تعددت ثوراتنا و عرفنا كل الثورات ، في فلسطين و مصر و سوريا و اليمن و تونس و كل الاوطان، و لكن للأسف استبدلنا تلك الثورات بالموضات. الحطات استبدلت بالشالات و سروال الثورة بالبلاطين الساحلة و بالفيزونات، استبدلت الحجارة بعلبة سجائر و نسينا تنظيم الجلسات و نسهر اليوم على التلفزيونات. أصوات الاذان تزعج المستوطنات بل ألعابنا النارية و الاضاءات . لا ندخل المساجد و نبقى في الصالات ... نتقن الرقص و دق الدفوف فضاعت قضيتنا بين الغيتار و الطبلات و لا نأكل الطعام الا بمقبلات و ننهي وجبتنا بشتراوس و تنوفا و نضحك من الزعتر و البصلات، نسخرُ من الفلافل و الحمص و المُعجنات و نصلي على النبي و الانبياء لرؤية ماكدونالدز او حبيبات همبورغرات، نبتسم للشاورما و نتحدى العالم باكبر المناسف و الطبخات و لا نعرف شيئا عن طب المعدة و صناعة الاواني او حتى الكمبيوترات، و نصدر كل يوم آلاف كروت الدعوات دونما بيانا يصيح نداء نداء بل نداءات فهذا صار حراما و هذه من اهم العادات و نتزوج من أجنبيات طلبا للجنسية او للرزق و نترك المستورات الفلسطينيات، نعزز الأمم بالمؤهلات و بالخبرات و لم نبني مسودة امة او دار مطبوعات.
. ممنوع علينا المرور أو العبور و حتى شراء العابورات، و لا تصدير، فتذبلُ زهور غزة و أسرانا محرومون من الزيارات بل مضربون عن الطعام و نصفق لنجاح اضرابهم و نحن غارقون في الملذات. كيف نملك قيم و تقاليد و نحن نتلقى الضربة و الصفعة في كل المؤتمرات و نفخر و نحن في قاع الواد بين الخنازير و الظبعات، فُتتنا الكرسي كقصيدة لشطرات و شطرات و نسينا كل الثورات و كأن إبليس يعشش بين البحر و النهر و يمنعنا من الصلوات و تأمل و ألبسنا ثوب الحسرات" ابليـــــــس هذا سألوه ذات مرة لماذا تريد ترك الوطن العربي فقال : علمتهم الرشوة و السرقة و الكذب ، فاشتروا السيارات و الهواتف و العمارات و كتبوا عليها ::: هذا من فضل ربي" ... بنو يعرب!!.
الثورة الاولى : كانت على الاحتلال بانواعه و اطيافه المختلفة و حولت لانتفاضة (من ثورة لانتفاضة لثورة سلمية لاعتصام امام مقرات الصليب لاعتصام في البيوت لموت سريري .. الخ) و اصبحت اعمال عنف و شغب و لم تعد ثورات ، قبلنا الراتب و حبة دولارات ، نسينا ان هناك ارض و مقدسات و قصة الجبل و الريح لياسر عرفات و أصبحنا نبحث عن رحلة و تنسيق و تصريح ، عن حبة فلسطين في الحارات.. نعتب على اللي سبقونا و يا خيبة الأمل فينا و يا حيف علينا و على كل البطولات و الجوازات و الهويات و حتى شهادات الوفاة و الميلاد . نحفظ عقد الزواج و فاتورة بيع الشوكولاته و نظيع و ننسى الطابو و الكوشانات ... احنا خلقنا زيادة عدد ، رخيصون و ببلاش مثل الكوبونات.
ايوجد جدار؟ نريد الكتابة، أين طساسات الشعارات؟ نُسيت. أين أقلام الحرية و أين عصي الرايات؟ كأنني أخطأت و نسيت صالونات التجميل و بخاخاتها و أقلامها و كل الأدوات؟ أين الفأس و المعول و كيس الخط الأحمر و ارض الخط الأخضر؟ كل زيتوننا حرقوه و قلعوه و لم يعُد يملأ الجيبات وأين نحن من حصان اصيل كان يمتلكه خالد و صلاح و احمد و نحن نمتلك الجبات و البي امات، نفخر بركوب الدرجة الاولى و ان كان على يميننا او يسارنا عدونا طائرا و نازلا في قلب العروبة - المطارات؟ أين نحن من أمم السيادة و الكرامة و الحريات؟ أين نحن من موقف سياسي يحمل بين ثناياه استقلال و دولة، لا مفاوضات و خماسيات و رباعيات؟ أنبحث في الصين او في امريكا عن وطن أم عن هاتف بعدة كاميرات، و يا ليت لنا هدف او كان، فقدنا شيء و ستبقى باقي الاشياء للذكريات، لكتب التاريخ و الارشيف و الدوريات.
و السلام
التعليقات (0)