انقلاب الصورة
يوجد الكثير من ابناء الاحساء الذين يعملون في الدمام او الخبر او الظهران ، ويسلكون الطريق (التي تبلغ طولها اكثر من 130 كلم) يوميا ذهابا وعودة ، وذلك اما بالباصات الاهلية والتي في غالبيتها متهالكة وغير مؤهلة لسلك هذه الطريق بشكل اسبوعي فضلا عن سلكه يوميا ، كما ان البعض منهم يزيد من المخاطرة عندما يسلكها بشكل يومي بسيارته الخاصه . وهؤلاء قد اجبرتهم الظروف لتحمل هذه المشقة وخوضهم هذه المخاطرة بارواحهم ، من اجل تأمين لقمة العيش لهم ولابنائهم ، وتختلف هذه الظروف من شخص لآخر ، فقد تكون مادية ( من عدم قدرة الشخص على استأجار منزل او شقة في مكان عمله ) ، او اسباب اجتماعية (كالاشخاص النشطين اجتماعيا) ، او اسباب نفسية وعائلة (فقد يكون الشخص او عائلته او كليهما لا يستطعون تحمل بعد رب اسرتهم عنهم ، كما انهم قد يكونوا في امس الحاجة الى وجوده الدائم عندهم ) ، او مجتمعة معاً ، او لاسباب اخرى .
وعندما قرأنا عن تطوير طريق الاحساء - بقيق - الظهران ، وجعلها اربعة مسارات وذلك باضافة مسارين اضافيين لكل شارع (اللي رايح واللي جاي) ، غمرتنا الفرحة والسرور بهذا القرار ، وقلنا في انفسنا انه قد حان الوقت لوقف نزف الدماء وحصد الارواح على هذه الطريق بسبب كثرة الزحام عليه ، الى جانب ضيق الطريق .
ولكن يبدو ان الحوادث التي راح ضحيتها الاف الاشخاص والتي تقع على هذه الطريق ليست بسبب ضيق الطريق وازدحامها فقط ، بل هنالك سببين رئيسيين لهذه الحوادث وهما :
1- سوء تصميم الطريق ، حيث لا يوجد فاصل بين الشارعين عدا مترين فقط ، وفي بعض المناطق اقل من ذلك ، بالاضافة الى كون هذه المسافة الفاصلة بينهما منبسطة ومسطحة تجعل من السهل على اي سيارة العبور الى الشارع المقابل ، دون اي عوائق وموانع تصادفها .
2- غياب الرقابة والقوانين الصارمة على هذه الطريق ، حيث اننا عندما نسلك الطريق نرى اصحاب الشاحنات المحملة بالبضائع يتجاوزون السيارات دون مبالاة ولا خوف من رادع يردعهم ، ويزد بعض هؤلاء السائقين الطين بلة عندما يقوم بالدوران للرجوع عبر الشارع الاخر غير مبالي بجميع السيارات التي في الشارعين .
هذه بعض المواقف التي صادفتني في بعض الايام وانا اسلك هذه الطريق ، ففي احد الايام كنت في احد باصات النقل الجماعي ذاهبا الى الدمام ، واذا بالسائق قد خرج عن الطريق ونزل في التراب ، وعندما قلنا له ما الذي حصل ، اجابنا بان صاحب احد الشاحات قد دار راجعا عبر الشارع الثاني دون ان يعطي اشارة بذلك وفاجئ الجميع بهذه الحركة ، ولكن الله سلم فلم تقع اي حوادث بسبب هذه الحركة التي قام بها .
كما صادفني موقف اخر عندما كنت استقل سيارتي الخاصة ذاهبا الى الدمام ، ومن يسلك هذه الطريق يعرف بانها من عند المدينة الصناعية الثانية بالدمام الى مدخل الخبر الطريق تكون اربع مسارات لكل شارع . صادفتني ثلاث شاحنات محملة بالبضائع تسير كل منا في مسار الى جنب بعضها البعض ، ولم يتركوا الا مسار واحد للسيارات الصغيرة ، والتي لولا كثرتها لما حصلت من اصحاب الشاحنات على مسار تسير فيه واجبرت على ان تسير خلف الشاحنات الثقيلة .
علما بانه في كافة دول العالم لا يسمح للشاحنات الا السير في المسار المخصص لها ، ولا يجوز لأي شاحنة التجاوز بهذا الشكل العشواء ، باي حال من الاحوال ، وذلك حفاظا على سلامة الاخرين .
غير ان الامر لدينا يختلف عما هو عليه عندهم ، فالشاحنات لها مطلق الحرية لاختيار اي مسار تسير فيه ، اما السيارات الصغيرة فليس لها الا مسار واحد تسير فيه ، وذلك بعد ان تأذن لها الشاحنات بالسير .
فلا عجب من ذلك اذا كنا نعيش في زمن العجائب
التعليقات (0)