يخطأ من يحاول تحليل مواقف العلمانيين في مصر تجاه القضايا المختلفة لا سيما قضايا الحريات العامة وكيفية إدارة الدولة في الوقت الراهن على أنها مواقف فكرية، فهؤلاء المدعوون علمانيون في بلادنا لا تعرف لهم نسبا لا إلى علمانية أو غيرها من الأطر الفكرية التي تجتذب الناس، ولا تعرف لهم شخصية محددة يمكن أن تتعامل معهم على أساسها، بل هم أشبه بالجسم الهلامي الذي لا تستطيع أن تمسكه بيديك..
في ظل النظام السابق كانوا يعارضونه ظاهرا، ويعقدون معه الصفقات باطنا، يرتضون بما يرمى لهم من فتات الأموال، في مقابل السكوت عن الاستبداد، أو على الأقل القيام بدور المعارض التمثيلي، الذي يضفى على الحكم الاستبدادي مظهرا جماليا، لكنه من نوع الجمال الذي يثير الغثيان والتقزز..
تعاونوا معه على إقصاء التيار الإسلامي المعتدل، والسكوت على التنكيل به، والزج برموزه في السجون والمعتقلات، رغم أن ذلك يتنافى مع مبادىء العلمانية، التي تعنى بالحرية الفكرية، وحق كل إنسان في اعتناق ما يشاء من الأديان، فضلا عن الرؤى والأفكار، واستخدموا في تشويه صورته وتفزيع الناس منه، لا سيما في مواسم الانتخابات التي يخرجون فيها من جحورهم كالفئران المذعورة صارخين "الحقونا الدولة الدينية على الأبواب.. الدولة الدينية ستقضى على الحريات، وتمنعكم من متع الحياة.. الدولة الدينية ستلبس نساءكم النقاب، وتجبر رجالكم على إطلاق اللحى، وتغلق السينمات، وتعطل السياحة، وستحكمكم بالحق الإلهي المقدس ..هذا على أساس أننا نعيش في أزهى عصور الديموقراطية والحرية، وأن الدولة الدينية ستقطع رفدهما الميمون..
وبعد الثورة وزوال النظام الطاغي، وقفوا حجر عثرة في سبيل الحريات التي طالما تباكوا عليها، واستخدموا أسلوب الإقصاء الذي طالما استخدمه النظام البائد، واستغلوا تمنكهم من وسائل الإعلام واعتلائهم عرشها في التلفيق والتخوين والتشويه للتيار الاسلامى المعتدل.. قالوا: نرفض الأحزاب الدينية ..رد التيار الاسلامى عمليا بإعلان الحزب الإسلامي المدني الذي اشترك في تأسيسه حوالي تسعين من الأقباط عدا النائب الثاني لرئيس الحزب الذي يعتبر مفكرا قبطيا مرموقا وارتضوا العمل السياسي تحت لواء هذا الحزب رغم مرجعيته الإسلامية..
وهم الآن يسعون جاهدين لإطالة أمد الحكم العسكري، وتأجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقرر إجراؤها في سبتمبر المقبل، بحجة أن الانتخابات ستكون مبكرة، وستفرز التيار الاسلامى البغيض إلى نفوسهم.. وما الخطر في ذلك أيها المهوسون بشهواتكم؟ أليس من أساسيات اللعبة الديموقراطية الاحتكام إلى صناديق الاقتراع؟ فلنحتكم إليها، ونجتهد سويا في حمايتها من التزوير وأعمال الشغب والبلطجة، ولننظر ما تسفر عنه من نتائج متقبلين إياه في رضا واطمئنان..
وإذا بهم يقعون في الخطيئة الكبرى "اتهام الشعب بعدم أهليته للانتخاب والتصويت، والتفريق بين المتعلمين منه وغير المتعلمين ".. لقد وقعوا في شر أعمالهم .. وماذا كان يقول النظام السابق " الشعب غير مؤهل للديموقراطية" نفس المنهج، ونفس الطريقة ..طريقة الإقصاء والاستبعاد طالما أن الإشراك سيمنعهم من الوصول إلى أهدافهم، وتحقيق مآربهم ..ألم أقل لك يا عزيزي إنها المصلحة الشخصية ولا شيء سواها، ولتذهب العلمانية ومبادئها، والديموقراطية وآلياتها إلى الجحيم..
وأخيرا: العلمانيون في بلادنا يسعون لإنتاج نظام مثل نظام مبارك في مصر، مدعومين من الخارج (.............) وستسفر الأيام عن تأكيد المظنون، وسأقول لك يومها بملء فىّ :يا عزيزي كلهم لصوص..
التعليقات (0)