أينَ حَقِّي في هَيْفاء؟
مماراق لي
عبدالدائم السلامي
أنا مُواطِنٌ تحمّلتُ عائداتِ انتمائي العربيِّ من الهزائمِ والعارِ وغيابِ الدّيمقراطيّةِ وسياساتِ التوريثِ للعروشِ والخياناتِ القوميّةِ إضافةً إلى ارتفاعِ أسهمي العربيةِ في بورصاتِ التجهيلِ والتفقيرِ وقلّةِ الحياءِ.
تحمّلتُ هذا وغيرَه عن طيبِ خاطِرٍ، بل ونافحتُ من أجلِ انتمائي إلى حضارةٍ تَسَاوى فيها فعلُ القلمِ مع حدِّ السّيفِ، واختلطَ فيها لونُ الدَّمِ بلونِ الترابِ، وكذِبَ التاريخُ فيها حتى صرنا نُكَذِّبُه.
وكنتُ أسألُ دومًا سؤالاً واضحًا وبسيطًا: لِمَ أتحمل تَبِعاتِ انتمائي العروبيّ ولا أنعمُ مقابلَ ذلك بخيراتِنا القوميّةِ من زِفْتٍ ولُحومٍ آدميّةٍ بضّةٍ؟ وقد تألّمتُ كثيرًا لمّا لمْ أجد في كتاباتِ مُفكِّرينا العربِ الأفذاذِ إجابةً عن سؤالي رغمَ ما يدّعون من معرفةٍ بحالِنا وتنبُّؤٍ بمآلِنا.
أنا مع العولمةِ فقطْ في دعوتِها إلى خَصْخََصَةِ الاقتصادِ والأعمالِ والأفكارِ، بل أنا من الذين يبيعون الذي أمامَهم "لا أملك شيئًا ورائي" من أجلِ التوفُّرِ على خصوصيّةٍ شخصيّةٍ تمنحُني الانميازَ عن بني آدمَ.
ولستُ بهذا أدّعي رفضًا منّي لرأسِ المالِ أو نقدًا للاشتراكيّةِ، إنّما هو من بابِ تجاوُزِ قولِ القائلِ "الناسُ شركاءَ في ثلاثة: الماءِ والكلأِ والنّارِ"، ذلك أنّ ثمّة أمورًا أخرى لا بدَّ لنا من أنْ نتشاركَ فيها ونقتَسِمَها بالقسطاسِ، منها الصَّبْرُ ومنها الصّمتُ ومنها الموتُ. ولعلَّ أرقى أنواعِ الاشتراكيّةِ في زمنِ العولمةِ هو الاشتراكُ في العواطِفِ الفضائيّةِ.
لم أصدِّقْ أنّ سياساتِنا العاطفيّةَ العربيّةَ ستُبيحُ لأحدِ الأثرياءِ خَصْخَصَةَ "هيفاء" وهي كما تعلمون تمثِّلُ ثروتَنا اللحميّةَ القوميّةَ الأولى من المُحيطِ إلى الخليجِ، ثروةً من العراءِ كنّا نعودُ إليها في ساعاتِ الجوعِ الجسديِّ وليالي العَطَشِ الشهوانيِّ وأوقاتِ الرَّبْوِ العاطفيِّ ليعودَ إلينا توازُنُنا الفكريُّ ونصيرُ قادرين على الحياةِ بما فيها من موتٍ.
ولأنّ ثمّةَ مؤامرةً عربيّةً ودوليةً تُحاكُ ضدَّنا، وقع تحريضُ هيفاء على الزواجِ، فتزوّجت وتركتنا، نحنُ الجماهيرَ العربيّةَ المستضعفَةَ في أرضِها، نعومُ في بحرِ الحرمانِ. وهنا أتساءلُ: أليسَ لي حقٌّ في غَنَجِ هيفاء ودَلالِها وطراوةِ جسدِها؟
بل سأسألُ أولي الأمرِ منكم: أليسَ لي في هيفاءَ حَقَّانِ: حقُّ الفيءِ وحقُّ الغنيمةِ؟ هل كُتِبَ عليَّ، وأنا كما أسلفتُ مواطِنٌ عربيٌّ مأزومٌ بأُمّتِه، أنْ أُحْرَمَ من خيراتِ وطني العربيّ الافتراضيّةِ بعدما وقع نهبُ ثرواتِه الماديّةِ من قِبَلِ أبناءِ اللواتي هُنَّ...؟
أعرِفُ أنّ "وطنيّةَ" هيفاء و"عروبتَها" ستجعلانِها تُطَلِّقُ زوجَها بالثلاثِ بعد أن تُفْرِغَ حساباتِه البنكيّةَ المليئةَ بأموالِنا، وفي انتظارِ ذلك، بمَنْ سأُؤَثِّثُ أحلامَ لياليَّ الطِّوالِ؟ وأنا الذي بي جوعٌ إلى بناتِ حوّاءَ كما لو كنتُ في زمنِ الكُفْرِ.
التعليقات (0)