كفاح هادي
في الوقت الذي يصر ساستنا وخبراء اقتصادنا على اقتفاء اثر اسلافهم في الاسترخاء على ضفاف بحيرات النفط وتحويل ريعه الى مرتبات لجحافل العاطلين، تتسابق الشعوب الحرة الى عقد معاهدات سلام مع كوكبنا الأزرق بالبحث عن طاقة صديقة للبيئة لا تنفث غازات دفيئة، ويتصدر الهيدوجين سلسة الابحاث والتجارب لاعتماده عنصراً فريداً بخصائصه ليحتل المرتبة الاولى في حاجة البشرية مستقبلاً الى الطاقة النظيفة والمستدامة، يؤكد علماء الطاقة ان للهيدروجين مزايا تزيد اهميته في تلبية الطلب العالمي على الطاقة، كعدم الحاق طاقة الهيدروجين لأي ضرر بالبيئة، بالاضافة الى قابليته للتخزين والنقل واستدامته، فضلا عن امكانية استخدام طاقة الهيدروجين كوقود لخلايا الوقود ذات الغشاء البروتوني المتبادل وهي جهاز كهروكيمياوي يولد الطاقة الكهربائية وله استخدامات متعددة، وحقق علماء المان خطوة جديدة في سبيل الاستغلال الامثل للهيدروجين بشكل غير مكلف وصديق للبيئة حيث طوروا نظاما جديدا للحصول عليه وتخزينه يقوم على استخدام محفز حديدي متداول في الاسواق العالمية، وقال ماتياس بيلر رئيس معهد روستوك للمحفزات ان باحثي المعهد نجحوا في تطوير طريقة فريدة من نوعها حتى الآن لاستخراج الهيدروجين بأبسط التكاليف من حمض الفورميك، فهل يدرك من لم ينهل ولو قدراً بسيطاً من اقتصاد المعرفة ان الموقعين على اتفاقية كيوتو لإصلاح البيئة اخذوا على عاتقهم العمل لإنقاذ كوكبنا من انتحار محتوم، وان النفط الذي نتباهى بوفرته في بلدنا ما عاد هدفاً في الاقتصادات المستقبلية للدول المتقدمة، ترى ما الذي سنفعله في العقود المقبلة عندما تبدأ دول العالم المتمدن بالاستغناء عن النفط لصالح طاقة نظيفة ومستدامة كـالهيروجين؟.
وزارة النفط تكرر في كل مناسبة تأكيداتها على رفع مستوى الانتاج ليصل في الاعوام القليلة المقبلة الى 14 مليون برميل يومياً ، كل هذا الكم الهائل من الزيت المبارك وايراداته المليارية من الدولارات يرافقه تدهور خطير في جميع القطاعات الخدمية والتنموية، ريع احادي لآلاف الجيوب المتصلة بالبنوك الاجنبية وبالمؤسسات العالمية التي تقوم بغسيل الاموال، وهذا ما كشفته بيانات ديوان الرقابة المالية التي تؤكد ان الكشوفات المالية للحكومة الاتحادية مازال يعتريها الكثير من التساؤلات والارقام التي لا تعبر عن حقيقة المصروفات لمليارات الدولارات في اغلب مؤسسات الدولة، وهكذا نجحت الاجهزة البيروقراطية في اعادة انتاج نهج شمولي متسربل بالتجربة الديمقراطية لعراق ما بعد 2003 ، فلا بيئة تصلح للعيش السليم ولا بنى تحتية لبناء مستقبل يؤمن حياة الرفاه لأجيال ما بعد(الخراب الجميل ).
على اطلال اليباب الذي شمل الحجر والبشر يتربع قادة جدد ليعلنوا سعيهم المحموم ليكون العراق المصدر الاول للنفط في العالم ، يتوهمون انهم قادرون على رسم سياسة نفطية فاعلة بآليات مركزية محضة لا تتلاءم مع ابجديات الاقتصاد الحر، وفي ظل غياب قانون للنفط والغاز الذي كان ومازال محطة لصراع الاطراف السياسية المتحاصصة للسلطة والمال، في غمرة الايقاع المتسارع للمتغيرات في العالم يبدو ان العراق بات محكوماً بالبقاء على هامش الزمن، فلقد اضاع العراقيون فرصاً عديدة للحاق بركب العام المتمدن ، في بدايات القرن العشرين ومع تشكل الدولة العراقية الحديثة كان للمستعمر دور في عصرنة الحياة العراقية وارساء قواعد للحداثة من خلال بناء مؤسسات قريبة من الروح الديمقراطية ، الا ان التقاليد الشمولية واعرافها الاستبدادية سرعان ما وجدت في فسحة الحريات تحت ظل الحكم الملكي فرصتها لإعادة العراق الى منظومة العشائر وثوب جديد قوامه الحزب العشيرة الذي بات يهيمن على واردات الزيت المبارك وصولاً الى تأميمه تحت يافطات النفط سلاح المعركة وانتهاءً بـالسيادة الناجزة بعد خروج الغزاة في نهاية عام 2011 ، فمتى تكون للعراقيين ارادة تحويل الثروات النفطية الى مستقبل زاهر للجميع ، مستقبل عابر للطوائف والقوميات، جل ما نخشاه ان تنفجر بحيرات النفط يوماً ما وتغرق الحجر والبشر في طوفان يكتسح كل سفن النجاة ومنها سفينة اونا بشتم.
التعليقات (0)