هل الاسلاميون الجدد في تركيا واندونيسيا احسن حالا حتى وصلوا الى نقطة البداية واللا عودة في تطوير واقع مجتمعاتهم لوضعها في بداية الطريق الى المجتمع الحضاري الذي يدعون اليه,في وقت عز فيه الدليل وكثرت المتاهات واصبح فيها الحليم حيرانا .
واين الاسلاميون التقليديين في الدول الاخرى من هذا المشروع الاسلامي وهل استوعبوا الدور المطلوب منهم لكي يرقوا بمجتمعاتهم الى بداية الطريق,واين هم من الفرص المتاحة لهم وهل يستغلونها بالشكل الصحيح في وقت افلست فيه الخيارات الاخرى.
الذي يترائى الى الذهن لاول وهلة في ظاهر الامر ان الامور تسير نحو الاحسن , ولكن اذا تعمقنا في النظرة نجد ان هناك 00000
- الشعارات المطروحة التي تحمل الخطاب الديني لا معنى لها فى الواقع وتعمق كل الجوانب والقيم السلبية التى شهدتها المجتمعات فى العقود الأخيرة من تغييب للعقل وتسطيح للحلول والتي لاتحمل اية تجديد في طياتها.
فخلال العشرين سنة الماضية ومع تغير المفاهيم والموازين في العالم وتحوله الى سيطرة القطب الواحد نلاحظ ان الاسلاميين التقليديين يعزفون على نفس الوتر السابق وبنفس عقلية الخطاب المستعلي من غير واقع عملي ملموس يدل على التقدم ولو خطوة الى الامام ان لم نقل تراجعا,في وقت تتسارع فيه عمليات التغيير في ظل العولمة.
بينما نجد الاسلاميون الجدد استطاعوا ان يبتعدوا عن الخطاب الديني وتميزوا بالخطاب السياسي العقلاني الواقعي الذي يخاطب كافة فئات المجتمع بحلول واقعية ترضي عقولهم وضمائرهم.
- ان الواجهة الدينية التي يرفعها الاسلاميون التقليديون جعلت من الدين وسيلة و مطية لباقي فئات المجتمع وحولت التنافس الانتخابي الى شعارات ولافتات يستوي فيها الاسلامي وغيره.
- وفي الحقيقة ان الاسلاميون التقليديون لم يحاولوا الاستفادة من افلاس وغياب المشاريع الفكرية الاخرى ليطرحوا مشاريع بديلة سياسية اخرى جديدة كبديل حقيقي للحكم الحالى ولم يقدموا أى فكرة اصلاحية ملهمة للناس ولم يدافعوا عن إصلاح سياسى حقيقى أو تنمية اقتصادية يشعر بها أغلب المواطنين، فكان شعار «الإسلام هو الحل» بديلا وهميا أقنع بعض البسطاء بأن مشكلتهم سيحلها شعار فضفاض لا معنى له فى عالم السياسة,كما انهم لم يغيروا من شعاراتهم التي كانوا يرددونها في السبعينيات ليستفيدوا من قوة الطرح امام افلاس الاخرين.
- والمشكلة المطروحة الان ,انك عندما ترفع شعار لاحل الا بالاسلام,تكون قد نسبت الاصلاح الى الاسلام ووضعت مشروعك وفكرك في ميزان الفشل او النجاح, ومن دون شكك بمقدرة الاسلام على الحل الصحيح ,فان فشل الاسلاميين في الحل سوف ينسب الى الاسلام ونكون بذلك قد عقدنا الامور اكثر من تبسيطها كما حدث في تجربة السودان وافغانستان.
- إن البعض لايزال يتصور تحت تأثير السياق الحالى الذى غيب فيه العقل عن المجتمع الاسلامي أن هناك حكماً إسلامياً نقياً خالياً من أهواء البشر، ويختلف عما سمى «النظم المادية»، وهو رأى فيه جهل بالدين والسياسة معا، لأن هذا الحكم سيطبقه بشر وليس ملائكة، وبالتالى هم فى قلب السياسة بمعناها النسبى وأحيانا المراوغ وليس الدينى والمقدس واية فشل في الاصلاح سوف ينسب الى الدين
ان على الاسلاميين التقليديين ان يوجدواالشعارات السياسية والاقتصادية التي تشرح برامجهم الاصلاحية، لا ان يتمسكوا بشعارات عامة وفضفاضه ليس لها أرجل فى الواقع مثلما فعل الإخوان في مصر مع شعار «الإسلام هو الحل»، ومعهم تجارب الفشل فى الفكر الإنسانى كله سواء كانت دينية أو شيوعية أو قومية,
ثم هناك نقطة اخرى ,هل عندما ننادي ونرفع شعار «الإسلام هو الحل» نقصد تجربة السودان «الإسلامية»، أم تجربة طاليان الأفغانية، أم هو تجارب الاسلاميون الجدد وتجارب النجاح على يد أحزاب ذات مرجعية ثقافية وحضارية إسلامية وتبنت برامج سياسية مدنية وديمقراطية لاترفع الشعارات الاسلامية، مثل حزب العدالة والتنمية فى المغرب وتركيا، أو تجربة ماليزيا الملهمة؟!
لا بد هنا من وقفة للتذكير بأن على الاسلاميين التقليديين ان يدركوا ان الإسلام كدولة تميزت بسياستها عبر تاريخها الطويل لمختلف الديانات و الطوائف دون إكراه لأحد على اعتناق الإسلام ،كما انه يملك تاريخا طويلا من الممارسة ، أغنى و أطول بكثير مما تراكم حتى الآن من تجارب لدى المفكرين العرب الجدد . و من ثمة، فلا غرابة ، إزاء هذا الزخم التاريخي ، أن يتسم موقف الاسلاميين التقليديين ، في العالم الإسلامي ، بكثير من الارتباك و التريث قبل الحسم في الاختيارات والتاسيس لعقلية اصلاحية تنبض بكل ميزات الفكر الاسلامي وعقلانيته وامكانيته في انتشال الامة من واقعها المتردي .
صحيح انه امام الاسلاميين, بما يملكون من تراث وزخم فكري, مهمة صعبة لانجاح التغيير,ولكن الامل المنشود قريب ويحتاج الى عمل دؤوب متأني يصل بالامة الى التغيير الاجتماعي المنشود.
كما أنه يبدو أن هذا التريث الحذر،المرهون بانتظار التوصل لإنجاز قانوني فقهي يواكب العصر و يوافق الأصالة التاريخية للأمة ، صار أطول مما هو متوقع ، و لا يلوح، حاليا، ما يبشر بقرب فرجه ، مع الوضعية المتردية للتعليم ، في زمن العولمة الاقتصادية الأنانية . و زيادة على ذلك ، هناك أهم هذه العوامل الذي يكفي الوقوف عليه وحده ، و هو العجز الموجود في المجتمعات الاسلامية حتى الآن في تخريج منظرين قوي الحجة و الإقناع في الفقه المقارن لكي يبدؤواالتجديد ، الذي يحتاج الى علماء ومفكرين ، قادرين على تفكيك الفكر التشريعين الإسلامي و الأوروبي، و العمل على إيجاد قواعد لملاءمتها أو معادلتها مع التراكم الفكري الحاصل في المجتمعات الاسلامية، و التي ما زالت تشكل صلة وصل لا غنى عنها… خاصة و أن الفقه الإسلامي غني بتراثه المدون في الاجتهادات الفقهية المتنوعة ، التي تم تقلها بكل أمانة عبر مختلف العصور و الأمصار . أضف إلى كل هذا ما يتسم به التشريع الإسلامي ، من تيسير و اعتراف بالأعراف والشرائع المختلفة، بحيث أنه كان دائما ، بطبيعته ، يتسع لمبادئ العلمانية و العقلانية قبل أن تتسع هي له أو لغيره من الأديان و المعتقدات .
التعليقات (0)