علي جبار عطية
يخجلالمرء حين يسمع هذه الحكاية التي رواها لي احد الأصدقاء من العاملين مع احدى الشركات الأجنبية العاملة في العراق والتي سوف تغادر البلد نهاية سنة 2011 حسب الاتفاقية الأمنية واستناداً الى مطالب شعبية بخروج المحتل!
يقول هذا الصديق: حين ينتهي الاسبوع يعطيني مسؤولي في العمل استمارة ادون فيها عدد ساعات العمل التي أديتها وكلفة المكالمات الهاتفية التي أجريتها والمصاريف الأخرى ثم اقوم بتوقيع الاستمارة بنفسي ليصرف لي مستحقاتي!
قلت: الا تخضع هذه الاستمارة للتدقيق؟ الا يحتاجون الى سجل آخر للمقارنة؟ الا يحتاجون الى تأييد من مكان العمل؟ قال: لا هذا ولا ذاك انما يعطون العامل معهم ثقة كاملة وله ان يسجل في الاستمارة ما يشاء مع علمهم ان هناك ضعاف نفوس كثيرين بيننا! قلت: عجيب ان هذا السلوك قمة الاخلاق الوظيفي وهذا يفسر سراً من اسرار تفوقهم علينا بمئات السنين الضوئية! انظر الى مبدأ زرع الثقة في نفس المرء وتجلية فطرته السليمة واستثارة مكامن الرقابة الداخلية لديه يعطيها هذا السلوك الذي نفتقده كثيراً واضطر كل شهر الى صرف نحو خمسة الاف دينار لاستنساخ المقدسات الاربعة الشهادة الجنسية وهوية الاحوال المدنية وبطاقة السكن والبطاقة التموينية!
لكن صديقي حزين ولحزنه أسباب منها ان هذه الشركة ستغادر مع القوات الامريكية بناءً على اتفاقية مع الحكومة انسجاماً مع مصلحة وطنية وهذا يعني ان الأموال التي كانوا ينفقونها في اعمار البلد ستنقطع وسيجد صديقي نفسه على قارعة الطريق يبحث عن وظيفة ولو بصفة حارس على العقد المؤقت ولا تنفعه شهادة البكالوريوس في الترجمة ولا علاقاته مع اعضاء احزاب نافذة ولا مسؤولين واغلب الظن سيعود الى مهنته القديمة قبل سقوط الدكتاتور الا وهي السياقة!
قلت: هذا هو الثمن الذي يدفعه اصحاب الشعارات التي لها مفعول سحري وهي معلقة على الجدران أو مرفوعة فوق رؤوس المتظاهرين لكنها ما ان تنزل على أرض الواقع للتطبيق ويحصحص الحق حتى تتكشف امور لها مردودات سلبية ومع عدم التشكيك بوطنية من يطرح هذا الرأي أقول لقد طرح الاعلام أرقاماً مذهلة عن وظائف درجاتها ثلاث مئة لكن المتقدمين اكثر من خمسة وعشرين الف متقدم!
لقد أصبحت الوظيفة الحكومية كالحسناء يخطب ودها الكثير ولا يفوز بها الا من يدفع المهر الاغلى على ان يكون بالورق طبعاً!
التعليقات (0)