد 25 طائرة F-15E حمولة كل منها قذيفتين و50 في حالة أن تكون حمولة كل طائرة قذيفة واحدة.
أما مفاعل أراك فتبلغ مساحته حوالي 550,00 متر مربع، وتحتوي على مفاعل يعمل بالماء الثقيل وأبراج التبريد وهي تلك المفاعلات التي تسعى لإنتاج البلوتونيوم الذي يستخدم في إنتاج بعض القنابل والأسلحة النووية. وتعتبر القذائف شديدة القوة والاختراقية GB- 10 الأكثر ملائمة لهذا النوع من المنشآت بقوة تدميرية 10 PSI. وفى هذا السياق تحتاج إسرائيل إلى 4 قذائف لتدمير الموقع والأبراج بصورة كاملة مما يتطلب وجود 4 طائرات F16ls حمولة الطائرة قذيفة واحدة.
وإجمالا يمكن القول إن العدد الإجمالي للطائرات المطلوبة لقذف المواقع 25 طائرة من طراز F-15E و7 طائرات من طرازF-16 ، و38 طائرة F-16l للقيام بعمليات الحماية وقصف نظم الدفاع الجوى الإيرانية، و10 طائرات لقصف المواقع الصاروخية وبالتالي يرتفع العدد الإجمالي إلى 80 قاذفة.
السيناريوهات المحتملة
وتشير كافة الشواهد والدلالات إلى أن تلك العملية لن تخرج بأي حال من الأحوال عن سيناريوهين. الأول: القصف الجوى للبرنامج ومنصات الصواريخ. أما السيناريو الثاني فهو القصف الباليستي باستخدام الصواريخ الباليستية جيركو 3 طويلة المدى ومداها بين 2600 ميل و3500 ميل وذات قوة اختراقية 5PSI، بمعدل صاروخين لكل موقع بإجمالي 10 صواريخ، وصاروخين لموقع أصفهان، و15 صاروخ لمنشأة ناتانز، وصاروخ واحد لمفاعل أراك، وبذلك يكون إجمالي العدد 28 صاروخ لكل المواقع. لكن تكمن المشكلة الرئيسة لاستخدام الصواريخ الباليستية هو إمكانية إصابة دول أخرى بها مثل الأردن في حالة تبادل إطلاقها بين إسرائيل وإيران، فضلاً عن إمكانية تفاقم الأمر ليصل لحرب نووية نظرًا لقدرتها على حمل رءوس نووية. وتظل مسالة توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية محفوفة بمخاطر جمة قد تعاني منها المنطقة بأسرها، لأن الرد الإيراني لن يكون بسيطًا. فضلاً عن عدم مباركة إدارة أوباما.
التعليقات (0)