البلاغة عند العرب
اما بعد, فان الجهاد باب من ابواب الجنة فتحه الله لخاصة اوليائه, و
هو لباس التقوى , و درع الله الحصينة , و جنته الوثيقة , فمن تركه
رغبة عنه , البسه الله ثوب الذل , و شمله البلاء , و ديث بالصغار و
القماءة , و ضرب على قلبه بالاسهاب و اديل الحق منه بتضييع
الجهاد , و سيم الخسف , و منع النصف , الا و اني قد دعوتكم الى
قتال هؤلاء القوم ليلا و نهارا , و سرا و اعلانا , و قلت لكم :
اغزوهم قبل ان يغزوكم , فوالله ما غزي قوم قط في عقر دارهم الا
ذلوا , فتواكلتم و تخاذلتم حتى شنت عليكم الغارات , و ملكت عليكم
الاوطان . فيا عجبا ! عجبا و الله , يميت القلب و يجلب الهم : من
اجماع هؤلاء القوم على باطلهم و تفرقكم عن حقكم ...
فقبحا لكم و ترحا , صرتم غرضا يرمى , يغار عليكم و لا تغيرون ,
و تُغزون و لا تَغزون , و يعصى الله و ترضون .فاذا امرتكم بالسير
اليهم في ايام الحر قلتم : هذه حمارة القيظ , امهلنا يسبخ عنا الحر !
و اذا امرتكم بالسير اليهم في الشتاء قلتم : هذه صبارة القر , امهلنا
ينسلخ عنا البرد !
كل هذا فرارا من الحر و القر , فانتم و الله من السيف افر , يا اشباه
الرجال و لا الرجال ! حلوم الاطفال و عقول ربات الحجال .
لوددت اني لم اراكم , و لم اعرفكم !
معرفة و الله جرت ندما , و اعقبت سدما . قاتلكم الله ! لقد ملاتم قلبي
قيحا , و شحنتم صدري غيظا , و افسدتم علي رايي بالعصيان و
الخذلان !!
من خطبة امير المؤمنين , سيدي على بن ابي طالب . كرم الله و
جهه و رضي عنه و ارضاه .
نهج البلاغة
كلمات امير المؤمنين علي بن ابي طالب , كرم الله وجهه .. قد لا يعرفها الكثيرون ممن يحبون
علما من اعلام امتنا الاسلامية .. يظن البعض اننا المسلمون ننسى من اضاؤوا دروب الامل .
لا اعلم اين اختفى كتاب نهج البلاغة , الا ان كتابا قديما في مكتبة العائلة . كغيره مررت
هذا اليوم في جولة تفقدية لما اكون قد اهملته و خوفا من العتاب او سخريات مناهل عزيزة.
وقعت يدي على كتاب مجتمع الكراهية لمؤلفه المرحوم سعد جمعه "
رئيس وزراء اردني سابق1967 "
يتكلم عن واقعنا قبل اربعين عاما و الذي و ان اختلفت الظروف او الوجوه او المسميات
الا ان الخطاب العربي العقائدي " الايديولوجي " لا زال يمارس القهر الفكري , على كافة
شرائح المجتمعات العربية , بالتعاون مع الانظمة السياسية العربية و الغربية , مع فارق بسيط
جدا ( اختفاء الاتحاد السوفيتي ) الا ان من يظنون انفسهم روادا و احرارا او علمانيين وجوديين
او كما يحلوا لهم ان يطلقوا على انفسهم "ملحدين و انهم ضد الدين " فان ادبياتهم هي الاخرى موروث
تاريخي . و كان التاريخ يعيد مضغ الماضي و اجتراره .واقعا مريرا و مقرفا ..
فمتى يتحرر الفكر الانساني من سخافة و قذارة التعالي على الاخر ؟؟؟
التعليقات (0)