كانت هذه كلمات احد الأصدقاء لي عندما كان يعمل في محطة art الرياضية .
نعم إن ا لإعلام له سياسة رسالة ورؤية وله لوبي
الأعلام غابة كثيفة فيه شلليه. وفيه سياسات وخطوط ورؤية ورسالة. لتلك الشلل. ليس كل من توظف فيه عرف هدفه وليس كل من كتب قراء له الجميع. الناس لو كتبت لهم عن غضب الله على شخص بذاته لأنه أقام حفلا لرأيت ألاف القراء يدخلون والمئات يعلقون.لأنه يستفز عواطف القراء لا عقولهم .. ولو كتبت عن موضوع أراه وتراه مهما لنا ولهم لما التفت إليك أحد. كثير من المنتديات توظف أناس من أديان وأعراق وأجناس وحتى الثقافات المختلفة بحسن نية كنوع من التعايش لكنهم لا يرون رسالة صاحب العمل تراهم ينفذون رؤيتهم ورسالتهم الخاصة الفئوية الضيقة في وسائل أعلامنا ويبررون ذلك بضرورة عدم إشاعة الكراهية!!!.
روح الشيلة معروفة في هذه الأوساط منذ زمن ..لكن اليوم نراها أخذت تتمدد في أوساط المجتمع العراقي ومؤسسات الدولة ..الرسمية والغير الرسمية ..وحتى في تجمعات أرباب المهن ..وغيرها
إذا كنت تملك موهبة كسر شفرة الدخول إلى هذه الشيلل المغلقة وتنال ما تريد فأنت محظوظ ..
إذا كنت غير ذلك وممن تضخم لديهم الضمير الخلقي ..وممن لست ممن يستعد لتقديم تنازلات فأنت ستواجه بمواقف عصيبة ..
أهم مخاطر روح الشلل هذه هي مزاجية أعضائها .. واستهتارهم .. ولا أباليتهم ..بل ذهب البعض بعيدا ..وخاض في أمور لا أريد ذكر أمثلة لها ..تركته يعاني من تبعاتها وثقل أعبائها دهرا طويلا ..
باختصار اقول ان روح الشيللة هي مرض هدام للمجتمع وعقبة إمام تكامله وتطوره .تجد التداخل والفوضى تعم جميع المجالات ..
مصلح كهربائي أصبح ..معالج طبي لفريق رياضي ..
طبيب بيطري لكنه ربما ابن بقال أصبح وزير التجارة
سائق يصبح مخرج تلفزيوني ......والأغرب اليوم ظاهرة المحللين السياسيين الذين يملئون الفضائيات ....وغيرها الخ
كل هذا يحصل بحثا عن التوافق في الميول والرغبات وبعيدا كل البعد عن الكفاءة والخبرة والسيرة الذاتية المناسبة ..
السؤال ألان لماذا تظهر هذه النزعة لدى الكثيرين ..
توصف مجتمعاتنا بأنها ريفية ..حتى المدن هي ريف أو قرى كبرى طبعا منذ زمن ..ولكن لهذا الزمن ظلال ألقى
على الحاضر ..هذه المجتمعات محافظة جدا ..لا تقبل ولا تسامح من يتهاون في تطبيق العادات والتقاليد
لكنها أيضا مجتمعات بدائية جدا حد الجمع بين السذاجة والبساطة معا,
بنشاء الفرد ويرضع هذه العادات ثم يكبر وتصبح لديه الرغبة القوية للتحرر أو الفطام من سلطان هذه السلطة الأسرية والقبلية والريفية المحافظة جدا ..
العلة تكمن هنا في إن بساطة المجتمع والقائمون عليه ليس لديهم منهج أو ثقافة يعتد بها لاستيعاب التغييرات الفكرية والنفسية والجسمية التي تطرأ على أبناء المجتمع مع التقدم بالزمن وأيضا مواكبة التطور في العصر ,
تصبح لدى الفرد صراعات عديدة أهمها تقبل شكله الجديد ..الصراع المادي والاستقلالية ..
الصراع الجنسي ..بين تقاليد البيئة الصارمة ..وبين ضمير ه الذي تضخم لديه الضمير الخلقي كثيرا ...وكيف له إن يلبي هذه الحاجات الأساسية ,
الصراع الديني بين ما يحمله من أفكار ملقنة وبين عقله الناقد الجديد ,
صراع بين الطموح الزائد من جهة وبين قلة حيلته وانعدام السبل إمامه ومحدودية الخيارات ..
والصراع بين نفوره أو عجزه من الاعتراف بهذا العجز أو الفشل (الواقع ومثالية الشباب )
اعنف الصراعات وأشدها وطئا هو الصراع الثقافي ..بين جيل الجديد وجيل الماضي ..خصوصا عندما تحدث تغييرا اجتماعية سريعة وحقيقية .. انه صراع بين جيل الأمس واليوم ..ويشتد هذا الصراع عندما يجد أبناء الجيل الجديد أن هناك من يعارض ثقافة جيل الأمس من جهات أو أناس يبدو أنهم أكثر حكمة من أبناء جيل الأمس ,
..كثيرة هي المشاكل في واقعنا واغلبها نفسي اجتماعي ..وغياب منهج متزن يثقف أبناء الجيل الواحد و ينور بصيرتهم ويزيح عن كاهلهم ثقل هذه الصراعات العديدة التي قد تشكل أزمة نفسية كبيرة.
لذلك تظهر اخطر مراحل هذه الصراعات النفسية وهي(( مظاهر الأزمة)) التي تتكشف في نفوس أبناء الجيل الجديد
منها التقلبات المزاجية ..فتراه يترجح بين الخشونة والميوعة ...والشدة والين, والإقدام والإحجام.. والضحك والبكاء ..
بين الإسفاف او الابتذال والمحافظة ..بين الأثرة والإيثار ..
تجده يصر ويقاتل في اخذ قرار ه بنفسه ..بينما تجده في الغد ..يطلب المشورة والمعونة في قرارات بسيطة وتافهة ..
تظهر لدى أبناء الجيل الجديد مشاعر الخوف من المجهول ..هل هو الطريق السليم أم لا ؟..
فتكون خياراته غير واضحة ومحددة ..يتغلب عليهم الو اعز الجنسي ويفلت من زمام السيطرة فيتحول من حيوان أليف إلى غول مرعب يقوض حياتهم الجنسية ..تظهر الرغبة الخوف من التمرد على سلطة الأسرة التي لم تقدم ما يلزم كي تكسب الابن الثقة بنفسه .. وثقافة المجتمع القائمة على تقريع الذات وجلد الذات وتضخيم المثالب والعيوب والنوازع والغرائز ..
تبلغ مظاهر الأزمة أوجها في ردود الفعل التي قد تكون بشكل تمرد او العدوان او الانكفاء والانطواء والهرب المادي او الانسحاب .. او ردود الفعل السيكولوجية في الانهيار والانحراف .
تأتي الحاجة هنا للتخفيف من التوتر الذي يكون أشبه بجبل الجليد الذي لا يرى ألا شيء القليل ..
ولعل الأخطر إن الشخص عاجز عن تحديد مشكلته ..فيصبح أشبه بسفينة فقدت ربانها تتقاذفها الأهواء والإغراءات والميول وكلا حسب استعداده الفطري وما تعلمه في مراحل عمره المبكرة ونوع المؤثرات التي يتعرض لها
هنا تنشا الحاجة والرغبة في إزاحة التوتر فنجد التمرد على التقاليد حتى بطريقة لبس ملابس غريبة او تسريحات شعر غريبة عن المجتمع والإسراف في تمضية أوقات الفراغ ..أو الانغماس في أحلام اليقظة ,
ونجد أن الكثير من هولاء يبحث عن التشجيع والتقبل لدى من هم من نفس مشكلته وان اختلفت وتنوعت الأمزجة ,
تصبح لدى هولاء الرغبة في إيجاد جماعة أو عقيدة أو شخص يشعرهم بالأمان.
عدم قدرة الفرد على العودة إلى عالم الصغار .. وجهل المجتمع في وضع ثقافة تقبل الجميع فيه ..
لكن نجد ان عالم الكبار وتقاليدهم السيكولوجية النسبية تجعل من العسير على أبناء الجيل الجديد ولوج هذا العالم ..الذي يشكو منه أنهم في عالم لا يفهمونه ..
ويتحكمون بهم دون نصح او توجيه او الاستماع إلى مشاكل الجيل الجديد الحقيقية ..
وتخذلهم معاهد التعليم أيضا لأنها لا تلبي حاجاته الأساسية ولا تستوعب طموحه الحالم ولا تعترف بشخصه ولا تقدم التوجيه لهم .
لم يبقى لديهم من مخرج للحل سوى ثلل الشباب يرتمون في أحضانها فهي تلبي في أعضاءها حاجاتهم الكثيرة ,
وتقبل البعض للبعض منهم وتبث فيهم روح الانتماء والشعور بالأمان ..لكن في ظل عياب منهج يرتب هذه العلاقات ويطورها والإشراف عليها تجعل هذه الثلل مرتع للأفكار الشاذة .. والتصرفات التي لا تمت بصلة الى القيم والأخلاق والعقائد والمهن ..
فنجد التدخين وربما شرب المشروبات الكحولية ..والبحث عن مصادر غير مشروعة للكسب ..والاعتقاد أن كل القيم والتقاليد مجرد عادات خرقاها يجب التمرد عليها ولو نفسيا ..فتتأصل عادات ضعف العقل والتبصر لدى أعضاء هذه الثلل ..
ويجعلهم أكثر انقيادا للمثل السيئ, والتأثر بالقوة الغاشمة طالما كانت هي المهيمنة .. والتأثر بدعاة الشر ..بذلك يمهد الطريق إمام ضروب الإغراء والدوافع الثائرة كي تصبح دستورا لدى هذه الثلل ..
عدم وجود جمعيات ومؤسسات تبحث عن هذه الثلل وتحاول إعادة تأهيل أعضاءها جعل من هذه الثلل البيئة البكر لنمو تكتلات وانتماءات شاذة في المجتمع بل ترى الكثير من القوى الخارجية وحتى الداخلية الفاسدة والرذيلة تجد في هذه الثلل مكانا لنشاطها ..
حتى اليوم نجد ما يعرف بالتوجهات السياسية لكثير من الجهات والحركات السياسية هي ليست سوى نوع من أنواع الثلل هذه بمعناها السيئ والمغلق والذي تتحكم فيه روح الأنانية والفوضوية المزاجيات والتخبط العشوائي نحو أقصى اليمين تارة ونحو أقصى اليسار تارة أخرى وانعدام الشعور بالمسؤولية .وعدم التمكن في التصعيد الفكري لأهداف هذه الثلل نحو أهداف أكثر سمو ورقي .
الخطر اليوم الحقيقي ان المجتمع وكل مؤسساته الأكاديمية والخدمية والإنتاجية والثقافية مهددة بالانهيار بسبب تأصل ما يعرف بالعمل روح الشيللة او ثلل الشباب في كل مفاصلها .
فتجد المدير والسكرتير والسائق والمحاسب مثلا هم من ثلة واحد همها إرضاء نوازع وإطماع أعضاءها بغض النظر عن الحقوق والمبادئ والأخلاق, بل نجد أنها تتكيف وتتلون مع كل زمان ومكان ..
إن الحل الحقيقي لهذه الإمراض الاجتماعية الخطيرة وتداعياتها هو إعادة تكوين ثقافة جديدة للمجتمع تبدأ من رعاية الأطفال وتحديد مسؤوليات الأسرة.. وتشذيب العادات التقاليد ,
وجعل المعاهد والمدارس متنوعة من كل الأجناس والأعراق والأديان ..فهذا الاختلاط ذو فوائد نفسية بالغة ..فهو يبدد الأفكار الغامضة والشاذة , التي يكونها الخيال والتلقين المتخلف لبعض ذوي الأفكار الضيقة ..
هذا الاختلاط يزيل المخاوف والشكوك تجاه نوايا وأفكار الآخرين ويبدد الشعور بلاثم وروح الاعتداء والاستعلاء والكراهية والازدراء التي يكنها جنس تجاه أخر او إتباع مذهب وعقيدة تجاه الأخر ..
ويشجع على ما يعرف بتسامي الروح وإعلاء الصفات الكمالية على الصفات الغريزية البدائية .
وإشاعة روح التسامح بين أبناء الأجيال حتى إن أخطاء البعض منهم ,
واحتضان ثلل الشباب في إقامة المعسكرات الكشفية لهم وبث روح المخاطرة وحب الاستطلاع وزجهم في أعمال خيرية كي يشعرون بحب الانتماء للمجتمع وإقامة منظمات وجمعيات تكسب هولاء مهارات ومعلومات من نوع جديد قد لا توفره المدرسة ,من خلال برامج علمية وخطط عملية مدروسة مسبقا وفق أسس ناجحة ومثبته ,حتى وان كلفت أرقام كبيرة من الجهد والمال ,لان بناء جيل بًناء عملية ليست سهلة .
وأخيرا لابد إن أقول ان العمل والنشاط الاجتماعي المنظم الهادف هو علاج اجتماعي نفسي هادف يزيد من ثقة الفرد بنفسه ..ولاشيء طبعا يودي الى تكامل شخصية الفرد مثل تعبئة قواه ومهاراته المختلفة في أعمال تؤدي بالنفع لصالح المجتمع.
التعليقات (0)