انقلاب السحر على الساحر
كثيرا ما تخدعنا الاعمال البهلوانية و الحركات الرشيقة التي يقوم بها عارضوا رياضات السيرك و لاعبي الجمبازيوم و هم يلوحون باجسادهم في الهواء من ارتفاعات شاهقة او على مسطحات ارضية او بين اعمدة و عوارض معدنية . لا يحميهم من السقوط سوى ما يملكونه من سرعة توافق عضلي عقلي هذه المهارات لا يتقنها الا قلة من الناس و لو كان الجهد المبذول في التدريب و الاعداد مخلصا و صادقا لانها بحاجة الى مهارات من نوع خاص .
اما الاستغراق في الخدع و الحيل البصرية التي يمارسها - السحرة - على جماهير المشاهدين تجعلهم يلتقطون انفاسهم من هول ما يشاهدون من افعال غريبة و عجيبة تجعلنا في حيرة من امرنا و اكثر دهشة عندما نعلم انما هي تحايل على عقولنا ..
كما البهلواني و الساحر هناك الساسة الذين يتقنون فنونا لا تقل غرابة عما يدور في السيرك فهم يؤلفون روايات و ينسجون اساطيرا تنم عن حيلة و دهاء جديرين بالتقدير . خاصة اذا عرفنا ان تصويرهم الاسطوري لاي حادث لا تميزه الشعوب لشدة قربه من الواقع و يدغدغ احلام الطامحين و الطامعين بحياة اكثر رحابة و سعة . فتجد طوابيرا من المصفقين و المبشرين من شتى الطبقات الفكرية و الاجتماعية الذين ينبرون للمدح و التطبيل و التزمير في جوقات موسيقية متناغمة مع الراوي السياسي , فيظن كل الناس ان الزائف هو الاصل بينما الحقيقة هي المظلومة و المضيعة .
امريكا صانعة امجاد هوليود و انتصارات رامبو على الشاشة الفضية كان لا بد لها ان تترجم على ارض الواقع و لكن بنكهة شرق اوسطية و على ارض محتلة عملا عسكريا مميزا و لكن بطرقة فنية مبتكرة . لتواجه فشلها في حكم العراق عن طريق لجم المقاومة العراقية .. فعمدت الى مبدأ لا يفل الحديد الا الحديد بعد ان فشلت في ايقاد نيران العصبية الطائفية و العرقية و المذهبية . فخلقت رجال الصحوة الذين ما هم الا كومبارس له دور في مسرح الاحداث وفق سيناريو معد في البنتاغون . هذه المسرحية هي من فن الواقع الفعلي و العملي . توهمت الادارة الامريكية و كبار القادة العسكريين الامريكان ان هكذا عمل فني سيدر دخلا و يحقق انتصارات داخل العراق باقل كلفة ممكنة . لان تكلفة ادوار الكومبارس شيء رمزي مقابل ما يدفع للممثل البطل او ممن هم في الصفوف الثانية او حتى الثالثة من الممثلين . كادت ان تحقق المسرحية ايرادات عالية مادية و معنوية للوجود الامريكي و لكل من يؤيد تواجد المحتل الامريكي على ارض العراق .
لكن السحر لا يكون دائما محمودا اذا كانت خشبة المسرح او الارض التي تدور عليها الاحداث لا تتماشى مع السيناريو و لم تعط ما يستحقه الكومبارس من عطايا ليخلص في تمثيل الدور الهامشي المكلف به . فكيف اذا كان هذا الدور فعليا ليس تمثيلا لاجل الفن او الامتاع و اضحاك الجماهير بل انه عمل تراجيدي تسيل فيه الدماء الطاهرة الزكية و تطيح بارواح و تقطع اشلاء ان لم تكن لاشقاء و اخوة درب و نضال فانما هي اشلاء الكومبارس انفسهم .. و بثمن بخس غالبا لا يسمن و لا يغني من جوع ان لم يلطخ ببصمات تاريخية اقل ما يقال انه تعاون مع المحتل ضد الاهل .
اليس ما تورده وكالات الانباء و على راسها صحيفة نيويورك تايمز من انضمام مئات او الالاف من رجال الصحوة الى القاعدة او المقاومة العراقية انما هو فشل حقيقي لمسرحية فن الواقع الامريكي ؟؟
التعليقات (0)