على مائدة مرشد الإخوان الجديد:
انشقاقات ناعمة..انقلاب على الإصلاحيين..وشيء غامض في مكتب الإرشاد!
ممدوح الشيخ
المرشد السابق رحل وهو يبحث عن "شيء غامض" في مكتب الإرشاد!
اختيار بديع أسدل الستار على مستقبل محمد السيد حبيب نائب المرشد
حبيب النائب: إجراءات انتخابات مكتب الإرشاد والمرشد تخالف القواعد الداخلية للجماعة
قيادات إخوانية: نعم..هناك "ضبابية في اللوائح"... ولكن الملاحقة الأمنية هي السبب
الجماعة تتوجه لمزيد من التشدد وانسداد أفق الإصلاح داخلها
المرشد الجديد غير مقتنع بالعمل العام النقابي والسياسي وعندما كان أمينا لنقابة الأطباء البيطريين كان قليلا ما يحضر الاجتماعات
بديع يرى أولوية التركيز على والتربية وبالتالي تعد ليوم تكون فيه قادرة على التغيير الشامل
بديع يواجه الشكوك والتوقعات المتشائمة برسائل تهدئة وتطمين للداخل والخارج
خطاب بديع طبعة جديدة من الخطاب القطبي مع إضافة: التدرج والعمل السلمي والحوار ورفض العنف
إذا كان من شيء يمكن أن يرتبط باسم محمد مهدي عاكف مرشد الإخوان السابق في تاريخ الجماعة فلن يكون قبوله لأول مرة في تاريخ الجماعة أن يترك المنصب طواعية، فكل مرشدي الجماعة كانوا يبايعون "مدى الحياة"، وكان الموت وحده هو الذي يكتب نهاية ولاية كل منهم. لكن ما سيرتبط باسم محمد مهدي عاكف أنه أول من يشير إلى شيء غامض في مكتب الإرشاد!
ففي حوار له مع جريدة مصرية سئل عما يحدث في مكتب الإرشاد:
هل هناك سر لا تعرفه؟ أجاب: نعم ولست في عجلة أن أعرفه وهناك شئ غامض"!!!
وكان القيادي الإخواني الدكتور السيد عبد الستار المليجي الأمين العام السابق لنقابة العلميين والكاتب الإسلامي أحمد رائف (عضو الجماعة) أكدا في تصريحات أثارت جدلا وجود "تنظيم سري" يتحكم بالقرار في الجماعة ويسيطر على مكتب الإرشاد. وفتحت تصريحاتهما الباب لمطالبات أخرى بالإصلاح التنظيمي أشارت إلى وجود مخالفات مالية وخروج متكرر على اللائحة الداخلية والميراث المستقر للجماعة منذ إنشائها على يد حسن البنا عام 1928.
عواصف مكتب الإرشاد
أما المرشد العام الجديد فقد فتح انتخابه الباب لجدل كبير وأطلق ماكينة توقعات فيما بدت تصريحاته الأولى توفيقية وهادئة، لكن انتخابه أسدل الستار على مستقبل قيادي إخواني كبير كان قاب قوسين أو أدنى أن أدنى من منصب المرشد هو الدكتور محمد السيد حبيب نائب المرشد الذي اختار الاحتجاج دون الانفصال. فقد استقال محمد السيد حبيب من جميع مناصبه عدا عضوية مجلس شورى الجماعة بالداخل. وعقب إعلان الجماعة اسم مرشدها أعلن الدكتور محمد حبيب النائب اعتراضه على إجراءات انتخابات مكتب الإرشاد والمرشد، بحجة أن ذلك التصويت يخالف القواعد الداخلية للجماعة، فاختيار المرشد الجديد جاء "نتيجة الاختيار بدلا من الانتخاب".
وقد كان تنحي محمد مهدي حدثا مؤهلا لأن يعتبر مفصليا في تاريخ الجماعة لولا ما ترافق معه من عواصف أخرى تنظيمية تحولت إلى صدامات أطاحت الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وكادت تمنع الدكتور عصام العريان من الوصول لمكتب الإرشاد، ما ضيع على الرجل أن يجني ثمرة رفضه التمسك بالمنصب لفترة أخرى أو لفترة انتقالية. وكان المفترض أن يتم اختيار المرشد الجديد بواسطة مجلس شورى جديد للإخوان، لكن خشية رموز تيار المحافظين، وعلى رأسهم النائب الثاني محمود عزت من فراغ منصب المرشد لستة شهور دفعهم للتسريع في الإجراءات.
ولم يكن من الممكن مع خروج الأزمة للإعلان إلا أن يعترف قيادات بالجماعة بوجود خلل في تطبيق اللوائح الداخلية متحدثين عن "ضبابية في اللوائح"، وإن كان بعضهم برر القبول بهذه اللوائح بأن البديل "يستحيل مع التضييق الأمني على الجماعة". ويتخذ هذا التضييق الأمني من جانب آخر مبررا لإقرار أمورها بالتمرير، وهو أمر يتسبب في حرج كبير لدى كثيرين لأن التمرير ليس بالضرورة تعبيرا عن إجماع.
اشتباك الدعوي والسياسي
المرشد الجديد للجماعة الدكتور محمد بديع أستاذ علم الأمراض بكلية الطب البيطري، ليس من الوجوه المألوفة إعلاميا، وكانت تقارير إعلامية كشفت عن وجود اعتراضات بين أعضاء التنظيم الدولي على الدكتور محمد بديع حيث يروى هؤلاء أن الأجدر بالمنصب الدكتور رشاد البيومي، وكلاهما من تلاميذ منظر جماعة الإخوان المسلمين سيد قطب الذي تم إعدامه في محاكمة عسكرية في مصر عام 1965، وقد اختير الدكتور البيومي نائبا للمرشد الجديد.
ومن المؤشرات التي تحدد إلى حد كبير التوجه المتوقع للجماعة في ظل ولاية محمد بديع أنه محسوب على تيار أتباع سيد قطب ما يعني ترجيح توجه الجماعة لمزيد من التشدد وانسداد أفق الإصلاح داخلها، كما أنه يعني طي صفحة محاولة غير قليل من قيادات جيل الوسط في الجماعة لتطبيع الدور السياسي للجماعة في شكل يمنحه مشروعية دستورية وقانونية.
فالمرشد الجديد يرى دور الجماعة دعويا وحسب، بل إنه، كما صرح مصدر إخواني لـ "الوطن العربي" كان أمينا عاما للنقابة العامة للأطباء البيطريين لدورتين، فكان قليلا ما يحضر الاجتماعات النقابية اقتناعا منه بأن العمل العام – النقابي والسياسي – تضييع للوقت وأن الجماعة يجب أن تركز على التجنيد والتربية وبالتالي تعد ليوم تكون فيه قادرة على إحداث التغيير الشامل.
القطبية في خطاب جديد
والرجل في النهاية لا يستطيع أن ينتزع نفسه من تاريخه الطويل في الجماعة بوصفه المسؤول عن التربية الأيديولوجية في الجماعة، ومن الطبيعي بعد انتخابه مرشدا أن يرى أن دوره الرئيس الحث على الالتزام الصارم بتعاليم الإسلام في المجتمع أكثر منه في العمل السياسي.
وفي مواجهة هذه الشكوك والتوقعات المتشائمة افتتح المرشد الجديد ولايته برسائل تهدئة وتطمين إلى جهات عدة: الأنظمة العربية، وخصوصا النظام المصري، الأقباط، وقوى المعارضة. والجديد في خطاب التيار القطبي – كما ورد على لسان محمد بديع – انتهاج التدرج في الإصلاح، والعمل السلمي، واعتماد الإقناع والحوار وعدم الإكراه، وهذه صياغة جديدة لمنهج طالما عرف بأنه "انقلابي". والمرشد الجديد أعلن أيضا رفضه التام للعنف بجميع أشكاله، من جانب الحكومات والأفراد والجماعات على السواء.
وعلى المستوى التنظيمي اتخذ قرارا مفاجئا باستبعاد محمود عزت "الرجل القوي" من منصب الأمين العام للإخوان، وينقسم المراقبين بين من يرون التغيير محاولة لتأكيد أن انتخاب المرشد الجديد لا يعني انعطاف الجماعة نحو خيار "سيد قطب"، ومن يرونه خطوة تتوافق أكثر مع الطبيعة الشخصية لمحمود عزت الذي سيبقى مسيطرا كونه مغرما بدور "رجل الظل" الذي يقوم بالدور الأكثر تأثيرا دون ترجمة هذا التأثير في ظهور علني مساوٍ.
وللمرشد الجديد لجماعة الإخوان تاريخ أمني حافل فقد قبض عليه عدة مرات كما حوكم مرتين: الأولى العام 1964 وسجن حتى 1973 والثانية العام 1999 وحكم عليه فيها بالسجن خمسة أعوام.
التعليقات (0)