لـ(( عبد الله الفارس ))مما لاشك فيه فان مايجري في العراق بات انعكاس لتصادم ارادات فاعلة في الشرق الاوسط والعالم
ومما لاشك فيه فان هذا التصادم يكون احيانا عنيفا تتطاير معه اشلاء العراقيين الابرياء في الاسواق والساحات العامة وطوابير العمّال ,وفي احايين اخرى يكون تصادما سياسيا يشبه وضع العصي في دواليب الغير وحينها ينعكس الوضع (على العراقيين ايضا)بجمود سياسي يوقف عجلة الاقتصاد والحياة والخدمات (وهي بالاصل بائسة)وهو مانراه جليّا في تعقيدات تشكيل الحكومة الان بعد ستة اشهر من الانتخابات التي ثار اللغط حولها حتى قبيل بدئها.
وكما نرى فانه في كلتا الحالتين فان الساحة العراقية اصبحت مسرحا يتمكن فيه اي طرف اقليمي او دولي ان يرسل رسائل الى الاخرين حول مايريده ومايستطيعه وكثيرا ماكانت هذه الرسائل تمهر بدماء العراقيين الابرياء.
وبالتالي فان كل الاطراف الدولية والاقليمية اصبحت احجارها موضوعة بتأهّب على رقعة الشطرنج ,والمشكلة هنا ان العراق غدا رقعة الشطرنج لاأكثر وهو دور لاقيمة له اطلاقا ,لان رقعة الشطرنج هي مربعات صمّاء لاقيمة لها والقيمة للاحجار ولموقعها في الرقعة.
وبالتالي فان الدور العراقي بات مغيّبا حتى في شؤونه الداخلية الخاصة وصار بديهيّا ان يسمع العراقيون اخبارا من قبيل ان فلانا لن يكون رئيسا للوزراء لان ايران لاتريده او ان امريكا لاترغب به او ان السعودية تراه غير مناسبا او ان الكويت تراه غير مطمئنا لها!!!,ومثل هذه الاخبار الممجوجة كان يراد لها ان تستقر في اللاوعي العراقي كحالة متقدّمة للاستلاب السياسي.
وفي ظل مايجري من تصعيد فان الصمت العراقي ازاء الصدام الايراني الامريكي او الايراني الاسرائيلي وما تفرزه مواقف هذه البلدان بين الحين والاخر من اصداء لطبول حرب مدمرة ,امر يثير العجب, ومن هنا يكمن خطر الجهل المطبق بمفهوم الامن القومي العراقي والذي جرى تسويقه على انه تنسيق امني ضد الارهاب وجرى استبعاد صورة الامن الغذائي الذي يعدّ اساسآ في اية رؤية للامن القومي.
ان احد اهم مخاطر اي سيناريو للحرب مع ايران سيكون ثمنه مجاعة عراقية في ظل تدهور كبير في الانتاج الزراعي العراقي وفي ظل حرب مياه ايرانية تركية سورية مبكّرة وانعدام الخطط الزراعية واساليب الري الحديثة وسبات الوزارات المعنية بالري والزراعة والصناعة ,ويزداد السيناريو قتامة مع النهب المنظم الذي جرى طيلة سبعة سنوات لقوت العراقيين عبر تعطيل البطاقة التموينية وسرقة الاموال المرصودة لها وخلو مخازن وزارة التجارة من اي مؤون استراتيجي بل عجزها في تزويد المواطن بحصّته الاعتيادية من المنتجات الاساسية كالطحين والرز والعدس والسكر والزيوت وبالتالي اشتعال اسعار هذه المواد الاساسية في السوق المحلية بالتزامن مع ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض مستوى المعيشة للفرد ويزيد الطين بلّة الفراغ السياسي الذي خاب وفشل في تشكيل حكومة بعد ستة اشهر من الانتخابات
ان الامر الواضح في سيناريوهات الحرب المحتملة هو ان ردود الافعال الايرانية ازاء التهديدات الاسرائيلية محكومة بالقدرة العسكرية على الرد وبمعنى ادق على المناورة بالرد ,فايران توحي باستمرار بان ردّها سيكون بحريا اي انه سيكون خليجيا لانها بالطبع لاتستطيع الرد على القوة الجوية الاسرائيلية .
وبما انها (اي ايران )لاتحتمل نتائج التعرّض للبحرية الامريكية في الخليج لذا فانها تهدد دوما بغلق مضيق هرمز وعرقلة الاقتصاد النفطي والتجاري العالمي وهنا مكمن الخطر على العراق بالصميم ,
فالعراق سيكون المتضرر الاكبر بعد ايران والمستباح الاول قبل الجميع وارض المعركة المدمرة باحتمالات قاطعة ,ومع كل ذلك فانه في حفل توزيع الجوائز سيقال له(بح) وسيؤمر وتلميع الكؤوس فقط.
ان تهديد ايران المستمر باغلاق مضيق هرمز يعني اصابة العراقيين بمقتل فاقة اقتصادية لاينفع معها نفط ولايحزنون ,بل ان العراق سوف لن يستفيد الا بنزر يسير من ارتفاع اسعار النفط في العالم بحكم خنق طاقته التصديرية باغلاق المضيق.
ان بامكان العراقيين (اذا ما توفرت الارادة والوعي بالمخاطر) ان يلعبوا دورا اقليميا حيويا يقلل من مخاطر هذه الحرب من خلال اخذ زمام المبادرة بالدعوة الى تدويل مضيق هرمز ومنع اية دولة من التلاعب بمقدرات الشعوب من خلال اغلاقه وهذ الامر يمكن ان يتم من خلال الدعوة العاجلة لعقد مؤتمر لكل الاطراف التي ترى حيوية واهمية مضيق هرمز على اقتصادها ولابأس من دعوة كل الاطراف الاقليمية المتنازعة الى هذا المؤتمر والخروج من المؤتمر بمقررات تحصر الضرر وتسعى لنزع فتيل الحرب او العمل على تقليل اضرارها كي لاتطال الامن الغذائي لدول الجوار الايراني.
التعليقات (0)