مواضيع اليوم

ايار و نيسان.. يا ثورةَ السجونِ على السجان!!

بقلم:أ/عدنان السمان الاعتقال الإداري، والاعتقال السياسي، والاعتقال العشوائي التعسفي، وكافة أنواع التوقيف والاعتقال، وكافة أنواع الحبس والسجن والتضييق على الناس ومصادرة حرياتهم، وسائر أنواع الكبت والقمع والتدخل في حياة الناس، وحشر الأنوف والآذان في خصوصياتهم، وكل أنواع الترغيب والترهيب والإغراء والرشوة لشراء الناس، والتحكم بهم، وفرض السيطرة عليهم، وعلى أوطانهم، كل هذه وتلك، وكل هذه الموبقات وتلك، وكل هذه الكبائر وتلك، وكل هذا الاستخفاف بالأوطان والإنسان، وكل هذه الأساليب التي يتبعها هؤلاء وأولئك ضد الوطن والمواطن، وضد الأخلاق الحميدة، والقوانين الراقية الرشيدة يجب أن تتوقف، ويجب أن يتعاون الناس جميعًا من أجل إنهائها، ووضع حدٍّ لها، ويجب أن يعمل كل من يعنيهم الأمر في كل بقاع الدنيا على إلغائها، واستبدالها بأحكامٍ عادلة، وقوانين رشيدةٍ سديدةٍ تحترم حياة الإنسان، وتحترم حرياته، وتحترم إرادته، وتحترم إنسانيته، وتحترم سائر حقوقه في القول والتفكير والتعبير والعمل واختيار النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يريد، مع احترام حقه في الدعوة لفكره، والترويج لفكرته ضمن الأعراف والوسائل المشروعة المتفق عليها في كل أقطار العالم التي تحترم الإنسان، وتحترم إنسانية الإنسان، وتحترم كافة حقوقه التي ضمنتها له القوانين، ونصت عليها الدساتير المكتوبة وغير المكتوبة، وسائر الأعراف، دون أن يكون من حق أحدٍ أن يتعرض له، أو أن يضايقه، أو أن يحاول منعه من إبداء رأيه تحت أية ذريعة من الذرائع التي يتذرع بها المفلسون الفاشلون الذين لا يؤمنون بحرية الإنسان وبحقه المقدس في القول والتفكير والتعبير.
   لقد نُكبت شعوبٌ كثيرةٌ في هذا العالم على مر العصور والدهور، ولا تزال، بأنظمةٍ قمعيةٍ استبداديةٍ تسلطيةٍ لا تقيم وزنًا للإنسان، ولا تحترم له رغبةً، أو إرادةً، أو رأيًا، ولقد تسلط على كثيرٍ من الشعوب في هذا العالم طغاةٌ عُتاةٌ جناةٌ أذلوها، وساموها سوء العذاب، وأحالوا حياة أبنائها جحيمًا وأي جحيم!! ولقد ابتليت البشرية خلال تاريخها القديم والوسيط والحديث بألوانٍ من المعارك والحروب المدمرة التي فُرضت عليها فرضًا دون أن يكون لها يدٌ فيها في كثيرٍ من الأحيان، وقد جنى على البشر والبشرية عبر تاريخها الطويل مغامرون كثيرون، وأشقياء كثيرون ممن جعلوا من الناس، ومن حياة الناس وقودًا لمغامراتهم وحروبهم التي لم يبتغوا منها إلا بناء أمجادٍ شخصية باطلةٍ ليس فيها أدنى مصلحةٍ لأحد، وليس فيها أدنى نفعٍ لأحد، ولا تنطوي على أدنى قيمةٍ من القيم التي عرفتها هذه الأمة، وعالجتها بأساليب مختلفةٍ راقيةٍ من الحكمة، والحوار، والموعظة الحسنة، قبل أن تلجأ إلى الكي، وهو آخر العلاج كما قالت العرب، وحتى في لجوء أولئك الناس إليه كانوا كارهين له مجبرين عليه، وقد اتخذوا منه وسيلةً لأمن الشعوب وأمانها وتقدمها وازدهارها وعيشها الكريم، ولم يتخذوا منه وسيلةً لقهر الشعوب، والتحكم بها، ومصادرة أراضيها، والتنكيل بأبنائها، وتجويع الناس وإذلالهم، بل فإن عكس ذلك تمامًا هو الصحيح، بدليل أن كل الشعوب في هذا العالم قد أحبت أولئك الناس، وبدليل أن كل الشعوب في ذلك العالم قد أصبحت جزءًا لا يمكن أن يتجزأ من تلك الأمة التي جاءت بالقيم والمُثل العليا والكتاب المنير، وكرست مبادئ الحق والعدل والمساواة، بعيدًا عن الاستبداد، وبعيدًا عن الظلم والبغي والفساد، وبعيدًا عن العدوان والطغيان والقهر والتنكيل والسلب والنهب، وكل أشكال التعسف والبغي والاستعباد والاستبداد.
   إن شعبنا العربي الفلسطيني الذي يعاني منذ مطلع تاريخه الحديث من سلسلةٍ تكاد حلقاتها لا تنتهي، ويكاد بعضها يؤدي إلى بعضها الآخر، ولا نقول إنها كانت كذلك يقينًا، وإنها كانت مدروسةً جيدًا ومخططًا لها جيدًا، حتى لا نُتهم بأننا من أصحاب نظرية "المؤامرة" التي يتحدثون عنها، ويحذرون منها، لأنه لا وجود لها إلا في عقولنا ورؤوسنا نحن الفاشلين الخائفين الفزعين من الناس!! ولأنه لا وجود لها في الواقع، ولا وجود لمخططين، أو مخططات، أو أجنداتٍ خارجيةٍ أو أجنبيةٍ، ولأن الأمور في هذا الكون تسير سيرًا طبيعيًا بحيب قوانين النشوء والارتقاء والتطور، والقوة والضعف، والصحة والمرض، والغنى والفقر، والعلم والجهل، والنضج والفجاجة، وبحسب قانون العرض والطلب بلغة الاقتصاد والاقتصاديين، وبحسب قوانين "العولمة" ومقتضياتها بحسب ادعاءات كثيرٍ من المثقفين والكتاب الذين باتوا يقومون بما يريده الغربيون نيابةً عنهم، وإيمانًا منهم بطهر الغرب وعفته ونضجه وطيبته وكرم أخلاقه، وإيمانًا منهم أيضًا بأن العالم اليوم قد أصبح قريةً صغيرةً، وهو ملك لجميع أبنائه وبناته، لا فرق بين غربي وشرقي، وعربي وغير عربي، ومسلم وغير مسلم إلا بمقدار ما يقدم لهذا العالم من نفع، وبمقدار ما يؤثر فيه، ويتأثر به، وصولاً إلى عالمٍ جميل، وعيشٍ هانئٍ هادئٍ كريم.. فإذا قلت إن هذا القول مبالغ فيه، وإنه وسيلة الغرب الجديدة لحكمنا والتحكم بنا، فإن حصل فبها ونِعْمَ، وإلا كان الغزو، وكانت الحروب، وكان الدمار، وكان الخراب، وكان كل ما لا تُحمد عقباه، وكانت السجون والمعتقلات التي يُحشر فيها حشرًا كالأغنام كلُّ خارجٍ عن القطيع، وكل من يغرد خارج السرب، وكان في هذه السجون والمعتقلات ما فيها من عدوانٍ وتقتيلٍ وتنكيلٍ وتجويعٍ وتركيعٍ واغتصابٍ وإذلالٍ وامتهانٍ للإنسانية والإنسان، وما نبأ تلك المعتقلات عنا ببعيد.
   وإن شعبنا العربي الفلسطيني هذا الذي يعاني منذ مطلع تاريخه الحديث مما تنوء بحمله الجبال، شعبنا هذا يقف اليوم شامخًا منتصبًا عملاقًا يرفض الضيم، ويرفض السجن، ويرفض الهوان، ويرفض العدوان، ويتمرد على السجان، ويُسمع الدنيا كلها صوته المطالب بالحرية، ويصرخ في وجه الدنيا كلها: لقد آن لنا أن نتحرر، وآن لنا أن نخرج من قبور الأحياء التي دفنونا فيها ظلمًا وعدوانًا، وآن لنا أن نحيا كما يحيا البشر، وأن نعيش حياتنا كما يعيش الناس في هذا العالم.. شعبنا العربي الفلسطيني يقف اليوم إلى جانب أسرى الحرية في ثورتهم وتمردهم على الظلم والعدوان، وتحديهم للسجن والسجان، وفي مطالبتهم بالتحرر من القيد.. أسرانا يثورون على حياة المذلة والهوان.. يثورون على الاعتقال الإداري والسياسي، ويثورون على الاعتقال التعسفي الاستبدادي العشوائي، وعلى سائر أنواع الاعتقال والتضييق والحصار والتحكم والإذلال.. كل أسرانا اليوم يحتجون على هذا الظلم الصارخ الذي ما أنزل الله به من سلطان.. إنهم لا يطالبون بتحسين ظروف اعتقالهم!! بل يطالبون بالحرية، والتحرر، وبكسر القيد، وإغلاق هذه السجون والمعتقلات التي دأبت على إذلال الأحرار منذ عهد هذه الديار بأول احتلالٍ في تاريخها الحديث.. ولئن كان الإنجليز المحتلون هم أول من أتى ببدعة الاعتقال الإداري، فإننا سنلغيه نحن اليوم بإصرارنا وإرادتنا، وبأمعائنا الخاوية، وصدورنا العارية، وبمواقف الشرفاء من الناس، والقوى التقدمية، وأنصار الحق والحرية والعدل والعدالة والسلام في هذا العالم، وسنلغي معه الاعتقال السياسي البغيض أيضًا.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !