إنّ انسياق الحوثيين وراء الأجندة الإيرانية في اليمن و تنفيذهم بالحرف الواحد إملاءات السياسة الخارجية الإيرانية جعلهم في عيون معظم الشعوب العربية على أنهم عصابة مرتزقة تحاول مقايضة اليمن لإيران مقابل وعود من الصعب يمكن تحقيها كما فعل حزب الله و الأحزاب العراقية الموالية لطهران قبل ذلك ولم يشفع لتلك الجماعات لا التشبث بقضايا العرب المصيرية ولا التمسك بالثوابت الحزبية. فرغم أنّ قادة حركة أنصار الله يعلمون جيداً بأنّ مصير التبعية للسياسة الإيرانية سوف يكون مصيره الانهيار ولن ينقذها لا نووي إيران و لا فيلق القدس لكن رغم ذلك استمرت قيادة الحوثي بالمغامرة ليس فقط بالحركة بل احتفظت باليمن كرهينة لمساومته أمام أوهام استعادة حكم الإمامة لليمن زودتها بها طهران ضمن التبعية للمشروع التوسعي الإيراني في اليمن.
لكنّ الحوثيين رغم علمهم بأنّ التبعية لإيران التي تفصلهم معها حدود وخلاف في الراي و المعتقد استمروا بسياسة التبعية لطهران و تلقي الدعم اللوجستي والإعلامي من حزب الله اللبناني. من هنا فَقًدَ الحوثي حضوره العربي بعد تطبيقه لسياسة الانسياق للنظام الإيراني في نظر الشارع العربي المشحون ضد توجهات إيران في المنطقة العربية. لذلك سقطت المصداقية عن هذه الحركة وجعلها تفتقد لأي مبادرة تمكنها من أن تصبح في شراكة حقيقية مع بقية الأطراف اليمنية للمساعدة على الحل السياسي في اليمن. داخلياً يفضح تحالف الحوثيين مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح و يجعلهم انتهازيين لا يؤمنون بأي مبدأ في المشهد اليمني لان تحالفهم مع صالح في الوقت الذي خاض حروباً طاحنة ضدهم و من ثمّ تبعيتهم للمخططات الإيرانية في المنطقة خيّب آمال اليمنيين من ثمّ العرب وحول أنصار الله إلى جماعة منبوذة لا تدين للوطن بولاء.
إنّ الموقف الحوثي المتبدّل لا يختلف عن موقف صالح المتذبذب لكنّ المثير للاهتمام هو أنّهم استغلوا المشهد اليمني الذي يشهد اضطرابات مزمنة وذلك للسيطرة على هذا البلد مستخدمين نفس الأجندة التي تروّج لها طهران، حيث وظّف الحوثي التدهور الأمني لصالح الطموحات الإيرانية في المنطقة العربية فبعدما تحوّلت جماعة الحوثي إلى دمى بأيدي النظام الإيراني على حد وصف عبد ربه منصور هادي الرئيس الشرعي لليمن أقدموا على استخدام الأسلحة الإيرانية و الخبرة المقدمة من حزب الله لقتال إخوانهم اليمنيين في محاولة منهم لبناء دولة مسيّرة تنفّذ رغباتهم التي تسيّر من قبل نظام الملالي. في حين أنهم فشلوا في جميع الأصعدة السياسية منها و العسكرية لأنّهم عوّلوا على طهران الغارقة في مشاكلها. إيران سوف لن تدخل حرباً ضد التحالف العربي لنصرة أنصار الله لأنها لا تملك القدرة و جزا الله "عاصفة الحزم" خيراً لأنها هي التي أسقطت بعبع طهران و نظرية "الدولة التي لا تقهر في المنطقة" و كشفت حقيقة إيران لحلفائها الذين ينساقون خلف المشروع الإيراني في المنطقة العربية.
التعليقات (0)