بأيّ حقٍّ نفتحُ نافذةَ الماضي البَعيد لنَقضُم من تُفَّاحِهِ لُقمةً بائتة ولاتَتوقَّع العَفَن؟
بأيِّ حقٍّ نَهز شَجرَ التوت الذي حَبِلَ بكلِّ شىء إلا بأحلامنا التي غادرتْ مَسرحَ الأحداث على عَجَل وماعادتْ على مَهَلْ ولانَتوقَّع الخَيبة ؟
بأيِّ حقّ ننَفُض الغبار عن رفوفِ الذاكرة ونفتح الصفحة الأولى - الأغنية الأولى
ونتوقع أنَّ المسافر عاد كما رحل لاشىءَ تَغيَّر فيه أو عليه رُغمَ إِجحافَ الغياب وظُلم السنين ؟
بأيِّ حق ّنحَكُم عليها أنْ لاتَتزيَّن للدُّنيا - للغَد -للأَمل
وهي َمازَالتْ في طور ِالتَفَتُّح
طَورِ العطرِ الجميل
طَورِ الصُّعود على سُلَّمها الخَاص
الذي لمْ نكن فيهِ ولنْ نكون
فَلِكُلٍ سُلَّمَه الخاص الذي يَصعدُ فيه
إلى السماء التي تَعْنيه ..!!!!
بأيِّ حقّ نُحَمِّل كاهلَ الآخرين جُعبتنا - أثَقالنا
جميع ِأوجاعنا ومخاوفنا
ونطلبهُ أن ْلايَقع في الأثناء
وننسى أننا وَقعنا ألفَ مرَّة - قبل أنْ نَحمل مانَحمل
منْ أشياءْ..!!
بأيِّ حقٍّ نَمنعُ خطأَ الانسان - ضِعف الإنسان - رغبةَ الإنسان - حاجات الإنسان
والحُجَّة درءُ مَفْسَدة وخَشيةَ غُثاء ؟
بأيِّ حقٍّ نُحدِّد ُ الألوان في لوحةِ الدنيا - نُحدِّد ُ الألحان في سيمفونية الحياة - نُحَدِّد للمُجْهَد عدد الخطوات في طريق ٍمُتشعب ملتوي كأفعى مُسِّنة - كالأحجية - ونطلبهُ أن يَصل بثوان إلى باب النجاة -
وإلا
فهو محرومٌ منَ التَصفيقِ الأخير-
القولِ الأخير-
فرصةَ الخروج مما هو فيهِ-
بإِباء؟
بأيِّ حقٍّ نُحدِّد ُعددَ الحروف في القصيدة
عدد ّالكلمات
بداية ونهاية الأبيات - والحُجَّة
سِعة الصَّدر - سِعة المكان
فأوزانُ الشِّعر تأبى
وكذا يَفعل الجَّهلُ بِالجُهَلاء
بأيِّ حقٍّ نَطلبُ من الآخرين أنْ يَصِلوا إلى ماوصلنا إليهِ نَحن - ويُفكِّروا بما نُفكر فيهِ نحن - ويَقلقوا لما نَقلق لهُ نحن - ويَرتاحوا فقط إلى مانرتاح إليهِ بإعياء ؟
بأيِّ حقٍّ نُخضِع ُالآخرين لنزواتِ مِزاجنا - لنفحاتِ هوائنا ليَتّْبعوا أحوالَ طقسنا فقط - فالبردُ عندما يَحلّ- على الدنيا كلها أنْ تَتَجَمَّد
والحرُّ عندما يَحلّ - على جميعِ الكائنات أنْ تَستلقي بِملل ولاتَشرب الكثير من الماء
فالماءُ شحيحٌ في عمقِ الصحراء
بأيِّ حقٍّ نطلبُ منَ الآخرين أنْ يؤَّمنوا مانقول - وكأنَّ كلامنا مُنْزَلٌ من السَّماء التي مافتحتْ أبوابها إلا لنا
ماأنزلتْ مائِدَتها إلا لنا
ماأعطتْ سِّرَها إلا لنا
ماهدَتْ الى صوابِ القول والفعل - إلانا
بِعَنجهية وخُيلاء
بأيِّ حقٍّ نَسخر من المارِّين على عتباتنا صدفة أو بعضَ فضول - فهذا رداؤه أبيض وذاكَ أخضر وذاكَ أحمر
وننسى أننا نرتدي لوناً واحداً
قلباً واحداً
عقلاً واحداً
ننسى أننا غلَّفنا أنفسنا بلونٍ واحد
بحجابٍ حاجز
لمْ يَحْجِب شيئاً من قَوسِ قُزَح
مازالَ يدورُ في أعماقنا
يبحثُ عن قطراتِ مطر أو حبَّات نَدى مُتبقية
ليَتخايل هنا وهناك
بشموخٍ وكبرياء
ماأكثر الحُكَّام في هذا البلد
وماأكثر الأوصياء في هذا البلد
وماأكثر القوانين في هذا البلد
وماأكثر المُبصِرين والمُتَبصِّرين بهذا البلد
والنتيجة؟
العدلُ نادر
والرَّحمة أندر وأندر
في هذا البلد
في الختام:
لماذا لانمنح دورة َالحياة حقَّها في التغيير - في التعبير عن كلِّ زهرة مازالتْ بذرة تحتَ ركام جليد ٍعنيدْ -
فلقد يَذوبُ الثلجُ يوماً - وتَشْرُقُ شَــمسُها خَجلَاً
وتنالَ حقها في الحياة -
لماذا؟
التعليقات (0)