دور رؤساء الكهنة والكتبة والفريسيون في عملية الصلب
ما يهم في قصة الصلب هنا هو علاقة رؤساء الكهنة بها لهذا سأقتصر على أبرز مواقفهم فيها.
1- حينئذ ذهب واحد من الاثني عشر الذي يدعى يهوذا الاسخريوطي الى رؤساء الكهنة وقال ماذا تريدون ان تعطوني وانا اسلمه اليكم,
فجعلوا له ثلاثين من الفضة. (متّى26/14-15)
هذا النص ناقشت ما فيه من أخطاء عند الحديث عن يهوذا, ولكن كما نرى ان اليهود بدأوا بالسعي الجاد للقبض على يسوع الاقنوم الثاني من الاقانيم الثلاثة الذين هم واحد ووضعوا مكافئة لمن يُلقي القبض عليه ثلاثين من الفضة!
فتم القاء القبض عليه ومضوا به الى رؤساء الكهنة.
2- والذين أمسكوا يسوع مضوا به الى قيافا رئيس الكهنة حيث اجتمع الكتبة والشيوخ. (متّى26/57)
فبدئوا باستجوابه وطلبوا شهوداً عليه فقام شاهدي زور.
3- وكان رؤساء الكهنة والشيوخ والمجمع كله يطلبون شهادة زور على يسوع لكي يقتلوه,
ولكن أخيراً تقدم شاهدا زور وقالا هذا قال اني أقدر أن أنقض هيكل الرب وفي ثلاثة أيام أبنيه. (متّى26/59)
وهذان الشاهدان أُلبست بهما تهمة شهادة الزور مع انهما لم يشهدا الا بما سمعاه من يسوع, كما في النص التالي:
- فأجاب اليهود وقالوا له أية آية تُرينا حتى تفعل هذا,
أجاب يسوع وقال لهم انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة ايام أُقيمه,
فقال اليهود في ست واربعين سنة بُني هذا الهيكل أفأنت في ثلاثة ايام تُقيمه. (يوحنا2/18-19)
فهذ نص واضح ان يسوع قال انه مستعد لبناء الهيكل خلال ثلاثة أيام اذا قام اليهود بنقضه!
وبعد هذا كان سؤال يسوع عن صفته ان كان هو المسيح أم لا كما ذكرته سابقاً اذ انهم كانوا يبحثون عن حقيقة قوله انه المسيح المنتظر.
ثم في الصباح أخذ رؤساء الكهنة يسوع بعد أن اقتنعوا انه ليس هو المسيح المنتظر الى بيلاطس الوالي الروماني واشتكوا عليه.
4- ولما كان الصباح تشاور جميع رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب على يسوع حتى يقتلوه فأوثقوه ومضوا به الى بيلاطس البنطي الوالي,
فوقف يسوع امام الوالي فسأله الوالي قائلاً أأنت ملك اليهود,
فقال له يسوع انت تقول. (متّى27/11)
وتفاصيل ما جرى بين يسوع وبيلاطس سأشرحه عند الحديث عن شخصية بيلاطس, وما يهم هنا ان بيلاطس خيّرهم بين باراباس ويسوع الاقنوم الثاني من الاقانيم الثلاثة الذين هم واحد فاختاروا باراباس!
5- ولكن رؤساء الكهنة والشيوخ حرضوا الجموع على ان يطلبوا باراباس ويهلكوا يسوع,
قال لهم بيلاطس فماذا أفعل بيسوع الذي يدعى المسيح,
قال له الجميع ليصلب,
فقال الوالي وأي شرّ عمل,
فكانوا يزدادون صراخاً قائلين ليصلب,
فلما رأى بيلاطس انه لا ينفع شيئاً بل بالحري يُحدث شغب,
أخذ وغسل يديه قدّام الجمع قائلاً اني بريء من دم هذا البار,
ابصروا انتم , فأجاب جميع الشعب وقالوا دمه علينا وعلى أولادنا,
واما يسوع فجلده وأسلمه ليُصلب. (متّى27/20-26)
وكانت هناك بعض الاحداث التي حدثت خلال تسليمه لهم حتى صلبه ولكن أبرز ما فيها هو هذا النص:
6- وكذلك رؤساء الكهنة أيضاً وهم يستهزئون مع الكتبة والشيوخ قالوا خلص آخرين واما نفسه فما يقدر ان يخلصها,
ان كان هو ملك اسرائيل فلينزل عن الصليب فنؤمن به,
قد اتكل على الإله فلينقذه الآن ان أراده,
لأنه قال أنا ابن الإله. (متّى27/41-43)
هذا النص يُلخص كل ما كتبته الأناجيل عن رؤساء الكهنة والفريسيين من بحثهم عن حقيقة يسوع باعتباره المسيح الذي ذكرته أسفار العهد القديم, فلو كان هو ملك اسرائيل الذي تنبأت عنه تلك الأسفار لنزل عن الصليب لأن ذلك الملك سيكون ملكه على كل الأرض, وليس معلقاً على خشبة, والى الابد!
ويمكن أن أعتبر أن هذا النص كان المحاولة الأخيرة ليسوع ليُثبت أنه هو المسيح المنتظر الذي ينتظره اليهود, ولكنه لم ينزل عن الصليب ويحكم الى الأبد مما دفع رؤساء الكهنة والشعب جميعاً للاستهزاء به, كما ان هذا النص ينقض قانون الاقانيم الثلاثة وان كان اليهود في ذلك الوقت لم يسمعوا به, ولكن قولهم انه خلص آخرين وأما نفسه فما يقدر أن يُخلصها, وهو قول يحمل كثيراً من المنطق اذ لو كان ما فعله صحيحاً لاستطاع أن يُخلص نفسه بدلاً من الصراخ الى الهه بقوله إلهي إلهي لماذا تركتني, فلو كان يسوع الاقنوم الثاني من الاقانيم الثلاثة الذين هم واحد لما احتاج الى كل هذا الصراخ حتى قال اليهود قد اتكل على الإله فلينقذه ان أراده, ولكن الرب لم ينقذه!
فلو كان هو احد الاقانيم لنزل عن الصليب كما قام من القبر كما تخبرنا الاناجيل, ولأظهر لهؤلاء المستهزئين به انه الاقنوم الثاني من الاقانيم الثلاثة!
ونزوله عن الصليب والجميع ينظرون إليه أقوى في الحجة من قيامه من القبر الذي لم يراه أحد من البشر كيف قام, بل ان بضعة نسوة, وإحداهن كان بها سبعة شياطين, ذهبن الى القبر فوجدنه فارغاً وعندما أخبرن التلاميذ انه قام لم يصدقوهن كلهم, مع انه أخبرهم عدة مرات انه سيقوم, حتى ان توما لم يصدق أن يسوع قام حتى وضع أصابعه في جراح يسوع وهذا كله بحسب ما كتبت الاناجيل.
والاغرب من كل هذا هو تعقيب متّى على قول اليهود قد اتكل على الإله فلينقذه الآن ان أراده, لأنه قال أنا ابن الإله, فهو بهذا التعقيب ينقض قانون الثالوث من كل أركانه, لأنه بهذا النص وهو يخبرنا أن الرب لم يُنقذ يسوع من الصلب فانه يشير الى ان يسوع ليس متكلاً على الرب!
وهذا لا يتناقض مع صفة يسوع فقط بل ويتناقض مع كون يسوع الاقنوم الثاني, كما ان تعقيبه بقوله لانه قال انا ابن الإله مما يشير الى ان أي متكل على الإله هو ابن الإله وهو ما ينفي كونه الابن الوحيد والحبيب!
وأخيراً ان تعليق يسوع على الصليب قد أعطى اليهود حجة لا تقاوم بان يسوع ليس هو المسيح فقط بل وكذلك ليس الاقنوم الثاني لانه يوجد مئات النصوص تثبت ان الانسان لا يقو على الرب فيسوع لم يقو عليه اليهود فقط بل وعلقوه على الخشبة.
- ايها الرب انت الهنا, لا يقوَ عليك انسان. (اخبار الايام الثاني14/11)
ايها الرب انت الهنا, لا يقوَ عليك انسان.
ايها الرب انت الهنا, لا يقوَ عليك انسان.
وبعد هل يستطيع أحد أن يقول بعد هذا الحديث الطويل عن شخصيات رؤساء الكهنة والفريسيين والكتبة وعلاقتهم بيسوع أن يقول ان يسوع كان ظاهراً بصفاته التي كتبتها عنه الأناجيل أو التي كتبتها قوانين الايمان للكنائس المختلفة؟
أم هل يستطيع أحد أن يقول ان اليهود رفضوا يسوع وهم عالمون أنه المسيح الذي تحدثت عنه أسفار العهد القديم؟
وأخيراً هل يستطيع أحد أن يقول ان يسوع كان يقول انه هو المسيح الذي تحدثت عنه أسفار العهد القديم, وأنه الأُقنوم الثاني من الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد كما كتبت قوانين الايمان للكنائس المختلفة؟
وللاطلاع على المزيد من مواضيع الاناجيل ارجو التكرم بزيارة روابط المدونة
نادر عيسى
التعليقات (0)