لى اللقاء في جنات الخلد الحاجة زينب بنت محمود،،
الجمعة الموافق 9/3/2012 والذي هو يوم عيد من أعياد المسلمين وقبيل النداء الأول لصلاة الجمعة صعدت روح الحاجة (زينب محمود عبد الله) إلى بارئها بعد حياة مديدة فكانت البشرى .
هي نتاج تصاهر كريم بين أكبر أسرتين وأكثرهما شهرة بمدينة القضارف ، فوالدها (محمود عبد الله محمود) تعود جذوره إلى المغرب العربي حيث هاجر أجداده إلى السودان منذ زمن بعيد. وأمها (نفيسة حاج علي الكردي )من أصل كردي كان جدها من أثرياء القضارف وحكمائها وحكامها. فامتزجت شخصيتها بقيم الإيمان الكبير والعميق بالله سبحانه وتعالى والكرم العربي الأصيل ، امتلكت قوة الشخصية النضالية المترعة بالحكمة فكانت تجيد فن سياسة الأمور ، يلجأ إليها الكبار قبل الصغار عندما يحتار بهم الدليل ، كيف لا وهي حفيدة الشيخ الكبير (عبد السلام بن بشيش) المعروف بالمغرب العربي والذي كان له الكثير من التابعين والمريدين .
تزوجت وهي في ريعان شبابها من المرحوم (ابراهيم حسن الكردي) أحد أكثر شباب مدينة القضارف وقتها علماً وأدباً ، معرفة وثقافة ، ذكاءً ونبوغاً وتواضعا .
عاشت مع زوجها أجمل وأروع الأيام وأحلاها عشرة ومودة وسكينة احتراماً ووقاراً ، فأهدت الحياة من البنين خمس كأنهم الكواكب المنيرة ومن البنات ست من البدور . ولها من الأحفاد والحفيدات أربع ستون ثلة من الطيبين الوطنيين الأخيار .
كانت الراحلة المقيمة مجمع للكرم العربي الأصيل ونُزلاٌ لحسن الضيافة تستقبل ضيوفها بدارها العامرة بالحب والمودة وفيوض الحنان والكرم والاحترام وبابتسامات عريضة لا تفارق فمها ، وبوجه طلق المحيى تلوح منه البشاشة والحبور . تأتيك إطباق شتى من أصناف الطعام وأنت في معيتها ، تزاحم إطباقها إطباق من مختلف أنواع الحلويات والمعجنات تأتي من إمامها حافظات الماء المثلج ،ومن بعدها حافظات الشاي والقهوة ومشروب الكاكاو الساخن في ليالي الشتاء الباردة . لا تنطفئ لها ناراً ، كانت تسأل أبناءها وبناتها وهي طريحة فراش المرض وتتهيأ روحها الطاهرة لملاقاة بارئها تستفسرهم عما إذا كان زوارها بالمستشفى قد تناولوا الطعام وأُعد لهم الشراب وتنالوا أقداح الشاي والقهوة .
عاشت المرحومة وعلى مدى ثمانين عاماً خلت وفية لأبنائها بارة بأسرتها واصلة لرحمها تتفقد كبيرهم وتحترم صغيرهم . عاشت ومضت عاشقة ومخلصة لمدينة القضارف تتمنى الخير لأهلها والتقدم لمجتمعها كيف لا وقد أهدت المدينة من رحمها أبنها البكر مؤسس جامعة القضارف ومديرها السابق البروفسور (عمر ابراهيم حسن كردي) . وكوكبة من الطيبين الأستاذ والمربي الفاضل (صلاح ابراهيم كردي) ، والبروفسور (خالد ابراهيم كردي) المحاضر بجامعة الأمر نايف بالمملكة العربية السعودية للعلوم الامنية، والاستاذ (اسامة ابراهيم كردي) المدير الاداري لمحلية القضارف ، والاستاذ (طارق ابراهيم كردي) الموظف بجنيف بهيئة الأمم المتحدة ، والأستاذ (معاوية ابراهيم كردي) الموظف بالمملكة بالعربية السعودية .
ولقد فقدت مدينة القضارف برحيلها طبعة من الأجيال نفدت من الأسواق وعقمت أرحام النساء لن يلدن مثلها . لقد شكلت حياتها ومماتها مناسبة طيبة لالتقاء الأحباب والأصدقاء والأهل بعد عن عزت اللقيا في هذا الزمان المستحيل . لقد كانت جامعة للكل حتى وهي في مماتها .
الشكر لكل الأهل والأقارب بجميع إنحاء السودان وخارجه الذين شكلوا حضوراً رائعاً بمستشفى (رويال كير) ترك أطيب الأثر وعميق الامتنان في نفوس أبنائها وبناتها والشكر موصول لإدارة المستشفى وللأطباء والممرضين الذين ما بخلوا بشي في سبيل إنقاذ حياتها ولكن إرادة الله كانت هي الغالبة .
والشكر موصول لجميع الأصدقاء والمعارف والأحباب بمدينة القضارف الذين تدافعوا وشاركوا في مراسم تشييع الفقيدة إلى مثواها بمقابر (أحمد شرفي) الأخير والشكر لله من قبل ومن بعد والحمد لله رب العالمين.
إنما يريد الله أن يذهب عنكم الرجس آل البيت ويطهركم تطهيرا اللهم أعفو عنها اللهم ارحمها . واغفر لها . واغسلها بالماء والثلج والبرد ونقها من خطاياها كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدلها اللهم داراً خيرا من دارها وأهلا خيراً من أهلها وآنس وحشتها في قبرها ووسع لها فيه مد البصر واحشرها اللهم مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً وارحمنا اللهم إذا صرنا إلى ما صارت إليه . وصلى اللهم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
التعليقات (0)