وردت علي رسالة غريبة الاطوار هذا الصباح في بريد الالكتروني.
انها تحمل امضائي و صلتني من ظلّي. تحمل عنوان : اخر تنبيه قبل قطع جميع العلاقات بيننا.
فتحتها في عجلة و اصابعي ترتعش.
فحوي الرسالة ان ظلي سئم مني فهو يقول انه يلازمني منذ سنوات خلت و قد ملّ ذلك فهو يجدني على حدّ تعبيره ثقيلة الظل و العقل. و هو يتوق الى شيء من التغيير. يواصل و يقول انني احرمه من حقه في الترفيه فنادرا ما امكنه من سماع الاغاني الشبابية الخفيفة و لا احمله ابدا الى حفلات الرقض و اطيل التامل و التفكير و البحث عن الاسباب و المسببات و هذا مع مرور الزمن يقرفه مني.
كما اطنب في قدحي بوصفي لا اضيف له شيئا و لا انفعه في شيء فقد اشتاق كثيرا الى امواج البحر يلقي بنفسه بين احضانها لكنني اتفنن في تعذيبه فانا من عشاق البحر المتأملين وليس السابحين فيه و الغاطسين.
يردف فيقول انني كائن غريب جدا فكل الظلال تخبره بجمال البحر صيفا و متعة النظر الى خلق الله المرتدين اجمل الحلل و اخفها ايام القر و يشكوني لانني لا ارتاد البحر الا ايام المطر.
مازاد الطين بلة هو انه يجدني معقدة الى ابعد الحدود لا اصلح للصحبة و لا للرفقة و هو يتوق الى ظل يسير معه جنبا الى جنب و يؤنس وحدته فقد تقدم بنا العمر كما يقول ظلي و هو يخشى ان لا يجد ظلا يرتضيه خلّا من هنا فصاعدا.
يا له من ظلّ مغرور و تافه . هذا ما قلته في قرارة نفسي.
رفتت سماعة الهاتف و افضيت الى امي بهمي. انهالت علي تقريعا و قالت هذا ما كنت اخشاه. يا ربي انه فأل شؤم. لا تعودي الى المنزل الا و ظلّك معك. مفهوم؟
سالتها و ما نفعي به يا ماما؟ اجابت انه يدرأ عليك اخطارا لا تعلمينها و يحجب عنك اسرارا لو بلغتكي لما تحملتيها.
اجبت في خيبة كبيرة : حسنا يا ماما سأحاول اقناعه بان يبقي ظلّا لي.
رجعت الى الحاسوب و ضغط على زر الاجابة. كتبت ما يلي : ظلّي العزيز الذي ليس لي سواه ارجوك ان تتفهمني و تحاول القبول بي مجددا و اعدك انني سابذل قصارى جهدي لارضائك من هنا فصاعدا.
سأرمي الكتب الفلسفية فلا حاجة لي بها بعد اليوم. و ساحرق كل شرائط الفن الجميل و اشتري البومات نانسي عجرم و هيفا و سوزي و لؤي و يارا و مارا و سارا... و ساغير القنوات المفضلة لن اشاهد بعد اليوم الجزيرة الوثائقية و لا القناة الفرنسية ساضبط ساعتي على مهنّد فهو يستحق الاهتمام.
و ساخذك للتنزه على شاطئ البحر كلما طاب لك ذلك و اعدك بحفلة راقصة في القريب العاجل.
ظلّي العزيز اسفة على كل الحرمان الذي بلغك مني و اعاهدك انني ساغير من نفسي.
فهل تفظّلت بمنحي فرصة اخرى؟
ارسلت الردّ و انتظر قرار ظلي فلا اخفيكم علما انني تحريت عن الامر و قد بلغني انه ظلّ محترم مقارنة بظلال اخرى.
ختام البرقاوي
تونس- 04-06-2009
التعليقات (0)