بعد فشله لأكثر من مرة في دخوله اكاديمية الرسم لقول مدرس الاختبار بأن خطوط رسوماته تـُميل الى الهندسة المعمارية اصبحت ميول هتلر الحربية تتغلب على ولعه بالفن الى ان اصبح عسكرياً بارعاً وسياسياً ناجحاً وخطيباً لبقاً ومن ثم دكتاتوراً مهوساً بالعظمة والقتل ليهدد السلام العالمي متسبباً في نشوب اكبر حرب في العالم ليذهب ضحيتها مئات الالاف من الابرياء.......السؤال الذي يطرح نفسه هنا :ماذا لو ان هتلر نجح في امتحان مادة الرسم؟!
يقول محمد حسنين هيكل في كتابه (حرب الخليج ...اوهام القوة والنصر) بعد وصفه الطويل والممل نوعاً ما لطبائع الشخصيات والقادة لحرب الخليج 1991 اذ يقول ان الرئيس العراقي صدام حسين كان مولعا بقراءة رواية (الشيخ والبحر) لأرنست همنغواي وانه قد قرائها اكثر من احدى عشرة مرة وقد اوصى وزارة الثقافة والاعلام في بلاده بعرض الفيلم المقتبس من الرواية بالعنوان ذاته كل سنة على الاقل ، والفيلم هو من بطولة الفنان الامريكي الراحل انطون كوين * ،ولـلذين فاتهم قراءة الرواية فيمكن اختزالها بصياد سمك عجوز اسمه سانتياكو لايحالفه الحظ في اصطياد سمكة واحدة لمدة ثمانين يوماً وتسوء احواله وياتي الى المنزل كل مساء خائباً ليوطىء شراع قاربه وكأن الشراع يوحي بهيئة علم او راية بيضاء تحاول الاعلان عن هزيمة ذلك الشيخ العجوز امام هيجان البحر وامواجه الغاضبة ويخبره الصيادون بأنه بات عجوزاً هرماً على مهنة صيد الاسماك الا ان اصراره يجعله يمسك في احد الايام بسمكة كبيرة بكبر قاربه ولثقلها وقوتها فأنها تجره ايام وليال لعرض البحر بعيداً عن الشاطىء وفي النهاية يصطادها ، الا ان رحلة العودة ايضاً تكون شاقة وعصيبة وذلك بعد مه اجمة اسماك القرش لصيده الثمين لأنجذابها لرائحة الدم الذي سالَ من السمكة وتلتهمُ القروش لحم صيده ولا يتبقى سوى العظام من السمكة الكبيرة المربوطة على طول قاربه لحين وصوله الى اليابسة ، لكن العظام هي خير دليل على علو شأنه في الصيد وافضل تذكار لمجده رغم وصوله دون جائزة او حصة ، وللمعلومة فأن هذه الرواية جعلت من كاتبها يحصل على جائزة نوبل للادب سنة 1954,لكن وفي الوقت ذاته لو قرانا رواية اخرى و للكاتب نفسه والتي لا تقل قيمة وشهرة عن سابقتها وهي وداعا للسلاح والتي تعتبر كسيرة ذاتية لأنسان عاش الحرب بتفاصيلها والذي يؤكد فيها على همجية الحرب (بعد المشاركة الفعلية للكاتب في الحرب العالمية ) اذ يوصف ذلك الجندي الذي يحُارب في مواجهة هو غير مؤمن بها سوى تنفيذاً لخدمته العسكرية ويصاب بجروح في احد المعارك ليدخل المستشفى ويعشق هناك ممرضة تعتني به ليحبها ولينجبوا في النهاية طفلاً معاقاً هي دلالة ٌرمزية من الكاتب لولادة العوق الحقيقي للبيئة الاجتماعية لمستقبل ما تفرزه الحروب ، رغم تأكيد الكاتب على ان كل شيء مباح في الحب والحرب الا انه يصر على ان جلسة واحدة تحت ظل شجرة ناضرة مع الحبيبة تساوي كل اخبار الانتصارات الوهمية ،وان همسة جريئة وابتسامة بريئة من شفاه فتاة صادقة توازي كل الخطابات الحماسية التي يقُـتل خيرة شباب الوطن من اجلها وتحت لوائها ويؤكد في النهاية وفي اكثر من حاشية للكتاب انه ليس هناك رابح حقيقي في الحروب والذي ينادي بنصره هو الخاسر الاكبر.
لو اعدنا كتابة ما قراناه ولو تمنينا امنية هي في عالم الخيال ، لو ان صدام حسين كان قد عشق رواية الكاتب نفسه (وداعا للسلاح ) عوضا عن رواية (الشيخ والبحر ) ياترى كم ارواحا كنا سنوفر وكم كنا سننعم ببيئة صالحة للعيش الرغيد ومستقبل وفير للاجيال القادمة ؟!
لكنه يبقى مجرد سؤال يسأل في وقت متاخر لزمان فاني .
انطون كوين ممثل امريكي الجنسية من ام مكسيكية واب ايرلندي اشتهر في الشرق بتأديته لشخصية عمر المختار في فيلم اسد الصحراء وحمزة في فيلم الرسالة _النسخة الانكليزية _ ، الفيلمان من اخرج مصطفى العقاد.
صلاح حسن رفو
التعليقات (0)