بالارقام يا زهار : حماس لا ثمثل الشعب الفلسطينى ايضاً
ـ لا يزال الزهار يتغنى حتى اليوم بأغلبية الفوز في الانتخابات التشريعية عام 2006 رغم أعمال القتل والانقلاب الدموي ، ورغم الانقسام العمودي داخل المجتمع الفلسطيني ، ورغم الانقسام الحاصل بين غزه والضفة الغربية ، ورغم مرور فترة الأربع سنوات للاستحقاق الدستوري لتلك الانتخابات .
ولكي تتضح الأمور فإننا نعيد قراءة الأرقام لتلك الانتخابات حسب ما ورد عن مجلس التخطيط الفلسطيني :
- عدد الفلسطينيين من سن 18 سنه فما فوق والذين يحق لهم الاقتراع هو 1.9 مليون شخص .- الذين شاركوا بالتصويت كانوا حوالي مليون ناخب .
- حصلت حماس في التصويت على القوائم على 440.409 صوتاًً بنسبه 44% من الذين
شاركوا في الانتخابات ، وهذا يعني 22% من أصحاب حق الاقتراع وهي تشمل بالإضافة إلى من تم تغريرهم بدعاية حماس الناقمون على حركه فتح .
- حصلت حركه فتح في التصويت على القوائم على 410.055 صوتاًً أي بفارق مقعد واحد عن حماس في القوائم .
- حصلت قائمة الجبهة الشعبية 42101 صوتاًً ، قائمة البديل على 28972 صوتاًً ، وقائمة فلسطين المستقلة على 26909 صوتاًً ، أما قائمة الطريق الثالث فحصلت على 22862 صوتاًً .
- أما في الدوائر فقد حصلت حماس على 45 نائباًً وفتح على 17 نائباًً والمستقلون 4 نواب .- وبهذا تكون المجلس التشريعي من 74 ناخباًً لحركه حماس ، 45 لحركه فتح ، 4 لمستقلون متحالفون مع حماس ، 3 من الجبهة الشعبية ، وقائمه البديل وفلسطين المستقلة والطريق الثالث لكل منهما نائبان .
هذه الأرقام تدل على الفارق بين الأغلبية في المجلس التشريعي والأغلبية على الأرض في أوساط الشعب الفلسطيني ، ومع ذلك يعلم الزهار والكل يعلم أن الانتخابات جاءت والشعب الفلسطيني يعيش حاله من الإحباط والتردد وانعدام الرغبة في المشاركة السياسية ، نظراًً للأزمة المجتمعية الداخلية ، وللتعثر في تحقيق الانجاز على المستوى الوطني في المعركة مع الاحتلال ، ومع هذا فإن حماس استغلت هذه الحالة لتمارس اشد حالات التحشيد الأعمى القائم على التأليب ضد الآخر واعتبرت ذلك فرصتها التاريخية للفوز .
الزهار يعلم والكل يعلم أن حماس وضعت الشعب الفلسطيني أمام خيارين اثنين فقط ، إما الفوز في الانتخابات أو الاقتتال والحرب الأهلية ، وكانت كافة الدلائل والمؤشرات تشير إلى أنها لن تقبل بأقل من الفوز ، وحشّدت أنصارها على قاعدة التصعيد وتعميق حالة التردد والقلق والإحباط ، ودفعت بالناخب المسلح الجريء مقابل الناخب المتردد الأعزل ، فالمواطن والناخب العادي كان ينظر للانتخابات بأنها جاءت في غير موعدها ، لذا فقد كان غير متحمس لها ، أما ناخب حماس فكان مقبل على الانتخابات وهو يعلم أن خلفه قوة مسلحة تدعم خياراته وقادرة على إحراق المجتمع إذا ما وقف في وجه رغباته . الزهار يعلم والكل يعلم أنه وحركته أصروا على إجراء الانتخابات في موعدها حتى لو لم تشمل مدينة القدس - التي يتغنون بها ويتباكون عليها -، ليس خدمة للقضية الوطنية وإنما لخلق منبر ونقطة ارتكاز حرة وعلنية للحركة الإسلامية ممثلة بالإخوان المسلمين . الزهار طبعا لا يعلم أن الفوز بالأغلبية لا يلغي حق الأقلية في الوجود أو إبداء الرأي ، لأن الانتخابات إحدى تجليات الديموقراطية والمشاركة السياسية وليست هي الديموقراطية كاملةًً ، أما القوى الفاشية فهي التي تعتقد أن الأغلبية تلغي الأقلية .والزهار طبعا لا يعلم – أو يتعامى – عن أن الأغلبية تاريخياًً اجتماعياًً وسياسياًً وعملياًً قد لا تكون على صواب ، بل قد تكون على ضلالة ، فالحزب القومي الاشتراكي الألماني بزعامة هتلر وصل إلى الحكم بعد أن فاز في الانتخابات بالأغلبية ، وكذلك الفاشية في إيطاليا بزعامة موسيليني ، و حركة الكونترا في نيكاراغوا المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية فازت في الانتخابات في دورتين متتاليتين .
يبدو أن الزهار أعماه الفوز بالأغلبية فتناسى الموروث العربي الإسلامي الحكمة ضالة المؤمن وهو ما عزز تحري المصداقية والصواب وحرية الرأي وحق الانتقاد ، وحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه لازال متوارثاًً حين قال : أخطأ عمر وأصابت امرأة . إن حديث الزهار حول عدم أحقية فصائل منظمة التحرير كالجبهة الشعبية والديموقراطية التي لم تحقق إلا القليل في انتخابات المجلس التشريعي ، عدم أحقيتها في الحديث باسم الشعب الفلسطيني هو تأسيس لثقافة قمعية وتأليب لمصادرة الرأي الآخر على قاعدة الإكراه والقمع الفكري ، ومن الناحية العملية فإن بيان الجبهة الشعبية هو انتقاد لأداء حكومة حماس في قطاع غزة وليس حديثاًً باسم الشعب الفلسطيني ، وإذا أردنا تصنيف من يتحدث باسم الشعب الفلسطيني ، فإن لحماس الحق في التحدث باسم من تمثلهم والذين اختاروها في الانتخابات ، والجبهة الشعبية تتحدث باسم من لم ينتخبوا حماس ويختلفون معها حيث أن حماس لا تمثل الكل الفلسطيني ، فهناك أكثر من نصف الشعب الفلسطيني لم ينتخبها وبالتالي فإنها لا تمثلهم ولا يجوز لها الحديث باسمهم ، وهكذا حولت حماس والزهار الشعب الفلسطيني إلى مكونات اجتماعية كل يبحث عمن يمثله على شاكلة الأقليات والطوائف في العراق .

التعليقات (0)