علي جبار عطية
الخميس 05-01-2012
مازالت صيحاته وهو يدور بين الأزقة ترن في أذني منذ السبعينيات وهو يكسر صمت الدربونة (شعر بنات) يرتبط في الذاكرة بالغنى والرفاهية وكنا نعجب حين تغيب هذه الحلوى الشعبية في الفم تاركاً حلاوتها! هذه الصورة الرومانسية تبددت قبل ايام حين التقيت بائع الـ (لشعر بنات) فهو شاب في العشرين بهيئة شيخ ستيني قال لي: لقد كلت قدماي ورجلاي من الصباح حتى المساء وأنا ادور بين الازقة وربحي بالكاد هو خمسة الاف دينار وخمس مئة دينار وأنا ملزم باعادة رأس المال الى صاحب الماكنة لتزويدي في الغد بشعر بنات جديدة!
شعرت به جائعاً وصدق ظني حين فتح أحد الأكياس واخرج حلوى شعر البنات والتهمها كلقمة ذابت في حلقه مباشرة! أحزنتني هذه اللقطة وزاد حزني اكثر حين سقط منه أحد الأكياس فالتقطه رجل ليعطيه اياه فرفض البائع أخذه واصر على اعطائه هدية! يعمل بائع الشعر بنات جوالاً بلا ضمان اجتماعي ولا حقوق ويستلزم عمله ان يدور وينادي وتحمل يداه عيدان الحلوى وقد يصاب بالزكام فلا احد يسأل عنه او يعوضه الايام التي يقضيها عاطلاً! واظل اتساءل بمرارة: اليست مسؤولية الدولة ان تكفل رعاية مثل هذه النماذج ومساعدتهم فهم لا يريدون الا ان يعيشوا حياتهم بشرف وكرامة؟
التعليقات (0)