مواضيع اليوم

بئس المصير...

محمد مغوتي

2011-06-10 22:12:13

0

    رئيس هارب، و ثان يقبع خلف القضبان، وثالث احترق نصف جسده، و رغم ذلك ما يزال مصرا على تحدي شعبه الذي يطالبه بالرحيل. و آخران يعيثان في أبناء شعبيهما تقتيلا و إذلالا...هؤلاء هم حكام العرب. منهم السابقون، و منهم اللاحقون. لكنهم وجوه عدة لعملة واحدة.
    حينما خرج المواطن التونسي في صرخته الشهيرة التي تابعها الملايين على قناة الجزيرة، وهو يردد: " بن علي هرب..."، كان ذلك إيذانا بعهد جديد، أصبح معه بالإمكان الحديث عن: رئيس عربي سابق. فقد تعود المواطن العربي المغلوب على أمره أن يتعايش مع رؤساء معمرين يرثون الحكم مدى الحياة، و لا يغادرونه إلا بأحكام الموت. رؤساء حولوا بلدانهم إلى مزارع خاصة بدون حسيب و لا رقيب. لكن سقوط الديكتاتور التونسي حرر شعوبا كثيرة اختارت أن تنقل هذا النموذج الثوري إلى أراضيها، فاشتعلت الشوارع غضبا و بات الحديث عن ربيع الثورات حقيقة تضج بها الشوارع في كثير من البلدان. و في كل المحطات التي توقف فيها قطار الثورة، كان الحاكم العربي عنيفا، قاسيا، مجرما في حق شعبه، متشبثا بالكرسي بكل ما أوتي من قوة، حتى و لو أدى به الأمر إلى إبادة الأخضر و اليابس.
    استنادا إلى المنطق السليم، ظن الجميع أن هروب " بن علي" سيكون درسا للحكام الآخرين، حتى لا ينتهي بهم المطاف إلى نفس المصير. لكن الوقائع أثبتت أنهم لا يتعظون. هؤلاء الحكام أثبتوا أنهم لا يعيشون أبدا في هذا العالم، إنهم من كوكب آخر. حكام على المقاس يستخدمون الأساليب ذاتها، و لا يتورعون عن القيام بأي فعل من شأنه أن يطيل بقاءهم و يعزز سلطانهم. و في الحالات الثورية المستمرة حتى الآن، ما زال حكام ليبيا و اليمن و سوريا لا يسمعون كلمة " ارحل " و هي تخترق الآفاق. و مازال الإعلام الرسمي في البلدان الثلاثة، يسخر من المواطنين، و يبلد الرأي العام، و يتهم الشعوب الثائرة بالعمالة و الصهيونية و الـتآمر، و غيرها من مفردات قاموس المؤامرة التي لا يملون من ترديدها.
    في ليبيا، كما في اليمن و سوريا أيضا، أصبحت الدولة شأنا عائليا يقرر فيه الرئيس و أقاربه. هكذا أصبحت الدولة رهينة في يد عصابات لا يهمها إلا تضخم أرصدتها المالية و تعزيز نفوذها و سلطتها. و في كل الدول المذكورة تسيطر العائلة الحاكمة على مراكز القرار السياسي و العسكري و الإقتصادي. و ذلك ما يعزز سطوتها و تحكمها في الأجهزة الأمنية التي تتحول إلى آلات للقتل و التعذيب و كل أشكال العنف. هذه الأنظمة تدرك جيدا أن بقاءها مرتبط بإرادة القوة من أجل فرض الأمر الواقع. و هو أمر فرضته طويلا عبر سياسة تكميم الأفواه و المعتقلات السرية و إضعاف كل أشكال المعارضة. لكن خروج الشعب إلى الشارع متحديا الخوف و القمع، أثبت إفلاس تلك السياسات، و أكد أن الشعوب قادرة على الصراخ، و أن آلة القتل الوحشية لن توقف هذا الغضب. فقد أرادت الشعوب التغيير. و لابد أن يتم هذا التغيير. و مهما تجبرت هذه الأنظمة، فإنها مرشحة فوق العادة للزوال. ستزول هذه الأنظمة غير مأسوف عليها. سيكون مصيرها هو مزبلة التاريخ. و بئس المصير.
          محمد مغوتي.10/06/2011.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !