مواضيع اليوم

امسك....توكيل مزور!(2)

ممدوح الشيخ

2010-12-09 02:19:51

0



بقلم/ ممدوح الشيخ
mmshikh@hotmail.com

 

لا جدال في أن الترشح لمجلس الشعب حق لكل مواطن وأن صندوق الانتخابات هو الذي يجب أن يحسم المعركة، لكن أي طبيب جراح مهما بلغت مهارته، لا يستطيع أن يجري عملية جراحية ناحجة بمطواة قرن غزال أو في غرفة ملوثة أو في موقف ميكروباص!
ومن المراحل المهمة في التزوير التخريب المنهجي للبيئة السياسية التي تنمو في تربتها بذور المشاركة السياسية من حياة حزبية وانتخابات وغيرهما. ومن يحاول قراءة ما حدث في الانتخابات الأخيرة في ضوء هذه الحقيقة، يجد أن المشهد الانتخابي المصري أصبح مليئا بمن يبدأون المعركة وهم لا يفكرون إلا في تزوير التوكيل....وهذا خطير جدا جدا جدا. وهناك الآن مفهوم توليه العلوم الاجتماعية اهتماما كبيرا هو "تلوث البيئة الأخلاقية".
وأحد أهم المتخصصين في مفهوم "البيئة الأخلاقية"، الأميركي مايكل نوفاك، يرى أن الحرية ببعديها السياسي والاقتصادي تستند إلى عامل مساعد يتمثّلُ في البيئة الأخلاقية. وفي تجربة نشأة أمريكا كان هناك من بين الآباء المؤسسين من يرى أن من لا يستطيعون ضبط مشاعرهم وعواطفهم في حياتهم الخاصة، لن يكونوا قادرين على ضبط أنفسهم في المجال العام. والترجمة المصرية لهذا أن المناخ العام، قبل صندوق الانتخابات، كان يجب أن يمنع كثيرين من الوصول للمجلس لأنهم لا يملكون جدارة الوصول إلى المجلس الموقر.
ومن الخلاصات المهمة لمايكل نوفاك أن ممارسة الحرية محمية بحارس أمين هو: العادات السليمة. ومعظم الناس قادرون على ممارسة الانضباط لكن عندما يكون المجتمع المحيط مُساعداً لهم في القيام بتلك المهمة الصعبة، يكبح جماحهم عندما يمضون بعيداً، ويشجعهم بالقدوة. ويؤكد نوفاك أن "ثقافة أمينة ومحبة للحقيقة ومستقيمة تجعل من السهل على المرء أن ينضج باعتباره كائناً أخلاقياً". و"ضمن ذلك تطوير عادات صحيحة وطباع وثيقة، وأن نسلك في هذه الدنيا مزوَّدين بالحماس والاستقامة والثقة والأمل. أما النشوء في بيئات ثقافية رديئة أو فاسدة أو كارهة للحقيقة؛ فإنه لا يجعل هذا التطور المتقدم صعبا فقط؛ بل إنه يجعل النجاح نادرا أيضاً".
وأرجح أن كلام هذا العالم المسكين نضوج الإنسان ككائن أخلاقي كان يمكن لو كان مصريا ووقع كلامه في يد واحد من حبايبنا لذهب وراء الشمس، فالكلام يمكن أن يضع اسم صاحبه فورا في قوائم "الأخلاقويين" الذين يستخدمون الدين لتحقيق أغراض سياسية.
والخلاصة ياسادة يا كرام أن المجتمع الكاره للحقيقة ..الذي يؤكد مثلا أن الانتخابات نزيهة وأن استخدام البلطجة محاولة للإساءة لسمعة مصر..وأن نتائج الانتخابات دليل على شعبية النظام و..هو مجتمع لا يمكن تحقيق النجاح فيه أما التطور والتقدم فلا تسأل عنه لأنه لن يتحقق ثم لن يتحقق ثم لن يتحقق. وطبعا فلاسفة النظام لا يغير قناعاتهم الراسخة هذا الكلام الفارغ الذي يقوله شخص نكرة مثل هذا العالم الأمريكي، فالحكمة لها منبع واحد هو أمانة السياسات بالحزب.
وعلى طريقة صفوت الشريف أمين عام الحزب الوطني الديموقراطي بصوته المعدني الرنان وشعره النادر المثال الذي لا يدركه الشيب (على الأقل مقارنة بشعر الدكتور علي الدين هلال مثلا) أستطيع أن أؤكد أن المصريين – كل المصريين – يؤيدون التضحية بالمناخ الداعم للنجاح والمساعد على التقدم حفاظا على خصوصيتنا الحضارية التي لا تقبل أي تدخل أجنبي في شؤون مصر حتى لو كان من واحد من أهم المتخصصين في العلوم الإنسانية في العالم!
ويبقى السؤال: ترى بماذا يشعر الدكتور أيمن نور في هذه "اللحظة التاريخية" وهو يرى "ملحمة التزوير الوطنية"...بعد أن دفع الرجل سنوات من عمره بتهمة تزوير توكيلات تأسيس حزب الغد؟
ومن السؤال تتناسل أسئلة أخرى بعضها مفزع وبعضها مكئب وبعضها يبعث على التشاؤم بعض أن أصبحت الحياة البرلمانية سباقا وحشيا على تزوير توكيل النيابة عن الأمة. وقد قال أحد قيادات الحزب الوطني – وكلامه صحيح تماما – إن أطرافا عديدة استخدمت البلطجة، وبالتالي أصبح السباق البرلماني بين أنياب قوتين مفترستين: السلطة و"المتنافسين الجدد"، وهم تعبير عن أزمة اجتماعية أعمق غورا بكثير من أزمة النظام السياسي، فتغيير النصوص تحقق المشروعية الإجرائية، أما مشروعية القيم الأخلاقية الحاكمة للتنافس فلا بواكي لها، وكلما اتسعت دائرة من يعنبرون ذلك ترفا أخلاقيا كلما اتسعت مساحة الأرض التي يلتهمها "المستوطنون الجدد" وأعني بهم البلطجية!




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !