مواضيع اليوم

امسك....توكيل مزور!(1)

ممدوح الشيخ

2010-12-09 02:22:33

0



بقلم/ ممدوح الشيخ
mmshikh@hotmail.com

سبب كتابة هذا المقال هو خاطر شرير ألح على ذهني هو: ترى بماذا يشعر الدكتور أيمن نور في هذه "اللحظة التاريخية" وهو يرى "ملحمة التزوير الوطنية"...بعد أن دفع الرجل سنوات من عمره بتهمة تزوير توكيلات تأسيس حزب الغد؟
وفي محاولة الإجابة توقعت أنه على طريقة الصيحة الشهيرة "امسك حرامي" سيضاف إلى قاموس لغتنا الدارجة عند الإشارة الانتخابات البرلمانية صيحة مماثلة هي: "امسك.....توكيل مزور".
وقد يختلف القانونيون في ما إذا كان هناك خلاف دقيق بين النيابة والوكالة، لكن ما لا خلاف عليه بمقياس الفطرة الذي هو أعمق تغلغلا في النفس الإنسانية من المعارف والعلوم كافة أن النيابة الوكالة كلاهما "أمانة".
والمجالس النيابية ظهرت بعد مشوار طويل من التجارب الإنسانية مع التنظيم السياسي فكانت خلاصة تاريخ البشرية مع مشكلة التنظيم السياسي لمواجهة الاستبداد والفساد ولمنع التدافع السياسي من أي يكون حربا أهلية. ومن أراد أن يتخيل الحياة السياسية في أمة ليس بها تمثيل برلماني حقيقي فليحاول أن يتخيل القاهرة بكل ما يمرق في شوراعها من مركبات دون تخطيط مروري، ودون إشارات مرور تسمح بالمرور أو تمنعه وفقا لتظام محدد. أو فليشاهد حلقة من برنامج "خلق ليفترس" على قناة ناشيونال جيوجرافيك أبو ظبي!.
وحتى يكون التوكيل الذي يحصل عليه النواب في أي مجلس تمثيلي في العالم حتى لو كان في بلاد واق الواق أن يكون قائما على التراضي وإلا كان توكيلا مزورا لا يعتد به دستوريا ولا سياسيا وقانونيا والأهم أنه لن يعتد به أبدا من الناحية الأخلاقية.
ومحترفو تزوير التوكيل للنيابة عن الأمة ليست مشكلتهم الأخطر أنهم طلاب سلطة أو بل مشكلتهم الأخطر أنهم ميكيافيليون بدرجة يصعب وصفها. والفقر الحقيقي في مصر الآن هو فقر "المبادئ" لا "الموارد". ومع غياب دولة القانون أصبح هناك قناعة راسخة بأنك إما "قاتل أو مقتول"، أي أنك إما أن تكون بوضوح جزءا من آلة القمع والسيطرة والنهب وإما أن تكون مستباحا....ولا منطقة وسط بين حجيمين!
وأنا هنا لا أحاول التماس عذر أو تقديم تبرير لمن دفعهم هذا المنطق الافتراسي للهرولة نحو السلطة بكل أشكالها، لكنها محاولة لفهم مغزى الهجوم التتري لأنماط من البشر ما كان لهم ليفكروا مجرد تفكير في دخول السباق الانتخابي لو أنهم كانوا يرون مبادئ أخلاقية وتقاليد راقية تحكم التنافس السياسي، ومعظمهم يعلمون جيدا أنهم آخر من يصلح للجلوس تت قبة البرلمان، لكنهم يتدافعون للخطف من غنيمة حرب ليس لها صاحب!
وهذا الإقبال هو في معظمه ليس دليلا على حيوية سياسية يشهدها المجتمع المصري بل تعبير عن استهانة بالغة بالبرلمان ومكانته السامية والدور الرسالي للنائب البرلماني. ومن لا يستطيع التفرقة بين التنافس المحترم بين مرشحين لديهم القدر الكافي من المؤهلات السياسية والثقافية والأخلاقية – وأؤكد الأخلاقية – وبين تحويل البرلمان إلى فريسة يصل إلى لحمها من يملك من البلطجية أكثر من الآخرين، فلا معنى للحوار معه أصلا.
وطالما أن المسألة كلها أصبحت القدرة على اختطاف الكرسي أي "تزوير التوكيل"، فقد كان من المتوقع أن يكون من تنفتح شهيتهم لدخول المعترك هم من كانوا في التجربة البرلمانية قبل يوليو 1952، وأي تجربة برلمانية محترمة، من لا يجرؤون على مجرد التفكير في ذلك. ورغم أن التزوير بمعناه الحرفي من تسويد البطاقات والتلاعب بالكشوف....إلى آخر القائمة يحدث، فإن التشويه الأخطر للحياة البرلمانية تمثل في الهجوم الذي لا رحمة فيه على المعاني الأخلاقية التي كانت تحكم الممارسة البرلمانية وتحويلها إلى أنقاض. وقد بدأنا من الشعارات والممارسات والسياسات الشعبوية والجماهيرية حتى وصلنا إلى حضيض البلطجة.
وأذكر أنني خضت في انتخابات 1995 تجربة الإشراف على حملة انتخابية لمرشحة بحزب العمل فرأيت من نوعيات المرشحين ما يكفي وجوده – حتى لو لم يتم تزوير الانتخابات – للاقتناع بأن اللعبة الانتخابية في مصر أصبحت اسما على غير مسمى، وأحد هؤلاء المرشحين "التتار" ما زال يترشح. وقد رأيت صورته في الانتخابات الأخيرة مع أحد الوزراء المرشحين وتحتها تعليق يقول إن الناس كان تهتف له وللوزير كمرشحين متحالفين، وربما لو كنت في خفة دم الفنانة ماجدة زكي لقلت "حلة ولقت غطاها"، وأهو تعليق أهون من تعليق برضه!
وللحديث بقية




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !