مواضيع اليوم

انتظار مالا يأتى

انور محمد

2009-06-27 20:50:55

0

                                                               انتظار مالا يأتى

انظر إلى نفسك جيدا ، ثم انظر لمن حولك ، هل تجد من يشبهك ، هل تجد فيمن حولك جسدا كجسدك ، عينا كعينك ، وجها كوجهك ، لونا كلونك ، صوتا كصوتك ، ثم هل تجد ابتسامة كابتسامتك ، ضحكة كضحكتك ، بكاء كبكائك ،غضبا كغضبك ، وهل وجدت صبرا كصبرك ، وخوفا كخوفك ، وشوقا كشوقك ، ولهفة كلهفتك ، هل تحب كما يحبون ، وهل تكره كما يكرهون ، هل يشعرون بما تشعر ، وهل يرغبون فيما ترغب .
تمهل فى الإجابة قليلا ، فربما لم تنظر لنفسك من فترة طويلة ، أو ربما لم تنظر لنفسك من قبل ، حاولت أن أنظر لمن حولي كي أشاركهم مشاعرهم ذات مرة ، فوجدت ذلك ضربا من السخف ، فما معنى أن أعيش حياة غيري ، وأترك حياتي يتحكم بها الآخرون ، إننا عندما نستسلم للآخرين ، وندع لهم رأيا فى حياتنا ، ونفسح لهم مكانا فيها ، نتخلى عن دورنا مع أنفسنا ، إن حياتنا أهم من أن نتركها للناس يعبثون بها وفق أهواءهم ، أما حياتهم فهم أحق بها من غيرهم ، فلماذا تهون علينا أنفسنا هكذا ، هل نحن نعذبها ، أو نجدها غير جديرة بالسعادة ، إن أغرب ما تسمعه أن إنسانا ينشغل بالحياة وبالناس على حساب ذاته ، فهل تراه محقا .
لا تقل من الطبيعى أن كل إنسان مختلف عن غيره فى شكله ، فما بالك فى مشاعره وأحاسيسه ، هل أنت واثق من ذلك ؟؟؟ هل أنت مقتنع أنك مختلف عن غيرك ! فما سبب هذا الخلاف ؟ وإذا كنا نتكلم عن المحيطين بنا فى نفس بيئتنا فما بالنا إذا تحدثنا عن البعيدين عنا . وإذا كان الأمر كذلك فلا مجال للحديث عن الخطأ والصواب ، فلا تقل أن ما أفعله هو الصواب وما يفعله غيرى خطأ لأن الآخر سيزعم ذلك معك . وإذا كان هناك آلاف الناس وملايين البشر المختلفين عنا ، فكل واحد منهم يزعم كذلك أنه على صواب ، فلمن نترك الجواب ، ومن نقول له : الصواب عندك .
إن العجب كل العجب فيمن يترك نفسه وراء البحث عن رأى الناس ، فما ذا عساه ينتظر ؟ ماذا عساه ينتظر منهم وقد علم أن كل إنسان يرى بعينيه فقط ، ولا يرى بعيني غيره ، أكان ينتظر أن يشاهدوا كما يشاهد ، ويشعروا بما يشعر ، أم تراه كان يظن أنهم سيتألمون كما يتألم ، اعتقد أنهم لن يفعلوا ...
إنك عندما تنتظر من الناس رأيا أو حكما فلن تحصده لأنك تنتظر رأيا غير ما تشعر به ، وقولا غير ما تعتقده ، وستنفق أيامك الغالية التى تمر ولا ترجع وراء وهم أنت صانعه فمن راقب الناس مات غما ، وعليك إذا عزمت أن تتوكل على الله ، وما عليك إلا التحصن بالعقل والمنطق فهما طريقك للنجاة ، أما اعتمادك على ما يقوله الناس ، فهم يقولون اليوم ما ينكرونه غدا ، ويفعلون فى غيبتك ما يأمرونك بعدم فعله أمامهم ، وأعجب الأشياء هى ما يألفه الأنسان لا ما يسمعه من غيره ، فقديما كان أبو العلاء المعرى يخاف من صوت الذئب كلما سمعه ، فلما عاش فترة فى الصحراء وتعود على سماع الذئب كل ساعة أصبح يألفه ويطمئن لسماعه وصار خوفه من صوت الناس فقال :
 عوى الذئب فستأنست بالذئب إذ عوى
                            وصوّت إنسان   فكدت أطير 
                                      والله من وراء القصد 
                                                   بقلم :
                                              أنور محمد أنور

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !