السلطات العراقية على وشك تنفيذ الاعدام بحق نساء على خلفية اتهامات طائفية ومحاكمة تفتقد لمعاييرالعدالة
أصدرت منظمة نسوية عراقية تدعى (منظمة تضامن المرأة لعراق مستقل وموحد) نداء عاجلا بصدد الأعدام الوشيك لتسع نساء عراقيات، وطالبت المنظمة بالتدخل الانساني العاجل من جميع المنظمات والهيئات الحقوقية المعنية بحقوق الانسان وحقوق المراة لمنع تنفيذ هذه الاحكام وقالت أن هذه الاحكام تصدر، في أحوال إستثنائية لا تزال توصف عموما بحالة "الحرب في العراق" ، عن محاكم لا تزال التقارير الحقوقية العالمية والعراقية تنفي عنها شروط العدالة والنزاهة.
إن تنفيذ احكام الاعدام بحق نساء اثر محاكمات صورية تنعدم فيها العدالة، وفي اجواء طائفية مشحونة بالانتقام والثار، وشيوع الفساد، وشيوع التعذيب في اجهزة التحقيق يعد انتهاكا لحقوق الانسان وللنداءات الدولية بايقاف تنفيذ احكام الاعدام في الاحوال الاستثنائية وعندما تنعدم شروط العدالة والانصاف.
إن الخطرجدي و ماثل ، فقد تم اعدام ثلاثة نساء في شهر يونيو/ حزيران الماضي فقط. وبلغ العدد المعلن لمن نفذ بهم حكم الاعدام من الرجال والنساء حوالي الألف منذ عام 2004 وحتى الآن. وليست هناك ارقام رسمية عمن ينتظرون تنفيذ حكم الاعدام.
لقد ثبت بما لايقبل الشك أن الأحكام الصادرة في محاكم العراق، بشكل عام، وفي هذه الظروف تفتقر الى شروط المحاكمات العادلة في ظل قضاء مستقل يستند الى معايير العدالة والانصاف. وهذا ما أكده تقرير بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق ( يونامي) في يوليو/ تموز 2008 حيث وصفت الاجراءات في المحاكم الجنائية بانها لاتلبي الحد الأدنى من المعايير المطلوبة للمحاكمات ودعى التقرير الى تعليق حكومة الأعدام الى حين القيام بمراجعة الاجراءات في مراحل التحقيق والمحاكمة.
إن اعدام النساء، بشكل خاص، قضية تمس اعمق ما يؤمن به المجتمع العربي والأسلامي وقيمه التي تتناقلها الأجيال، من ان المرأة هي حاملة الحياة وراعيتها وأنها الأم التي تشكل نواة الاسرة والمجتمع، وأن ثمة طرق أخرى للقصاص حتى إذا ثبت الجرم حسب الدلائل الآنية، وأن هذا هو السبب الذي أدى منذ الستينات في العراق ودول إخرى الى إلغاء عقوبة الإعدام بحق النساء.
إن إنعدام شروط تحقيق العدالة في المحاكمات واجراءات التحقيق في العراق اثبتتها تقارير محلية ودولية بما فيها تقارير وزارة حقوق الأنسان العراقية، لشيوع التعذيب والقهر، وانتزاع الاعترافات تحت ضغط التعذيب والقسوة والممارسات التي يندى لها الجبين بما فيها التهديد بالاغتصاب، وإن الأقدام على تنفيذ أحكام اعدام صدرت في مثل هكذا ظروف يؤدي الى ازهاق ارواح بريئة، وقد ثبت في احايين كثيرة ثبوت براءة العديد ممن نفذت فيهم احكام الاعدام في قضايا يتبين ان مرتكبها غير الذي تم تنفيذ الاعدام فيه. ولهذا نجد الكثير من دول العالم بدأت بإلغاء عقوبة الإعدام في الظزروف الطبيعية واستبدالها بغيرها، فكيف في ظل ظروف استثنائية تلعب الميليشيات والتأثيرات الطائفية الدور الحاسم في إصدار الأحكام والقرارات التعسفية؟
إنّ ما تعانيه المرأة العراقية في السنين الأخيرة من ظلم تأريخي بدأ بالحرمان من الأمان، ومن أبسط سبل العيش الكريم، وإنتهى بتحويلها الى ارملة فقدت معيلها، وام لليتامى تبحث عما يسد رمق اطفالها، ومهجرة تستجدي أقل القليل خارج بلادها، او نازحة في معسكرات من خيام خارج بيتها، ولاتعرف ما الذي سيجلبه لها الغد القريب. وها نحن نرى في قتلها قانونيا محاولة لتجريدها من انسانيتها كأم وزوجة وأخت وابنة ومن حقها في الحياة. أن المرأة عموما (والعراقية بالأخص!) بكل الأعراف والمقاييس الاخلاقية والأنسانية، وتحت الظروف المذكورة اعلاه، تستحق الرحمة و الرعاية والتقدير وليس الاعتقال والتعذيب والاعدام.
المطلوب من المجتمع الدولي عموما، ومن الهيئات والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان وحقوق المرأة خاصة التدخل لأيقاف جريمة إعدام 9 نسوة عراقيات بأحكام جائرة صدرت في ظروف استثنائية تغيب فيها العدالة والشفافية والانصاف عن ممارسات اجهزة التحقيق والاعتقال التي تسيطر عليها ميليشيات طائفية لاتتقن سوى فنون القهر والتعذيب والاغتصاب وانتزاع الاعترافات بالأكراه، وهذا ما شهدت به المنظمات الحقوقية العراقية والعربية والدولية.
التعليقات (0)