مواضيع اليوم

بتطبيق الصيام الصحيح تحصل الثمرات

ماطر غنيم

2009-08-19 10:11:03

0

 بتطبيق الصيام الصحيح نفوق الأمم
لقد فرض الله العبادات على الناس للارتقاء بالأخلاق وتهذيب السلوك،ومنها عبادة الصوم فقال سبحانه وتعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183).
وقد بين سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم أن في رسالته إتمام مكارم الأخلاق فقال صلى الله عليه وسلم: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".و الصيام له عظيم الأثر في الارتقاء بالأخلاق وتهذيب السلوك فإذا أقبل شهر رمضان تشوف الناس لدخوله ، وعدوا الساعات عدا، حتى تأتي البشرى بانتهاء شهر شعبان وبداية شهر رمضان إنها فرصة في هذا الشهر الكريم أن يتنفس المسلم الصعداء، وهو يردد مع الذاكرين عند رؤية هلال رمضان "ربي وربك الله هلال خير وبركة".

ولا يرتبط المسلمون خلال شهر رمضان ببداية الشهر ونهايته فحسب فهم يترقبون الفجر حتى يمسكوا ويترقبون مغيب الشمس حتى يفطروا، ويعدون أيامه عدا لا يكاد يخطئ فيه أحد فيرتبطون بحركة هذا الكون العابد المسبح لله تعالى: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} (الإسراء:44).

وهذا الترقب والانتظار يتساوى فيه المسلمون جميعا عربا وعجما، فقراء وأغنياء، حكاما ومحكومين، فلا مجال للحظوة والوساطة، فمن أكل أو شرب متعمدا بعد أذان الفجر أو قبل أذان المغرب فصيامه باطل، فالكل سواسية.

قد خص الله هذا الشهر الكريم بالصيام، والصيام جنة (أي وقاية)، وكل عمل ابن آدم فهو له إلا الصوم فهو لله وهو يجزي به، وأنعم بجزاء الله تعالى من جزاء، وأجمل بكرمه وعطائه من عطاء، والصوم يهذب النفس، ويسمو بالروح والخلق، ويتعلم المسلم أنه ما خلق ليأكل ويشرب ويعاشر النساء، فكل هذا تشاركه فيه جميع دواب الأرض، لكنه خلق لغاية أسمى وهدف أعلى وهو عبادة الله تعالى وتقواه بإتيان ما أمر واجتناب ما نهى، فهوثورة على شهوات النفس وتأديب لها ، فنحن نملكها وهي لا تملكنا فلسنا عبيدا لشهوة ولا أسرى لعادة،بل المسلم منقاد لربه عزوجل متبع لما أرشده إليه .

وهذا الشهر تصفد فيه الشياطين، ويترك المسلم لنفسه والنفس أمارة بالسوء إلا ما رحم الله {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (يوسف: 53).

فيضع من التدابير الواقية والأسباب المعينة على الارتقاء بالنفس، وتهذيبها وتزكيتها {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا . فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا . قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} (الشمس: 7 - 10)، فيحاسب المسلم نفسه ويراقبها ثم يعاتبها ويؤدبها حتى تزكووتطهر وتنقاد لأمر الله فتصبح نفسا لوامة ثم ترقى حتى تصيرنفساً مطمئنة { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ . ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً . فَادْخُلِي فِي عِبَادِي . وَادْخُلِي جَنَّتِي}

وفي هذا الشهر يهتم المسلم بحراسة مدخل الطعام والشراب، حتى إذا نسي فإذا به ينزعج انزعاجا شديدا ويحاول أن يخرج ما دخل في فمه من الطعام والشراب على الرغم من رفع الحرج في الشرع عن الناسي وعلى الرغم من ذلك يحرص هذا الحرص كله، ولذلك لم يقف الشيطان له في هذا الطريق لعلمه بحرصه عليه، ويقظته وتنبهه من أن يؤتى من قبله، ولذلك وقف له في طريق آخر، فأغواه وأغراه بالغيبة والنميمة، وأغراه بإطلاق اللسان في الآخرين يشتم هذا، ويقذف هذا، دون أدنى حرج، وهو لا يعلم المسكين أن طعامه وشرابه ناسيا لا يقارن بما يقترفه من الكبائر الموبقة التي تذهب بأجر الصيام، وهذا ما نبهت عليه الأحاديث الشريفة، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب -وفي رواية: (ولا يجهل)- فإن امرؤ سابه أو قاتله فليقل: إني صائم، مرتين" (متفق عليه عن أبي هريرة).

وقال عليه الصلاة والسلام: "من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".

وقال: "رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش" وكان الصالحون يحرصون على أن يكون صيامهم طُهرة للأنفس والجوارح، وتَنزُّهًا عن المعاصي والآثام.. لأن المعاصي تذهب فائدة الصيام فمن ارتكب بلسانه حرامًا كالغيبة والنميمة والكذب، أو استمع بأذنه إلى حرام كالفحش والزور، أو نظر بعينه إلى حرام ، أو ارتكب بيده حرامًا ، أو أخذ شيئًا لا يحل له، أو ارتكب برجله حرامًا، بأن مشى إلى معصية، أو غير ذلك من أنواع المحرمات، فقد أضاع فائدة الصيام.
والصيام يكسب صاحبه خلق المراقبة لله تعالى، فهو يستطيع أن يأكل ويشرب لكنه لا يفعل طاعة لله تعالى ولذلك لا يدخله الرياء، يقول الله تعالى في الحديث القدسي: "إلا الصوم فهو لي وأنا أجزي به ترك طعامه وشهوته من أجلي".
وإذا صحت المراقبة لله تعالى فسيصلح بصلاحها الشيء الكثير وسينعكس ذلك على سلوك المسلم، وسيتضح ذلك في أخلاقه، وإذا راقب ربه في عباداته ومعاملاته، وأخذه وعطائه، وعلم أن الله لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء كما قال تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (المجادلة: 7).

أقول إذا علم هذا كله واستشعر التوجيه النبوي "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" فقد حاز خيرا كثيرا، وارتقى في سلم الأخلاق والسلوك إلى مدى بعيد.والصيام مدرسة لتعليم الصبر ، فيصبر على الجوع والعطش والشهوات طاعة لله

ويكفي أن الله جعل الصبر طريقا لنيل الإمامة في الدنيا والدين يقول الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} (السجدة: 24).وقال تعالى {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت: 34-35).

والصوم يقوي في نفس المسلم الارتباط بالجماعة، فالمسلمون من حوله يصومون جميعاً ، ويفطرون عند الغروب على نسق واحد يحقق معنى التضامن والوحدة الإسلامية .{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ } (آل عمران: 103).

والصوم يعود المسلمين على احترام الوقت والنظام؛ فإذا أكل أو شرب الصائم وقد أذن الفجر فصيامه باطل،وإن أفطر قبل غروب الشمس ولو بثانية واحدة فصيامه باطل فللوقت أهميته، والناس يفطرون في وقت واحد ويمسكون في وقت واحد، ولو أخذ المسلمون من هذه الدروس وعاشوا بها في حياتهم ومعاملاتهم لفاقوا أمما كثيرة من الغرب أو الشرق ننبهر عندما نرى احترامهم للوقت وتقديسهم للنظام، ونحن أولى بهذه الأخلاق منهم لكننا صدق فينا قول الشاعر:

كالعيس في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول
منقول بتصرف وتهذيب من مقال للدكتور رجب أبو مليح




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !