كعادتي كل صباح أمسك قلمي وأنثر أوراقي وأتصفح دفاتري وأنقل أفكاري إلى الورق. كنت جالسة أشرب قهوتي الصباحية عندما سألتني ابنتي:
أمي، ماذا تكتبين؟
أجبتها أكتب ما يدور في داخلي...
هل تسمحين لي بقراءتها أمي؟
لا حبيبتي هذه رسائلي وكلماتي الخاصة.
وماذا تكتبين؟
صغيرتي، أكتب ما في داخلي من فرح وحزن، وأماني وأحلام، ومشاعر وأحاسيس.
وما الفائدة من الكتابة؟ هل عندما تكتبين تشعرين بالراحة؟ هل تتحقق الأماني والأحلام عندما ننقلها إلى الورق؟
تركتها تتساءل دون ان أجيب.
مر على الموضوع عدة أسابيع. ذهبت إلى غرفة ابنتي، ولأول مرة شعرت بأنها ترتبك لدخولي...
حبيبتي، ماذا تكتبين؟
زاد ارتباكها.
لا شيء أمي، إنها أوراقي الخاصة.
ترى ما الذي تكتبه طفلتي وتخشى أن أراه؟!
هل تسمحين لي بالقراءة؟
لا، لا أمي، هذه أمور خاصة.
خرجت من غرفتها وذهبت أتصفح الجرائد. كنت اقرأ وذهني شارد مع صغيرتي. وعندما ذَهَبَتْ إلى المدرسة غمرني الفضول لأرى الأوراق الخاصة التي تكتبها أبنتي. بحثت في مكتبتها ولم أجد شيئا. بحثت، وبحثت، دون جدوى.
هل تمزقها بعد كتابتها؟
ربما كانت هنا!
لطالما طلبت مني أن أشتري لها حقيبة كحقيبتي التي أخفي فيها كل أوراقي.
ها هي.
يا ألهي أنها تحوي أوراق كثيرة.
رسالة إلى الله.. يا رب حقق أحلامي وطموحاتي وسأسعى لذلك...
رسالة إلى حكام العالم... لماذا تقتلون الأطفال، وما ذنبهم بما يفعله الكبار؟...
رسالة إلى معلمتي... لماذا عاقبت رفيقتي دون أن تسمعيها، فهي محقة بما فعلت...
رسالة إلى أمي!! أشكرك لما تقومين به من أجلي...
رسائل ورسائل...
وبعد عدة أيام دخلت غرفتها لكي أطمئن عليها، فلم تكن نائمة، ولكني سمعت أنات بكائها!
صغيرتي: لماذا تبكين؟ ما بك؟
لا شيء أمي. أنا لا أبكي.
خرجتُ من غرفتها قلقة. ما سبب بكاء وحزن طفلتي؟ لم تغمض عيني حتى أشرقت الشمس، أفكر بسبب بكاء الطفلة.
قبلت خدي وذهبت إلى المدرسة. عندها أسرعت إلى الحقيبة علني أجد سبب بكاء الطفلة.
كانت رسالة.
إلى أمي: لماذا أنت حزينة؟ وأحيانا تبكي!
لماذا تعتقدين أني لا افهم ما يدور من حولي؟
لم أتمالك نفسي... جلست على سريرها وتذكرت أنها سألتني يوماً: لماذا أراك أحيانا تبكي؟ فأجبتها أن البكاء راحة للنفوس ويغسل القلوب...
ولكن ما هموم طفلة؟
أهي تريح نفسها؟
من ماذا؟
لا، غير معقول!
أتقلدني؟!
يا الهي أنها تقلدني بكل عاداتي وتصرفاتي وكلماتي. إنها كالعجينة أشكلها كما أشاء...
ماذا افعل؟
كيف ارسم لها صوره جميلة للحياة لتعشقها؟ في زمن كثرت فيه الذئاب التي لا تعرف الوفاء ولا تقدس الطفولة، وأقلام غلب جهلها على علمها.
التعليقات (0)