تراجع معدل القراءة في المجتمعات العربية كما ونوعا بشكل ملحوظ في السنوات الاخيرة بعد ان كان الاقبال عليها مرتفعاً بنسبة أكبر مما هي علية الان.
والامر الذي يثير الدهشة والاستغراب عندما يقارن هذا المعدل بالمعدلات العالمية التي تشهد ارتفاعا ملحوظا خاصة في الدول المتقدمة.
ويرى البعض ان التطور التقني الهائل في الاتصالات والمعلومات يقف وراء تراجع مكانة الكتاب ودوره في المجتمع العربي حيث تم الاستعاضة بالقنوات الفضائية مكان القراءة المعمقة والجادة سيما بعد ظهور القنوات المتخصصة ناهيك عن الدور الكبير والمتنامي للشبكة العالمية "الانترنت".
بالاضافة الى ذلك فأن عدم معرفة البعض للفوائد الكبيرة التي تحملها الينا القراءة كان سببا وراء هذا التراجع لان الانسان عدو مايجهل فالذي لايعي فوائد القراءة يجدها ثقيلة ومملة وغير ممتعة ومجهدة بنفس الوقت.
جميع تلك الاسباب وغيرها دفعت بالاغلبية العظمى من الناس الى هجر الكتاب وخلوا المكتبات من روادها وترك الكتاب وحيدا يحاكي مؤلفه وليس عقول القراء.
والاجيال الناشئة وجدت في الوسائل الحديثة مايناسب وأنماط حياتها الجديدة ويلائمها ولم يعد الكتاب وقراءته امرا ذو اهمية ، بل وان البعض منهم بات ينظر الى الكتاب كونه وسيلة قديمة لاتفي بالغرض امام التطور العلمي الهائل في قطاعات الحياة متناسين الفضل الكبير الذي قدمته الينا الكتب قديما وحديثا فهي اول معين ومستودع للمعرفة الانسانية الذي تم تناقله وتوراثة عبر الاجيال.
وهو اول من صور لنا الانسان في حياته اليومية وفي اعماله وطقوسه واغانية وافارحه واحزانه وتاملاته واحلامه واول من وصف لنا الغابة والصحراء والبحر والنهر ومختلف المخلوقات في ممكلتي النبات والحيوان والمدن والقرى والاكواخ والابداعات الفنية للبشر، قبل ان يقوم الانترنت والاقمار الصناعية والمحطات الفضائية بذلك بألاف السنين.
وبات الكتاب لاأكثر المجتمعات تقدما المنبر الوحيد الذين يتطلعون من خلاله الى عالماً لانهاية له يموج بالحركة والحياة وبقضايا الانسان ومشاكلة الحياتية والمصيرية.
والمجتمع العربي عامة يعاني من ظاهرة العزوف عن القراءة وخصوصا لدى الشباب وهذه الظاهرة لاتقف ورائها ثورة الاتصالات والمعلومايتة الحديثة فقط بل ان هناك اسباب سياسية واقتصادية واجتماعية ايضا.
وباتت هذه الظاهرة تؤرق الكثير من الجهات السياسية والثقافية والمدنية وصار من الضروري ان يساهم البعض في ايجاد حلاً جذريا للظاهرة.
ولعل في تجربة الزميل الصحفي احمد احمد المذيع ورئيس قسم الاخراج في اذاعة صوت الاقصى من غزة ، برنامج اذاعي خاص بعنوان "برنامج مقهى الكتاب" ، مثلا يحتذى به افراد المجتمع والاوساط الثقافية على خلق مجتمع يعي الفوائد الثمينة للمطالعة.
يقول الزميل أحمد أحمد معد ومقدم وصاحب فكرة البرنامج ان "شعار برنامج مقهى الكتاب (بادلنا كتابا واقرأ لنا اخر) ، واهدافه هي ببساطة تحفيز المستمع العربي على القراءة والاستفادة من قراءته من خلال تقديمة ملخصا للكتاب الذي قرأه وتقديمه على الهواء اثناء عرض البرنامج".
ويضيف "بأمكان المستمع خارج الحلقة ان يبادل الاخرين بالكتب وذلك من خلال مكتبة البرنامج التي تحوي بدورها 280 كتابا تبحث في مجالات متفرقة والواقعة في مقر اذاعة الاقصى بغزة ومبادلة الكتاب بأخر وذلك حسب الشرطين التاليين :
الاول : الكتاب الذي سيقدمه المستمع لابد أن يرفق بملخص عن موضوع الكتاب ، وكحد ادنى صفحة واحدة وهذا الملخص اما ان يقرأه المشارك وعلى الهواء او يقرأه المقدم.
الثاني : الكتاب الذي يختاره سيبقى بحوزته مدة 15 يوما كحد أقصى ، ثم يعود مع ملخص للكتاب ليبادله بأخر وهكذا".
وعن المواضيع التي يتناولها البرنامج يوضح الزميل أحمد قائلا ان "المواضيع التي يتناولها البرنامج كثيرة وهي تتحدث بصورة عامة عن القراءة ، منها انواع القراءة واسباب نفور المرء منها بالاضافة الى معوقات ومحفزات القراءة وطرق ادارة الوقت والطرق المثالية للوصول الى النتائج المرجوة عند قرأءة كتاب ما".
يتم بث برنامج مقهى الكتاب كل يوم ثلاثاء عبر اثير اذاعة صوت الاقصى ، حيث تم تقديم 60 ملخصا لكتب متفرقة عبر 13 حلقة بثت منذ تأسيس البرنامج .
وللبرنامج موقع الكتروني على الشبكة الدولية يضم جميع الكتب والملخصات التي تم مناقشتها في حلقات البرنامج وعدد من الزوايا التعريفية للبرنامج ورفاً خاص بالكتب لمن يرغب بالاطلاع على العناوين الموجودة في المكتبة بالاضافة الى صفحة خاصة تضم اسماء الذين تبرعوا بالكتب الى مكتبة البرنامج وعنوان الموقع هو : www.book.alaqsavoice.ps
ان المجتمع بحاجة ماسة الى افكار جادة من أجل تفعيل الدور الحيوي الذي تلعبه القراءة والمطالعة لدى ابناءه ، افكار تجد طريقها الى النور كما وجد برنامج مقهى الكتاب طريقه الى قلوب المستمعين عبر تشجيعهم على القراءة وابداء الاراء فيما يقرأون.
ونأمل ان تحذو وسائل الاعلام في العالم العربي حذو الزميل احمد احمد الذي استطاع ببرنامج واحد ان يحقق اكثر مما تحققه الكثير من المؤسسات الاعلامية الموكلة بهذا الدور.
التعليقات (0)