إنه " منطق القوة ، وحرية القوة " ذلك الذي تعاملتْ فيه الإمبراطورية البريطانية العظمى ، والمملكة التي لا تغيب عنها الشمس ، مع الشعب العربي في القرن الماضي ، وما تزاااااااااال ، رغم أفول شمسها وانحسار امتدادها ..
وقد ساعدناهم على أنفسنا " حبًّا وطواعية " ، ومكّناهم من عوراتنا متلذذين " سرًّا وعلانية " ، وأتلعنا لهم الرقاب وجعلناها لهم مداسًا قبل أن يستحكموا في حزها على " الطريقة الإسلامية الشرعية " ، لأننا ، وببساطة : (( محترَمون ، ومحترفون في تصديق وتسويغ وتنفيذ ما يُملى علينا ، وصادقون في الوفاء بوعودنا ولو كلفتنا أرضنا ودماءنا وثرواتنا ، وأمينون في تطبيق التزاماتنا تجاه من يستعبدنا )) .. ولا فخر !!..
فتلك " العظمى " دولة محتلة لا تملك أرض فلسطين العربية ولا غيرها من المستعمرات ، ومع ذلك أصدرت " وعدها " الذي تعهدت فيه بمنح الحركة الصهيونية " وطنا قوميا لليهود " في فلسطين المحتلة بريطانيًا ..
هذا هو فحوى " وعد بلفور " الذي كنا نصفه في أدبياتنا السياسية بـ " الوعد المشؤوم " .. وكان قد صدر في 02/11/1917 ..
ولأن بريطانية العظمى " عظمى وحضارية ولالالا تعرف الكذب ولالالا تمارسه " فقد وفت بـ " وعدها " هذا ، وحققت " الوعد ـ الحلم " للصهاينة ، بعد قرابة ثلاثين عاما من التآمر على الشعب العربي الفلسطيني خصوصا ، والشعب العربي عموما ..
وكنا في سورية ـ حتى وقت ليس ببعيد ـ نخرج في مظاهراتٍ كبيرةٍ استنكارا لهذا الوعد ، وتقام المهرجانات الخطابية في معظم المنشآت والمدارس والجامعات لإدانته ، والتنديد به وبنتائجه الكارثية ، التي ما تزال تتفاعل كقضية حية ومؤلمة وملتهبة في جسد الأمة العربية ، وهو في الوقت نفسه ، الإسفين الثاني الذي " دُقَّ بأسفلنا " وأسُّ الجرائم الاستعمارية " المشترك مع الإسفين الأول " سايكس ـ بيكو " ضد شعبنا العربي منذ ذلك الوقت ، ولا يسرنا أن نقول " إلى ما يشاء الله " ، ولو أن الوقائع الحالية ـ مع الأسف ـ لا تبشر بانتهاء تلك الحالات التآمرية القذرة ، بل هي في تزايد ..
إنه ـ وإن صار شكل هذا الوعد ومضمونه ونتائجه " قزما " بالنسبة لما يجري في وطننا العربي الآن ـ فلقد لحق به آلااااااف " الوعود " المشابهة ، وبعضها قد استمطرناها فوق رؤوسنا وأرضنا ونحن بكامل وعينا وقوانا العقلية ..
ذاك من جهة ..
ومن الأخرى : فإنه لا يمكن أن ننسى المآسيَ والآلامَ والجرائمَ التي خلفها ، ويعاني منها ـ إلى اليوم ـ الشعب العربي الفلسطيني وأشقاؤه في الدول العربية المجاورة لفلسطين بشكل خاص ، رغم كل ما يعتصر قلوبنا الآن جرّاء الجراح النازفة في أشلاء الجسد العربي من المحيط إلى الخليج : في سورية وليبيا ومصر والعراق والبحرين واليمن والصومال والسودان .... على تنوع واختلاف الأسباب والأهداف والأساليب ..
ولا نتمنى أن يكون " الحبل على الجرار " ، فما سال من الدم العربي ليس قليلا ، ولا يجب أن يضيع هدرا بعد أن وصل الحقد " إلى الأرحام " كما قال مظفر النواب ..
فقد تضاعف حجم الدم العربي المهدور خلال السنوات التي مرت من القرن الحالي ، وفي ذلك ما فيه من خطورة التداعيات المستقبلية وقسوتها التي قد تفاجئنا في ليل ..
نسأل الله تعالى : السلم والسلام والأمن والأمان للعالم أجمع ..
الأربعاء ـ الثاني من تشرين الثاني ـ2011
التعليقات (0)