مواضيع اليوم

اوراق من المهجر 12

salah ravo

2013-11-12 09:19:35

0



كان وجه اليكساندرا ( معلمة الكورس الالماني) بشوشاً كالعادة وهي ترقص وتمثل تارة وتضحك بصوت عالي تارة اخرى لمحاولتها الجادة في ان نتعلم لغة بلادها بأريحية وبساطة وحين جاء دور فقرة تعلم اسماء ايام الاسبوع والاشهر لم تكترث كثيرا للتركيز في تكرارها لنا لقولها انها (اي الاشهر والايام )اسماء لاتينية الاصل وتتشابه في اغلب اللغات و بالنسبة لايام الاسبوع فسيقوم الطالب بتحويل اغلب اسماء ايام الاسبوع من الانكليزية الى الالمانية فقط في تغير كلمة "داي " الى " تاك " ومعناها " اليوم" وتغيير طفيف في اللفظ ومؤكد ان ما يتعلمه التلميذ في الصغر لا يمحى بسهولة لكونه كالنقش على الحجر ، لكن معلمتي للاسف لا تعرف قصتي مع اسماء ايام الاسبوع في السادس الابتدائي اذ كنت غائبا بسبب المرض في تلك المحاضرة وحضرت في اليوم الذي يليه ليطلب مني الاستاذ ادور حنا ان انقل مادته ليوم امس من صديق لي ويسألني فيما بعد ، رغم قسوة استاذ ادور وخوفنا الشديد منه الا انه كان في نفس الوقت مربيا فاضلا يعطي كل طاقته لان نفهم ما يقوله والويل له لمن يكون كسلانا في مادته، نجحت في اختباره حينها وحفظت ايام الاسبوع وكتابتها الا ان الهاجس الذي راودني ويراودني الى الان وبعد مرور اكثر من عشرين سنة على تلك المحاضرة انني لا اتذكر اسماء ايام الاسبوع وترتيبها بتلك السرعة التي اعرف ايام الاشهر وتوقيتات الساعة والمحاضرات الابتدائية الاخرى التي كنت حاضرا في الصف وقتها وهي دلالة منطقية ان اسلوب الاستاذ والفكرة المعطاة لحظة وجوده تجعل مزروعة في خيال الطالب لأطول فترة مقارنة مع النقل من زميل اخر .
هذا السؤال يقودنا الى اسئلة بديهية اخرى : ياترى كم طبيبا ومهندسا ومدرسا يشغلون مناصب في المستشفيات والمعامل والمدارس العراقية وقد نجحوا بعد ان حصلوا على اسئلة الامتحانات قبل ادائها او بطريقة الغش او الوساطة ؟
بأمكاننا ان نحول صيغة السؤال كالتالي : كم صاحب شهادة بكالوريوس وماجستير ودكتوراة مزورة تشغل مناصب حساسة ( كوزير او وكيل وزير او سفير ...الخ ) في جميع مرافق الدولة؟
الى كل متفائل بمستقبل العراق ويرى ان بعد مرور عشرين عام على محاضرة غائبة ما زال الطالب يعاني من التذكر البطيء للمعلومة فكيف الحال ببلاد تحاول ان تحمي ابنائها من خطر اكبر عمليات ارهاب شهدها التاريخ بقوات مليونية وضباطها وباغلبيتهم الساحقة لم يدخلوا الكلية العسكرية ولم يقرؤا محاضرة واحدة عن عمليات الكر والفر ودراسة نقاط الضعف والقوة لدى الخصم واستبيان النتائج،
البلاد لا تحتاج الى جيش مليوني جاهل باولويات الخطط العسكرية بقدر حاجتها الى بعض الالاف من جنود الاستخبارات المتمرسين في كشف بؤرة الارهاب قبل وقوع الكوارث.
بلادنا هي البلاد الوحيدة في العالم التي حكوماتها توهبُ الرتب العسكرية للاقارب والمعارف كتوزيعها للمواد التموينية على فقراء الشعب .
فقط في بلادي يمكنك ان ترى الضابط يكبر كرشه ويزيد وزنه بزيادة رتبته العسكرية .
فقط في بلادي جل الخطط العسكرية يخترعها جاهل في العلوم العسكرية ويتجاهلها معظم المطبقين وينال العقاب لفشلهاعامة الناس .
بلادٌ افضل وسائلها لمجابهة الارهاب ان تضع بين نقطة تفتيش ومثيلاتها ،نقطة تفتيش اخرى !
البلاد التي تـُخرج الطلاب من كليات الادارة والاقتصاد فيها بكثرة معامل التفريخ او التفقيس (الكمية على حساب النوعية ) دون تخطيط لا ينـُتظر من اقتصادها ان ينهض.
البلاد التي تجعل من كليات القانون والعلوم السياسية مكانا للهواة وعشاق الشهادات الجدارية (بجعلها كليات مسائية او اهلية او جامعات مفتوحة )لا يتوقع منها ان تخلق سياسيين يعبرون بسياسة البلد الى بر الامان.
البلاد التي يستشير مواطنيها الخبير الديني بدلا من الخبير الصحي في نظام اكله هي بلاد مصابة بعسر الفهم قبل عسر الهضم.
البلاد التي يتأثر (بالسلب والايجاب )جل مواطنيها من اطباء ومهندسين واصحاب ارقى الشهادات والمناصب والنخب بخطبة عصماء من رجل امي او فاشل دراسي هي بلادٌ تعاني من محنة التأقلم مع واقعها وتعيش خارج حسابات الزمن ولابد لها ان تراجع ذاتها قبل فوات الاوان.

صلاح حسن رفو




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !