شيركو شاهين
ــــــــــــــ
sher_argh@yahoo.com
شهدت الاسواق التجارية العراقية انفتاحاً حراً غير مسبوق على منتجات وبضائع عديدة وبمجالات مختلفة، الا ان مثل هذا الانفتاح غير المدروس وغير المنظم ضمن سياقات الأستيراد العالمية ادى الى ظهور العديد من الجوانب السلبية والتي انعكست بالضرر البالغ على المستهلك بشكل اساس وعلى الصناعة الوطنية بشكل عام.
واحدى هذه الاوجه السلبية لهذا الموضوع هو تجارة ما يسموه جزافا بتجارة زيوت المحركات والسيارات والحقيقة انه عبارة عن (غش زيوت المحركات والسيارات) والتي اخذت بالتزايد في مجمل السوق العراقية.
فطرح مثل هذه المواد التي جهل الكثير منا جهات انتاجها او استيرادها وبيعها بدون ضمير رادع تكون النتجية طبعا هلاك وتلف العديد من المحركات بخاصة للسيارات الحديثة منها فضلا عن ما تؤديه اصلا من حوادث تؤدي بحياة اصحابها وضياع وهدر للعملة الصعبة البلد.
حول هذه الظاهرة وحجم الضرر الناجم وموقف اجهزة الرقابة والفحص منها اجرينا التحقيق التالي.
هموم .. المواطنين
في احدى الاحياء الصناعية التقينا ببعض اصحاب السيارات والذين وقع عليهم الضرر بشكل مباشر.
(بشار داود-23عاما) طالب.. يقول:- اضطررت الى تبديل محرك سيارات الحديثة واستيراد المحرك من عمان لعدم وجوده في محالات قطع الغيار وذلك كله بسبب استخدامي لنوع من الزيوت المغشوشة، المشكلة اني وحين شرائي اعتمد على ماركة الشركة المنتجة وهي (....) فمن اين لي ان اعرف ان العلبة تمت تعبتئها بنوعية مغشوشة، اتمنى ايجاد حل لهذه المشكلة فالحالة فعلا لا تطاق.
السيد (ابو علي-35عاما) سائق سيارة اجرة وله خبرة في الموضوع اعرب عن رأيه قائلا:- اتعامل مع عدد مختلف من الزيوت بحسب حاجة السيارة، وبقليل من الخبرة من الممكن تمييز انوع الزيوت الجيدة من الرديئة، بخاصة السعة ونوعية التعبئة والتغليف، فالانواع المقلدة تعتمد على انواع معينة من الزيوت منتهية الصلاحية والمستوردة من الخارج حيث تكون اسعاره برخص التراب.
واضاف ان هناك زيوتاً معروفة في الاسواق وتمتاز بانواعها الجيدة، ورخص اسعارها مقارنة بالخسار الناتجة عن الزيوت المغشوشة.
(الحاج ابو رزاق -45 عاما) صاحب مولدة تغذي مجموعة من البيوت في منطقة الكرادة فاعرب عن تذمره الشديد قائلا:- اغلب اعطال المولدات الاهلية هي نتيجة الزيوت المغشوشة فنحن ما ان نتعود على نوع معين ووعملنا على شرائه مرتين او ثلاث حتى يغش هذا النوع، وطبعا النتيجة عطل المولدة ومصاريف متزايدة ومشاكل مع المشتركين لا حدود لها، فاتمنى ان تقوم وزارة النفط بتوزيع حصة شهرية منتظمة لاصحاب المولدات من الدهون العراقية ذات الجودة العالية وان تكون باسعار مناسبه لتكفينا بذلك شر اصحاب النفوس الضعيفة المنتشرين في اسواف هذا البلد.
اما رأي مصلحي السيارات فكان على لسان (سلام العبيدي-40عاما) ميكانيك سيارات فيقول:-
في السنوات الاخيرة اصبح ملموسا مدى تأثير غش الزيوت بانواعها على المكائن والسيارات وذلك من خلال تزايد عطلات محرات السيارات والمولدات.
فالزيوت اليوم غير امنة فضلا عن ان اغلب العلب تكون ناقصة الكمية وهنا يجب توجيه اللوم اولا الى اصحاب منافذ البيع بشكل خاص والتي تسهل ترويج مثل هذا النوع من المنتجات على حساب مصلحة المشتري.وبحسب قوله فان الضمان الوحيد لجودة الزيوت والحفاظ على المحركات هو تغير الزيوت لدى محال مضمونة ومعروفة في هذا المجال فضلا عن قيام هذه المحلالت بالتخلص من الزيوت المستهلكة بعد التبديل وعدم بيعها لضعاف النفوس وذلك لتجنب اعادة التصنيع.
والاهم من هذا كله تجنب الزيوت الاوربية والتركية على وجه الخصوص لانه عديمة المواصفات التي نحتاجها في اجواء العراق والمشابهة للظروف القياسية في الخليج.
منافذ البيع..
(محمد علي -33عاما) صاحب محل تجاري في مجمع السنك التجاري يقول:-
في السابق كانت هناك شركتين او ثلاثة اجنبية يتم استيراد زيوت المحركات عبر مركز وكلائها، وتلك الشركات ذات سمعة عالمية، قام وكلائها باستحصال موافقات رسمية من لجان الفحص والسيطرة النوعية الخاصة بوزارة النفط، لذا فقد حازت على ثقة الجمهور، فضلا عن ان الهيئة العامة للمنتجات النفطية العراقية كانت تطرح منتوجاتها بنوعية عالية تنافس العالمي وبمواصفات متميزة حيث اللزوجة والتفاعل مع درجات الحرارة. لذا فان السوق عموما كانت بعيدة عن عالم الغش والتلاعب واستطعنا ان نحوز على ثقة المشتري لدينا.
وما الذي غير الحال الى ما اصبحنا عليه اليوم!؟
الاستيراد اليوم يتم بعيدا عن اي فحوصات للسيطرة النوعية فنرى اليوم السوق مليئة بأسماء تجارية ما انزل الله بها من سلطان، والنقطة الثانية ازدهار التعبئة المحلية عبر غش العبوات الاجنبية وتعبئتها بزيوت معادة التصنيع وهذا طبعا نتاج التسيب الامني خاصة في المجال التجاري فالحكومة بالكاد تستطيع السيطرة على امن الشارع لذا تمر مثل هذه المخالفات دون رادع.
زميله (ابو علاء الحمداني-48عاما) وهو تاجر زيوت ايضا متخصص بالبيع بالجملة اضاف: اخطر الزيوت اليوم على في الساحة التجارية هي الزيوت الاوربية عامة والتركية خاصة، لانه لا توجد فيها اي من المواصفات القياسية في اجواء الخليج اما التركية منها فهي في الاساس مغشوشة ولا تحتاج الى غش!!
والحل بنظري ان تعود هيئة المنتجات النفطية الى زيادة حجم انتاجها والدخول الى سوق المنافسة عبر مواصفاتتها العالية واسعارها التعاونية حين ذاك سوف يعمد الكثير من من استسهلوا مهنه الغش الى التوقف، فالزيوت العراقية يشهد لها بمواصفاتها العالمية وثقة السوق فيها.
اما السيد (علوان دخيل-38عاما) وهو صاحب محل تجاري ايضا فيقول:-
معتمد في البيع على اسماء متعددة فالسوق المفتوح دفعنا للبحث عن المنافسه في عالم البيع، والسبب الاساس في ذلك هو المشتري، فالمشتري اليوم يبحث عن الارخص فقط متناسين مواصفات الجودة والمتانه لذا فنحن نحتاج الى الى وعي اكبر لدى المستهلك والشارع عموما الى أهمية اختيار النوعية المناسبه بخاصة مع دخول السيارات الحديثة الى اسواقنا.
اجهزة الرقابة..
حول دور اجهزة الرقابة في درع مثل هذه الممارسات والقضاء على الغش بمثل هذه الاسواق التقينا النقيب (سعد عبد الكريم-33عاما) واعرب عنه رأيه بالقول:-
ان الغش عموما مسلك من المسالك الضارة التي عرفها الانسان وحاربتها التشريعات وتعبر فترة التحول التي يمر بها مجتمعنا اليوم فترة خصبة لازدياد معدلات الجرائم بخاصة الجرائم الاقتصادية ومنها جرائم الغش، ويرجع ذلك لاسباب اهمها ضعف الاطار الاخلاقي والوضع الامني المتزعزع وزدياد الفرق بين طبقات المجتمع وضعف الاجور الامر الذي يترتب عليه رغبة المواطن في شراء المنتج الارخص ثمنا ويضاف لكل هذا النظام الاقتصادي الحر وما يتبعه من عدم تحمل قوى منافسه داخل السوف مما يزيد من معدلات جرائم والغش احداها.
اما عن دور الجهاز الامني في ردع مثل هذه الظاهرة، فأضاف:-
هذا الموضع في الاساس يعتمد على ضبط الواردات القادمة من المنافذ الرسمية والتشديد على المواصفات التقنية والنوعية للزيوت المستوردة وكذلك تحرك اجهزة الرقابة والسيطرة النوعية في الداخل من خلال المتابعة للاسواق ومنافذ البيع عبر الكشف المستمر، فيجيئ دور الشرطة في القاء القبض على المخالفين والمصنعين لها ودهم مثل هذه المصانع الاهلية المنتشرة بين البيوت ومن خلف الستار.
خلاصة القول
بعد هذه الجولة في احدى عوالم الغش المتفشي في بلادنا، فبين عذابات المستهلك وعدم اكتراث البائع واهتمامه نهاية بدور الجهاز الامني الشبه معطل عن اداء ابسط واجباته من حماية وضمان حقوق المستهلك البسيط اكيد سيكون لسان حالنا بعدها : (اصبر لك صبر ايوب).
نشر بتاريخ ((15/11/2008))
التعليقات (0)