على أن الأوضاع في الإدارة حيث كان يعمل قد ساءت فقد عم الظلم و الاستغلال و ساد جو من النفاق الاجتماعي. فما كان منه الا ان لجأ إلى مكتبه و أوصد بابه. صل صلاة الظهر و اطال السجود متورعا لله ان يجيره من شر هذا الزمان . ثم انه عمد الى مدونة ايلاف يعالج ما بها من اعوجاج و يصحح ما ورد على كتاباته من اخطاء و يقرأ لهذا هنا و يترك لاخر تعليقا هناك. طال به الوقت حتى غالبه النعاس فانكب على لوحة التحكم و غط في سبات عميق لم يعلم له قرارا. حين استيقظ هرول في اتجاه عصفوره المعلق على الحائط. تسارعت دقات قلبه لما رآه مستكينا لا يتحرك على غير عادته. هز به القفص فشدا الطائر بديع الالوان بما عوده به من الحان. تركه بعد أن سكب له بعضا من الماء البارد و أطعمه حبات سمسم كان يحتفظ بها في درج مكتبه. فتح الباب و هاله ما وجد عليه المبنى. فقد زالت كل طوابقه و لم يبقى سوى مكتبه معلقا بين السماء و الأرض كأنما تشده حبال خفية نحو الأعلى. فرك عينيه و غادر الغرفة عبر النافذة متسللا عبر أسطح البنايات المجاورة. وقف على حافة الطريق الذي لم يكد يجد ملامحه التي تركها عليه. عبثا بحث عن وسيلة نقل تقله إلى منزله. كان الطريق خاويا على غير عادة. لا ازدحام و لا وجود لاي سيارة او حافلة او أي نوع من انواع العربات التى تعج بها الطرقات في مثل هذا الوقت. استغرب الامر و رفع راسه نحو السماء كانما يسال رب السماء عما حل بمدينته. حين رفع راسه هاله ما استقرت عليه عينه. قاطرات طائرات صغيرات اكتظت بها السماء و أصوات المنبهات لا تكاد تحتمل. تذكر ان له دينار في قعر جيبه فتلمسه و خطر له ان يصرفه في السوق فيرى ما سيؤول اليه. وصل السوق او المكان الذي ترك فيه اخر مرة. المكان مرتب بطريقة مرضية و لا وجود لبضاعة مرصفة يتلمسها او يلتهمها بعينيه. المكان كله عباراة عن شاشات ذكية دون عليها قائمة البضائع. ضغط على احد الازرار يبغي حليبا. طلب منه الصوت الآلي أن يُدرج النقود الإلكترونية في المكان المخصص لها. القى بديناره الى الالة فلفظته لتوها...
التعليقات (0)