وأخيراً وصلت البيت ..!!
كان اليوم حافلاً بالأحداث ، ويضم في ثناياه العشق والسحر والجمال ، ويختصر المكان والزمان .
صباح هذا اليوم ، توجهت مع أصدقائي الثلاثه الى مدينة عمان، ممتلئين بالتفاؤل والنشاط والحيوية ، كانت الساعة لا زالت مبكره حين وصلنا الى مقهى في حارة الشميساني ، مقهى كنا نرتاده منذ زمن بعيد ، ولم نشأ ان نجلس وقتاً طويلاً فقد شربنا القهوه وقررنا التوجه الى دمشق ، حيث تناولنا طعام الفطور في شارع المزه ، صلينا صلاة الظهر والعصر ،و تناولنا طعام الغداء في مدينة حلب .
كانت شوارع سوريا تفوح برائحة الفل والياسمين ، ويُظللها عبير الامويين ، وعظمة عماد ونور الدين زنكي ، ثم توجهنا الى بيروت . بيروت الشعر، بيروت الاثاره . وهناك أكلنا السمك المشوي في أحد المطاعم القديمة ، جلسنا على الكورنيش نشرب القهوه ونتسامر .
كانت وجوهنا تشع سعاده، وعيوننا ترسل بريقاً لا يمكن ان يأتي الا من هذا الشرق الساحر .
كنا قد ارتأينا ان تكون تلك الرحله عادة لنا . بدأنا ذلك قبل شهر عندما سافرنا من السعودية الى القاهره والاردن في يوم واحد ، وعدنا واقسمنا ان نكرر ذلك مرات ومرات .
ما أجمل نيسان ! وما أروع هذا المكان ! انه الشرق .... مكان الاحلام والتاريخ والقدسية والجمال . ما أروع أن يسافر الانسان ، ان يسافر متى يشاء، وحيثما أراد بدون جواز سفر ، أو تأشيرة دخول ،
وان يسافر في عالم الاشجار والعصافير وصمت الجبال ورهبة الصحراء . والاجمل ان يكون في اماكن كلها ايمان وخشية ، وعدل وامان ، لكن العوده كانت على عكس ما توّقعناه ، كانت العوده مخيفه ، مرعبه وذلك عندما شاهدت على شاشة التلفاز ، كيف يقوم نتانياهو بقصف نتانيا ، وتل ابيب وحيفا ، كيف سمحت له نفسه ان يقتل شعبه ، من أين أتته الجرأءه ليقتل الاطفال والنساء والشيوخ ويعدم الشباب لمجرد انهم لا يريدونه حاكماً عليهم .
انه يفعل تماماً كما فعل اوباما قبل شهرين ، عندما قام بقصف واشنطن ولوس انجلوس وسان فرانسيسكو وعمل مجازر بشرية يندى لها الجبين الانسانيه ، كل ذلك ليحتفظ بكرسيّ الرئاسه .
ما الذي يجري في هذا العالم ، اي ربيع شعوب غربي هذا ؟
ثورات في لندن ، وفينا ، وبروكسل، ومدن تقصف ، قرى تهّجر ، مشردون ولاجئون ، قتلى وجرحى بالملايين اي عالم مجنون هذا ؟!
والاسوء من ذلك الخبر الثاني على شاشة التلفاز ، الذي جاء من فرنسا ، حيت أعلنت لجنة الانتخابات العليا ان نيكولا ساركوزي لا يحق له خوض الانتخابات للمره الثانيه لانهم اكتشفوا انه امه ذهبت الى لبنان قبل عدة سنوات ، وتحمل جنسية لبنانية ، ورغم حرصه الشديد على اثبات كذب اللجنة وتزويرها ، الا ان اللجنة قامت باستبعاده من أجل ارضاء الحكم العسكري في باريس.
وكادت عيني تدمع على الخبر الثالث ، عندما رأيت ما يجري في بريطانيا ، حيث القتل والتهجير والجدار العازل ، فمن لم تقتله الطائرات ، قتلته رصاصات الجدار العازل ، ومن لم يقتل بهذا او ذاك يموت جوعاً.
كانت احلام اليقظه تتزاحم في رأسه ، افكار ربما يرفضها أو ينكرها ، او يتمناها او .... ربما افكار.. حتى توقفت هذه الاحلام عندما قال حفيده:
وصلنا الحاجز يا جدي ...ناولني الهويه .!
اخذ الجد يفتش في جيبه الاول والثانيه وينفض ملابسه ، أين الهويه ؟! اخذ يفتش داخل السياره ، كل هذا والجندي ينظر اليه وينتظر حتى فرغ من صبره وقال:
_ عليك بالعوده ..
حاول مراراً أن يقنع الجندي بالمرور ، ولكن الجندي لم يتعاطف معه ، وقال : القانون هو القانون .
هز الجد رأسه مستغرباَ ومستنكراً ، " عن أي قانون يتحدث هذا الغريب.؟!" .
جرى نقاش طويل ، واخذ صوت الجد يعلو شيئاً فشيئاً ، ويصرخ بكلمات لم يفهمها الجندي ولا الحفيد
سايكس بيكو ... سان ريمو ... فاروق سلطان ...بجاتو ..بثينة شعبان ..حسون...البوطي....الطرابلسسي...
_ جدي ما الذي تقوله.!؟
كاد الشاب يبكي على جده الذي ظنه يهذي ، في تلك اللحظه تلّقى مكالمه من ابنه " سأحضر الهويه.. وابشركم زوجتي انجبت مولوده جميلة "
عاد السرور والبشر الى الجد وبصوت عالي والكل يسمع مبروك .." ارجوك سمّها أمل ,,,سمّها أمل .. هل تسمعني ....سمّها أمل ..!
التعليقات (0)